الفساد ذلك المرض الخبيث ، والسرطان الفتاك، والفيروس المعدي ، والوباء الخطير ، وغيرها من المسميات والاوصاف التي تدل في معناها على خطورته واثرة التي يتركه في ضحاياه . الضحية هي اليمن وتبدوا امامنا بجسد نحيل اثخنها الفساد بكافة صوره السياسية والاقتصادية والإدارية والمالية ...الخ ، بالكثير من الجراح والطعنات الدامية في كل أطرافها ،وجعلها تأن وتتألم ليل نهار تتجرع الآلام والأحزان .
هذا هو الفساد وتلك بعض آثاره التي نشاهدها واضحة في اليمن ، تدني المستوى الاقتصادي والمعيشي ، انتشار الظلم وكثرة المظالم وضياع الحقوق ، زعزعه الأمن والاستقرار ، كثرة الحروب والثارات المستعرة بين أبناء الشعب ، تزايد الشغب والمظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات ، وغيرها من الصور التي أنتجها هذا المرض الخبيث .
الفساد هو الداعي الأول للانفصال بعد أن تعافي منه اليمن قبل سنين بعلاج الوحدة .
الفساد من آثار الأحقاد المندثرة بين أبناء الشمال وأبناء الجنوب ، وهو الذي جعل كلا منهم يتهم الآخر بأنه السبب في جهله وتدني مستواه في كل المجالات وعائق أمامه في التطور والنمو.
الفساد هو صاحب التوقيع الأول على الجرع وارتفاع الأسعار ، وما يصاحبها من بطالة الشباب وقساوة الحالة المعيشية للكثير من الأسر والمناطق .
الفساد هو المشجع الأول للثارات القبلية والمناطقية ، والسبب الأول في ضياع روح الانتماء لهذا الوطن .
المحزن ان الفساد هو من جعل بعض أبناء الوطن في الداخل وفي الخارج يكرهون وطنهم ، ولا يتمنون الرجوع إليه ، لأنهم لم يجدوا فيه احترام لهم ولحقوقهم كأبناء له ، بينما وجدوا الاحترام في غير بلدهم فأحبوا الفراق على الظلم والحرمان .
المخزي الأكبر ان الفساد من جعل دولة اليمن متسولة وعالة على المجتمع العربي والعالمي ، وعلى أبواب المؤتمرات المانحة ، رغم ما بها من موارد وثروات ومقومات تجعل منها عزيزة كريمة وتنأى بها عن مثل تلك المواقف المخزية .
فما نتيجة ذلك الدعم إن وجد!!! لا يمكن ان يكون هناك يمن سعيد ، يمن جديد ، يمن واعد ،ومهما زادت المعونات والدول المانحة ، وكثرة الوعود واشتدت الخطابات ، وغيرها من المسكنات ، وما زال بلدنا اليمن مصاب بهذا المرض الخبيث ،حيث أثبتت جميعها الفشل الذريع أمامه .
إذا... الفساد الراعي الرسمي لكل هذه الأزمات التي تمر بها اليمن ،وبصورة فنية هو الفنان التشكيلي الذي رسم لليمن صوره مشوهه مزرية أمام البلدان الاخرى ، بأنها بئيسة ، فقيره ، أهلها عشوائيين لا يحكمهم نظام ولا قانون ، مليئة بالحروب والثارات والصراعات ، تعيش حالة عدم الاستقرار كالصومال ، تحتاج الى المساعدات والمعونات والمنح الدولية, كدولة عالة على المجتمع العالمي عاجزة عن إعالة نفسها وأهلها وغيرها من الملامح .
هل هذه هي الصورة الحقيقة لليمن ؟؟؟؟؟ لا .. اليمن هي بلد الحضارة ، بلد الانتصارات ، بلد التقدم والرقي ، دولة لها ثقلها ومكانتها في العالم على مر العصور وليشهد بذلك التاريخ ، بلد المواقف الداعمة والمناصرة ، والمواقف المشرفة والرافعة للرأس ليس مطأطئة للرؤوس كما رسمها الفساد اليوم .
نعم نجح الفساد وخلف ما خلف من هذه الآثار الموجعة في بلدنا اليمن ، ولكنه لم يستطيع ان ينسينا الصورة المشرفة الحقيقة لليمن والمرسومة في مخيلتنا يمن الحضارة والشموخ والعزة والشرف والكرامة ، ولن يثبطنا ويوقفنا عن السعي قدما إلى إعادتها إلى الواقع ان شاء الله .
ليأخذ كل واحد من أبناء الوطن موقعه في إعادة هذه الصورة الطيبة والمشرفة ، فهذا واجبنا جميعا ، ومقاومة الفساد والفيروسات الناقلة له ( المفسدون ) ، ونعمل على إصلاح أنفسنا و المجتمع من حولنا كل على قدر المسؤولية .
نسال من الله ان يعافي بلادنا اليمن وشعبنا اليمني من هذا المرض الخبيث ( الفساد) ، وان يجنبها المفسدون وأعمالهم ونسأل الله ان يصلحنا وان يصلح بنا.