في اعتراض الحوثيين على التشكيلة الحكومية الجديدة برئاسة خالد بحاح أشار مجلسهم السياسي إلى "عدد من الأسماء التي لا تنطبق عليها المعايير" ودعا الحوثيون إلى "تعديل هذه التشكيلة وإزاحة من لم تنطبق عليه المعايير المنصوص عليها وفي مقدمتها الكفاءة والنزاهة والحيادية في إدارة شؤون البلاد". تفسير المعايير سالفة الذكر سيخضع لمقاييس خاصة بتلك الجماعة، هي بمثابة شهادات حسن سيرة وسلوك، تكون كافية باعتماد وزير أو تدمير سمعته إلى الأبد!
في المجتمعات المستقرة والشفافة يتطلب تفسير معايير الكفاءة والنزاهة قائمة متفقاً عليها من التفاصيل التي لا تقبل التأويل أو القراءات المختلفة وفقاً للقناعات المسبقة والاتجاهات السياسية المختلفة. أما في اليمن فلا يوفر الظرف الراهن أدنى تلك المتطلبات ناهيك عن أن تضطلع بتلك المهنة جماعة مسلحة!
الفاجعة ستكون أكبر عندما يكون المفسر لتلك المعايير "ميليشيا" لا تمتهن السياسة إلا استثناء، والأصل الذي تتقنه هو العنف وممارسة القتل.
حزب المؤتمر الشعبي العام كان أكثر وضوحاً في تعليل رفضه التشكيلة الوزارية الجديدة "بعدم التشاور مع المؤتمر وحلفائه واختيار أعضاء مؤتمريين للحكومة دون علمهم وعلم المؤتمر، بالإضافة إلى تجاهل مكون رئيسي وقع على الاتفاق وهو أحزاب التحالف الوطني".
يأتي كل ذلك بعد التفويض التي وقعته كل الأطراف بما فيها المؤتمر والحوثيون للرئيس هادي في اختيار الوزراء!
لا يعني ذلك سوى أن تحالف الحوثي- صالح يغلق كل المنافذ، بهدف التهيئة لاستكمال انقلاب 21 سبتمبر، وإزاحة هادي عن المشهد نهائياً.
في كل مرحلة من مراحل التوسع الحوثي، وممارسات صالح في تقويض المرحلة الانتقالية كان التعويل على الرئيس هادي كبيراً في اتخاذ إجراءات تصحيحية حاسمة تستند إلى تأييد شعبي، إلا أن أداء هادي كان مخيباً للآمال منذ سقوط دماج وعمران وحتى اليوم.
الأيام وربما الساعات القليلة القادمة قد تكون فرصة أخيرة للرئيس هادي، إما بتغيير المعادلة، وتغيير "السمعة السيئة" التي اتسم بها أداؤه خلال الأشهر الماضية، أو المضي باليمن نحو مزيد من الفشل والارتهان لتحالف انقلاب 21 سبتمبر.