مثلما يبدو أن أعضاء تنظيم القاعدة استعدوا للحرب التي قررت السلطات العسكرية أخيراً خوضها لهزم التنظيم المتطرف بعد هجماته القاتلة على أهداف عسكرية ومدنية، كذلك استعدوا على صعيد الإعلام. فإضافة إلى ما تصدره مؤسسة الملاحم، الذراع الإعلامية للتنظيم من تسجيلات، أنشأ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب حساباً جديداً له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر يوم الأربعاء وسماه «أخبار أنصار الشريعة في جزيرة العرب».
ويتضح من تسمية الحساب وتاريخ إنشائه أن الغرض منه نشر أخبار المعارك الدائرة بين قوات الجيش ومقاتلي «القاعدة» في شبوةوأبين منذ بدء العملية العسكرية يوم الثلاثاء الماضي بسبب حاجة التنظيم إلى وسيلة لتنشر عبرها روايتها ليوميات الحرب، بدلاً عن أسلوبه المتبع في تقديم روايته للأحداث بعد فترة طويلة من وقوعها.
وعلاوة على سرد لوقائع الحرب الدائرة في أبينوشبوة من منظور القاعدة، أعلن التنظيم لأول مرة على حسابه في تويتر وقوفه خلف الهجمات التي أودت بحياة بضعة ضباط في العاصمة صنعاء خلال الأسبوعين الماضيين.
وتحت عنوان «أخبار مجاهدي أنصار الشريعة في ولاية صنعاء خلال الأيام العشرة الماضية» جاء في حساب «القاعدة» أن مسلحيها اغتالوا العقيد محمد عريج رئيس العمليات في جهاز الأمن السياسي رمياً بالرصاص يوم 21 أبريل الماضي، واغتالوا في نفس اليوم العقيد في الأمن السياسي أحمد النجدي.
وفي اليوم التالي، اغتال مسلحو التنظيم مدير التدريب في الشرطة العسكرية العقيد عبدالرزاق الجبلي وجندياً يرافقه، يدعى أحمد مرعي.
وأضافت تغريدات القاعدة على تويتر أن مسلحيها استهدفوا سيارة كانت تقل وفداً دبلوماسياً ألمانياً خلال تنقله في منطقة حدة بصنعاء يوم 28 أبريل الماضي.
ويتيح حساب «القاعدة» التي يحبذ أعضاؤها في اليمن تسمية أنفسهم أنصار الشريعة معرفة الطريقة التي ينشط بها إعلام التنظيم المصنف على رأس قائمة المنظمات الإرهابية في العالم.
فمع أن التنظيم بنى سمعة مرعبة له، عبر سفك مزيد من الدماء وبأساليب تنطوي على صنوف من الوحشية ويوجز رسالته في الجهاد حتى حكم الأمة بالقرآن والشريعة الإسلامية، إلا أن ذلك لم يحل بينه وبين الإفادة القصوي من وسائل التكنولوجيا لنشر رسالته.
في غضون أربعة أيام، نشر إعلام التنظيم 77 تغريدة على حسابه في تويتر وتسجيلاً واحداً و29 صورة كلها متصلة بوقائع المعارك في شبوةوأبين.
والصور المنشورة هي لجنود من الجيش محتجزين لدى المقاتلين المتشددين إضافة إلى عربات عسكرية وأسلحة وذخائر يدعي التنظيم المتشدد أن مقاتليه سيطروا عليها خلال المواجهات في مناطق الصعيد وميفعة والرضوم والمحفد.
وعلى الرغم من أن أخبار «القاعدة» المنشورة بخصوص المعارك يغلب عليها طابع الدعاية مع إخفاء خسائر مقاتليها إلا أن نشر روايتها ليوميات الحرب على هذا النحو المفصيل والمسنود بالصور يضع السلطات العسكرية في حرج لدى المقارنة مع أدائها الإعلامي الذي ينحصر منذ بدء العملية العسكرية في تصريحات مقتضبة لمصادر عسكرية لا تتجاوز النمط الإنشائي التقليدي بصيغة الإجمال.
ويتعين على قيادة الجيش استثمار التأييد الشعبي لمعركة القوات المسلحة ضد الإرهاب لإيصال هذا الشعور الشعبي إلى الجنود في الجبهة لرفع معنوياتهم التي قد تشكل المعركة الحالية في حال حسموها بكفاءة حداً فاصلاً للمرحلة التي شهدت أسوأ انقسام داخل الجيش مما أثر عميقاً في معنويات أفراده.
كذلك، ينبغي لقيادة الجيش التي تملك تحت تصرفها دائرة متكاملة التجهيز للتوجيه المعنوي ألا تتنازل عن ميزتها العليا في مصدرية الخبر الوارد من جبهات القتال.
ولن يكون لها هذا إلا بالتزام التفصيل والإيضاح والشفافية.