لا يمكن لأحد على الاطلاق ان يشكك بقدرة قائد المنتخب الارجنتيني ليونيل ميسي الذي فرض نفسه في الاعوام الاخيرة بين افضل اللاعبين في تاريخ الكرة المستديرة، لكن هذا الامر لا يعني بان على بلاده الاعتماد كليا عليه لان هذا الامر قد يكون له عواقب وخيمة. شكك كثيرون بقدرة افضل لاعب في العالم بين 2009 و2012 في الارتقاء الى مستوى الحدث العالمي الكبير على غرار الاسطورتين البرازيلي بيليه بطل العالم ثلاث مرات ومواطنه مارادونا المتوج في 1986، لكن ما قام به "برغوث" برشلونة الاسباني في اربع مباريات حتى الان (سجل اربعة اهداف وكان صاحب التمريرة الحاسمة التي سجل منها انخيل دي ماريا هدف التأهل الى دور الثمانية) كان كافيا للتذكير بان "العبقري" يمهد لما هو اعظم.
لكن لكي يتمكن "ليو" من السير على خطى مارادونا وقيادة بلاده الى اللقب العالمي الغائب عن خزائنها منذ 1986، يجب ان يحظى بالمساندة المطلوبة لان اي لاعب قد يختبر يوما سيئا بغض النظر عن حجم موهبته، وابرز دليل على ذلك في مباراة الدور الثاني ضد سويسرا حين فشلت الارجنتين في الوصول الى شباك "لا ناتي" بفضل الرقابة الناجحة التي فرضها المدرب الالماني الفذ اوتمار هيتسفيلد على نجم برشلونة.
وقد اضطرت الارجنتين للانتظار حتى الدقيقتين الاخيرتين من الشوط الاضافي الثاني لكي تسجل هدف التأهل الذي لم يأت الا عندما نجح ميسي في الافلات من الرقابة بمجهود فردي مميز انهاه بتمريرة الى دي ماريا الذي اودع الكرة في الشباك السويسرية، لتتنفس الارجنتين الصعداء وتواصل مشوارها الذي وضعها في مواجهة منتخب شاب موهوب للغاية متمثل ببلجيكا.
"انا لست سوى فردا من المجموعة"، هذا ما قاله ميسي بعد اختياره افضل لاعب في مباراة سويسرا وللمرة الرابعة على التوالي في العرس الكروي البلجيكي، لكنه "لا يخدع" احدا لأنه لم يكن "لا البيسيليستي" متواجدا هنا لولاه شخصيا اذ سجل هدف تأكيد الفوز على البوسنة (2-1) في الجولة الاولى من الدور الاول ثم على جنب بلاده الاحراج امام ايران (1-صفر في الدقيقة الاخيرة) اضافة الى ثنائية حاسمة في مرمى نيجيريا (3-2).
يؤكد المدرب سابيلا بانه يقوم دائما بتحمل المسؤولية في ما يخص اداء المنتخب ولا يتردد بانتقاد نفسه "لكن ليس هناك اي انتقاد محدد اوجه للاعبين او للطاقم الفني..."، معتبرا ان المنتخب قدم بشكل عام اداء جماعيا جيدا امام سويسرا.
لكن عن اي اداء جماعي يتحدث سابيلا، فايزيكييل لافيتزي كان حاضرا غائبا امام سويسرا وجونزالو هيجواين لم يكن افضل منه حالا ولم يكن هناك لاعب يستحق التقدير سوى دي ماريا وماركوس روخو بسبب الجهود الجبارة التي قاما بها لكن ذلك لم يكن كافيا لفك شيفرة الدفاع السويسري لولا الحركة الرائعة التي قام بها ميسي في الوقت القاتل من اللقاء.
كان ميسي خلف ستة من الاهداف السبعة التي سجلتها الارجنتين، فالى جانب تسجيله اربعة، كان "البعوضة" خلف الهدف الاول ضد البوسنة والذي سجله سياد كولاسيناتش خطأ في مرمى فريقه اضافة الى هدف دي ماريا ضد سويسرا.
والمشكلة ان المنتخب الارجنتيني لم يواجه حتى الان منافسا من العيار الثقيل، كون البوسنة وإيران ونيجيرياوسويسرا ليست ضمن حسابات المنافسة على اللقب، ورغم ذلك عجز اي من النجوم الاخرين في "لا البيسيليستي" عن الارتقاء الى المستوى المطلوب وكيف الحال امام بلجيكا التي تعتبر من افضل منتخبات البطولة، او هولندا المرشحة ان تكون المنافسة المقبلة في الدور قبل النهائي.
على النجوم الاخرين الارتقاء الى مستوى التحدي اذا ارادوا ان تواصل بلادهم حلم احراز اللقب العالمي على ارض غريمتها الازلية، والحديث ليس عن الخط الامامي ولافيتزي او هيجواين او سيرخيو اجويرو المرجح غيابه عن لقاء السبت بسبب اصابة ابعدته عن لقاء سويسرا ايضا، بل عن خط الوسط الدفاعي ايضا والذي يبرز فيها زميل ميسي في برشلونة خافيير ماسكيرانو لكنه لا يحظى بمساندة كافية من فرناندو جاجو الذي قدم عروضا مخيبة حتى الان.
اما في الخط الخلفي، فلا يوحي قلبا الدفاع فيديريكو فرنانديز وايزيكييل جاراي بالثقة واداؤهما مهزوز خلافا لروخو لكن الاخير لن يتمكن من التواجد الى جانب زملائه في دور الثمانية بسبب الايقاف.
ويبدو سابيلا غير قلق من افتقاده لروخو لانه يملك خوسيه ماريا باسانتا الذي سيشارك اساسيا امام بلجيكا بحسب ما المح المدرب الذي هنأ لاعبيه "لانهم حافظوا على التوازن في المنتخب"، مضيفا "ان وجودنا في وضع يدفعنا الى الهجوم (من اجل حسم اللقاء) لا يعني بانه علينا ترك المساحات امام الفريق الخصم".
ماسكيرانو يعزي نفسه بان منتخب بلاده ليس "الكبير" الوحيد الذي يعاني في المونديال البرازيلي: "الامس كانت المانيا (فازت على الجزائر 2-1 في الثواني الاخيرة من الشوط الاضافي الثاني)، وقبل امس كانت هولندا (فازت على المكسيك 2-1 في الدقيقتين الاخيرتين من المباراة بعد ان كانت متأخرة)، اليوم الارجنتين. في كرة القدم كل شيء صعب. ليس هناك اي خصم سهل".
اما تحليل ميسي لمباراة الدور الثاني فهو: "يجب ان نمر بلحظات من هذا النوع لكي نكسب الثقة. لقد عانينا طيلة المباراة. كان الوضع صعبا لكننا كنا ندرك بان الوضع سيكون كذلك. الوضع كان صعبا طيلة المونديال لكننا على الطريق الصحيح".
وواصل "الامر الاهم هو اننا في دور الثمانية. في اواخر المباراة كنت عصبيا، كما حال الجميع حسب ما اعتقد، لأننا لم نتمكن من التسجيل واي خطأ قد يكلفنا الخروج. لم نكن نريد الوصول الى ركلات الترجيح، اردنا تحقيق الفوز قبل الوصول الى نهاية التمديد... كنا محظوظين، الحظ كان الى جانبنا والآن يجب ان نستغل الفرصة والتقدم الى الامام".
ولكي يتقدم ميسي ورفاقه الى الامام عليهم تقديم جهود مضاعفة السبت في برازيليا ضد منافس شاب يملك الكثير من المواهب التي تناوبت على الوصول الى الشباك، خلافا للارجنتين، بدءا من مروان فلايني ودرايس ميرتنس (2-1 امام الجزائر) وديفوك اوريجي (1-صفر امام روسيا) ويان فيرتونجن (1-صفر امام كوريا الجنوبية) وكيفن دي بروين ورميلو لوكاكو (2-1 امام الولاياتالمتحدة في الدور الثاني).