لم يكن أحد يتخيل أن نهاية بائع البوظة جابر الريمي ستكون قتلاً بالرصاص, إذ آخر ما يمكن التفكير به هو أن يكون لهذا البائع الجوال الذي يكاد زبائنه ينحصرون في طلبة المدارس والأطفال عداوة تبلغ حد القتل. لكن في ظل القبضة الحوثية التي تشتد على مناطق شمال البلاد, ليس شرطاً أن يتلقى المواطنون هناك الرصاص بسبب من عداوات بل من معتقد متطرف تجول به حركة طائفية توزع الموت حيثما حلت, ولم يكن جابر إلا أحد ممن أذاقهم الحوثيون الموت بلا سبب.
مثلما يجول جابر الريمي قرى محافظة الجوف ليبيع البوظة للأطفال, كذلك كان يعرض موقفه المناهض للحوثيين وأفعالهم ولذلك قتلوه مساء الجمعة الماضية ببساطة.
في عقده الرابع، وبعدًة لا تزيد عن ترموس على ظهره وملعقة ينمق بها أشكال البوظة لزبائنه من طلبة المدارس, قدم جابر من إحدى قرى محافظة ريمة النائية إلى محافظة الجوف لكسب مدخول يعيل به أسرته فكان وافداً حميماً على أهالي الجوف, احتفظ بشهامة القروي وبساطته على فن البيع والمساومة ولطالما باعهم بضاعته سواء دفعوا له ثمنها أو استدانوه.
ظل جابر يتنقل بين مديريات الجوف قبل أن يستقر في مدينة الحزم عاصمة المحافظة, وفيها قتله الحوثيون ليكتبوا خاتمة تشبههم بالدم والبارود لقصة كدً وترحال صنع فصولها بائع جوال لم تكن أحلامه تتجاوز لقمة عيش كريمة.
يقول أحد سكان مدينة الحزم ل"المصدر أونلاين" إن جابر تلقى تهديدات بالقتل من مسلحين حوثيين أكثر من مرة، بسبب انتقاده لممارساتهم.
وعصر يوم الجمعة استدرج مسلحون حوثيون "جابر" إلى مزرعة يُعتقد أنها مملوكة لقائد الجماعة المسلحة في الجوف حميد المكرمي واعتدوا عليه، ثم قتلوه بدم بارد.
وسارع الحوثيون إلى إعلان مقتله، زاعمين أنه كان يحمل متفجرات معه، وأراد تفجير تجمع لهم.
كان عبدالهادي العصار أحد أصدقاء جابر الريمي الذين صادقهم الأخير في حزم الجوف, ولذلك يتحدث عنه بحزن وألم.
ومن بين صور مختلفة لجابر وردت "المصدر أونلاين" يعلق العصار على واحدة جرى التقاطها للضحية وهو رافع يديه بالدعاء.
قال العصار "كان الحوثيون يضايقونه منذ أيام، وقبل ساعة من مقتله التقط له احد الشباب صورة وهو رافع يديه للسماء يدعو لوالديه بالخير، وكأنه كان يعلم أنه سيقتل".