مشهد رجال الأمن وهم يقتحمون مكتبي "الجزيرة" و"العربية" في صنعاء عند الساعات الاخيرة من الليل, مشهد مخز ومنفر, فيه احراج لرئيس الجمهورية, الذي طالما تحدث عن اهمية دور الاعلام واحترام الرأي والرأي الآخر. مداهمة ليلية بطريقة تعسفية لمكاتب اعلامية, لا دور لها الا نقل الخبر وتصوير الحدث, تعتبر انتكاسة كبيرة للنظام في صنعاء! ولا أدري من هو ذلك الجهبذ الذي ورط وزير الاعلام اليمني, فاستعان بقوة من أفراد الامن مدججين بالسلاح لاقتحام موقع اعلامي ولم يكن بالتأكيد موقعاً عسكرياً! قرار المداهمة, جاء بعيداً عن علم رئاسة الجمهورية, والذين اتخذوا هذا القرار التعسفي المشين هم الذين ظلوا يكذبون على رئيس الجمهورية بأن الأوضاع في الجنوب هادئة, ولا شيء يعكر صفو الحياة هناك, ولكن الرئيس يشاهد عبر "الجزيرة" و"العربية" ايضا مشاهد المظاهرات الصاخبة التي تطوف عدداً من المحافظات الجنوبية تطالب بفك الارتباط والانفصال عن الشمال, ولأنهم بارعون في كذبهم, أقنعوا الرئيس بأن ما يشاهده في "الجزيرة" و"العربية" من صور المظاهرات ما هو الا من أرشيف قديم, وللأسف ان الرئيس قد صدقهم ووقع في فخ أضاليلهم, عندما تحدث في احدى مقابلاته التلفزيونية وأجاب بأنها صور من الأرشيف ولا تمثل الواقع! لقد استطاعت "الجزيرة" و"العربية" بأسلوبهما المهني الرفيع ان تلتقطا صور المظاهرات في حينها وتبثاها من خلال قنواتهما على المشاهدين, ولكن المسؤولين من أمن واعلام تصوروا ان نقل صور المظاهرات قد فضحهم وكشف كذبهم, وهم يرفعون تقاريرهم لفخامته بأن الأمن مستتب ولا مظاهرات ولا شعارات تهتف بالدعوة الى الانفصال! والمضحك تماماً, ان رجال الامن اقتحموا المكتبين, وقاموا بمصادرة جهازي البث المباشر اللذين كانت تستخدمهما "الجزيرة" و"العربية" باعتبار ان هذه الأجهزة هي السبب في اثارة البلابل وتضخيم الأحداث ما يضر بالسكينة العامة للوطن! مع ان جهاز البث المباشر لا ذنب له, فهو ينقل الوقائع والأحداث كما تراها عدساته, فلو لم تكن هناك مظاهرات في المحافظات الجنوبية, لما استطاع هذا الجهاز ان ينقل اي شيء فيه اثارة البلابل وتضخيم الأحداث! بعلمي, ان رئيس الجمهورية, لم يكن يعلم بتلك الاجراءات التعسفية التي تمت على يد رجال الأمن وهم يقتحمون أهم قناتين تقومان بتأدية رسالتهما بصدق وأمانة, وكانت "الجزيرة" تنقل صوراً حية عن ضخامة المظاهرات في المحافظات الجنوبية, والمخادعون يدعون أنها من صور الأرشيف, لأنهم كذبوا على الرئيس بتصويرهم له ان الأمور تسير هناك على خير ما يرام! للأسف, إن المجموعة المحيطة بالرئيس علي عبدالله صالح هي سبب مشكلات اليمن, لقد ورطوا هذا البلد في حرب خاسرة مع الحوثي في صعدة, واليوم يجرون اليمن الى معارك طاحنة في المحافظات الجنوبية, إن هؤلاء يعتاشون على الأزمات بدلاً من تهدئة الأوضاع, ونقل الحقائق دون كذب او خداع. وعيب على وزير اعلام, ان يستعين بجنود مسلحين لمصادرة كاميرات لم تعمل أي شيء غير نقل الحقيقة! عن السياسة الكويتية