قُوبل قرار تحكيم مسلحي جماعة الحوثيين في محافظة عمران، باستهجان وانتقادات لاذعة داخل البرلمان اليمني، نال الرئيس عبدربه منصور هادي نصيبه الأكبر منها باعتباره من وجه لجنة الوساطة بحل النزاع هناك، ومن سيُعطي هذا التحكيم شرعية رسمية، بالختم الرئاسي الذي اشترطه الحوثيون. وأعلنت اللجنة الرئاسية المكونة من قادة عسكريين يتزعمهم العميد ركن دكتور قائد محمد العنسي توصلهم إلى اتفاق تهدئة لمدة 15 يوماً، وتحكيمهم للحوثيين ب12 بندق كلاشينكوف وقطيع من الأبقار، في قضية هجوم الحوثيين، الأسبوع الماضي، على نقطة أمنية في المدخل الشمالي لمحافظة عمران، أسفر عن قتلى وجرحى من الطرفين. النائب جباري يتساءل: هل دولة «التحكيم» هي التي ينتظرها اليمنيون بعد انتهاء مؤتمر الحوار، والمعمري: الدولة تتحول إلى مرحلة ما قبل القبيلة
لكن هذا الأسلوب، الذي عادة ما تلجأ إليه القبائل اليمنية في حل خلافاتها، عرّض الرئيس هادي وحكومة الوفاق واللجنة الرئاسية لسيل من الانتقادات وجهها رئيس المجلس يحيى الراعي ونواب من كتلة التجمع اليمني للإصلاح وآخرون مستقلون، في جلسة مجلس النواب التي عُقدت أمس الأحد.
تحدث النواب في مداخلاتهم عن مخالفة للنظام والقانون وعن إعطاء الجماعات المسلحة شرعية قتل الجنود بدون أي مبرر؛ علاوة على أن التحكيم الذي أقدمت عليه اللجنة الرئاسية يضيع هيبة الدولة ويُسقط حقوق وواجبات منتسبي القوات المسلحة والأمن.
بالمقابل، وقف نواب من كتلة المؤتمر الشعبي العام وعلى رأسهم النائب سلطان البركاني رئيس الكتلة، مُعلنين تأييدهم لقرار اللجنة، ومعتبرين أي حل آخر بمثابة تحيزاً لطرف سياسي بعينه، «كون ما يحدث من مواجهات هي بين طرفين سياسيين»، على حد قول نواب المؤتمر.
النائب المستقيل من حزب المؤتمر الشعبي العام علي المعمري، كان أول من أثار قضية التحكيم، مبدياً اعتراضه الشديد على قرار اللجنة الرئاسية، وقال «على الحكومة ضبط المجرمين لا أن تُحكمهم».
واعتبر المعمري، وهو عضو في مؤتمر الحوار الوطني، قراري التحكيم لحل مشكلتين الأولى في حضرموت والثانية في عمران هو «تحول الدولة إلى مرحلة ما قبل القبيلة».
وخاطب الرئيس هادي بقوله: انتخبناك لتَحكُمنا لا لتُحكِّمنا. جباري: لا يجوز للرئيس أن يحوّل الدولة إلى «مشيخة»، والمعمري: انتخبنا هادي ليحكمنا لا ليُحكمنا النائب عبدالعزيز جباري، ممثل كتلة حزب العدالة والبناء، أيد المعمري في حديثه وتساءل بقوله: لماذا لا تقوم الحكومة بجهودها بدلاً من التهجير (التحكيم القبلي)؟ وهل هذه الدولة المدنية التي انتظرها اليمنيون بعد انتهاء مؤتمر الحوار؟
وأرجع جباري ما حصل إلى الرئيس عبدربه منصور هادي باعتباره المسؤول الأول عمّا يدور في البلد، وخاطبه قائلاً: لا يجور للرئيس أن يحول الموضوع إلى مشيخه، ولدينا من القوات ما يكفي لحماية البلد وإنفاذ الدستور والقانون.
لكن النائب عن حزب المؤتمر نبيل باشا قال: إن هناك من يريد تحويل الجيش إلى صراع سياسي وهذا مرفوض.
وحذر النائب الإصلاحي الدكتور منصور الزنداني من «عنف سياسي» تعيشه 16 محافظة يمنية، داعياً الرئيس هادي إلى توجيه خطاب للشعب يكشف فيه عن المُخطط والمُنفذ والمُموّل لأعمال العنف، سواءً كانوا محليين أو إقليميين أو دوليين.
وسخر النائب عبدالرزاق الهجري من قرار اللجنة الرئاسية بالتحكيم، مقترحا «بيع الدبابات لشراء أبقار». وتحدث النائب علي الورافي عن الالتزام بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقال ساخراً: إذا كان الرئيس والحكومة يريدون تنفيذ المبادرة الخليجية فأنا أتحداهم أن يأتوا بنص يُلزمهم بالتحكيم والتهجير بالأثوار والبنادق.
وأيد رئيس المجلس يحيى الراعي، من يعترض على التحكيم القبلي للحوثيين في عمران، وقال: إذا في واحد يقطع الطريق الأصل ان احنا نأدبه مش نحكمه.
الراعي: إذا في واحد يقطع الطريق الأصل نأدبه مش نحكمه، والنائب الهجري يقترح بيع الدبابات مقابل شراء قطيع من الأبقار
وأضاف الراعي في معرض رده على أحد النواب: «الحكومة هانت القوات المسلحة والأمن، وإذا لم يكن الجندي رافع رأسه فما بش أمن».
لم يفلح الراعي الذي رأس الجلسة، أن يُنهي الحديث عن موضوع التحكيم، تحت إصرار الكثير من النواب على إبداء رأيهم حوله، وهو ما حدا بالنائب عبدالرحمن الأكوع إلى اعتبار مداخلات النواب «غير قانونية» لأنها ليست مُدرجة في جدول أعمال الجلسة.
بيْد أن الأكوع، خاض في الموضوع كغيره من الأعضاء، وقال «إن التحكيم لم يكن هو الأول من نوعه والأصل أن ننتقد كل تحكيم وليس هذا فقط».
واعتبر الأكوع، وهو ممثل عن حزب المؤتمر الشعبي العام، جماعة الحوثيين حلاً وحيداً لخلافات النواب داخل البرلمان، وقال: «المجلس عبارة عن مجموعة مدافعين عن الأحزاب وليس عن البلد», مضيفاً: «إذا ظلينا في اختلاف وتعصب مقيت فلن يكون هناك حل غير الحوثي وسيكون ذلك غصباً عن الجميع».
رئيس كتلة المؤتمر الشعبي العام سلطان البركاني، بدأ مداخلته باقتراح عدم بث جلسة الأحد على وسائل الإعلام بسبب ما أسماه «تجريح رئيس الجمهورية».
لكنه عاد ليقول: إن علي عبدالله صالح (الرئيس السابق) قاتل الحوثيين وهم لا يزالون في مطره بصعده، والآن سمح لهم عبدربه بافتعال مشاكل حتى في محافظات شافعية مثل إب وتعز وعدن وغيرها.
وقال البركاني، مبدياً تشفيه مما يجري من مواجهات مسلحة: «على الذين هدموا الدولة أن يتجرعوا ما فعلوا وعلى من أشعل الفتنة بأزمة 2011 أن يطفئوها»، في إشارة منه إلى انتفاضة الشباب السلمية التي اندلعت في فبراير 2011 وأطاحت برئيس حزبه صالح. البركاني يقول إن الحوثيين مُنعوا من التظاهر في عمران والشامي يرد: متى كانت الحريات والتظاهرات بالبوازيك والرشاشات
وأضاف: أحزاب المشترك كانت تصف الحروب السابقة ضد الحوثيين التي خاضها علي عبدالله صالح بالعبثية، فلماذا يتباكون اليوم ويطالبون الجيش بالقتال نيابة عنهم؟
واعتبر البركاني ما يحدث في عمران كان نتيجة لمنع إدارة المحافظة جماعة الحوثيين من التظاهر والممارسة السياسية، وأيده في ذلك نائبه في رئاسة كتلة الحزب النائب عزام صلاح.
رئيس كتلة حزب الإصلاح زيد الشامي استغرب من حديث البعض عن تقييد الحريات والتظاهرات في عمران، مستدركاً: إلا إذا كانت الحريات تعني التظاهر بالبوازيك والرشاشات فهذا شيء آخر.
ودعا الشامي أعضاء مجلس النواب إلى الوقوف بجانب الرئيس والحكومة لتطبيق النظام والقانون وعدم الدفاع عن أي طرف.
كما طالب النواب عزام صلاح والهجري والزنداني من الرئيس والحكومة كشف أي طرف متسبب في الصراع وسيقف في وجهه الجميع، حسب قولهم.