تنصح السلطات الصحية المحلية في ليبيريا الذكور الناجين من فيروس الإيبولا بضرورة الامتناع عن ممارسة الجنس لمدة ثلاثة أشهر على الأقل بعد خروجهم من مراكز العلاج، خوفاً من إمكانية نقلهم للفيروس، حتى بعد حصول الشخص على شهادة صحية تؤكد شفاءه من المرض. وينص الإعلان العام الذي يتم ترديده على مستمعي الإذاعة في مونروفيا على ما يلي: "بعد أن تُشفى من فيروس الإيبولا، عليك الانتظار ثلاثة أشهر قبل أن تقوم بممارسة الجنس...إذا لم تنتظر، فسوف تنقل العدوى إلى زوجتك وسوف تُصاب بفيروس الإيبولا". وتقوم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية بنشر رسائل مماثلة على الصعيد الوطني، بشأن ضرورة الامتناع عن ممارسة الجنس، عن طريق التلفزيون واللوحات الإعلانية والرسائل الشفهية. وتعليقاً على هذا الإعلان، قالت موسو توان، وهي أم لأربعة أطفال من مدينة مونروفيا: "أنا سعيدة بتوجه العاملين في مجال الصحة لقنوات الراديو من أجل تثقيف الناس حول هذا الموضوع...أعتقد أنه أمر خطير ويمكن أن يطيل أمد الفيروس في البلاد". والجدير بالذكر أنه يوجد الآن أكثر من 500 ناج من فيروس الإيبولا في ليبيريا، وفقاً لوزارة الصحة. مخاوف لا أساس لها وتقول منظمة الصحة العالمية أنه في الوقت الذي لم يجر فيه توثيق أي حالات لانتقال المرض عبر ممارسة الجنس، إلا أن الدراسات التي أجريت في جمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا قد أظهرت أن فيروس الإيبولا يمكن أن يعيش في السائل المنوي للرجال الناجين من المرض بعد ظهور الأعراض الأولى لما لا يقل عن 82 يوماً. وقال بيتر ديسلوفيري، مسؤول الاتصال في منظمة الصحة العالمية في ليبيريا: "نحن لا نعرف على وجه اليقين ما إذا كان باستطاعة الفيروس الانتقال على هذا النحو ... من المؤكد أنه لا يوجد أي دليل علمي حتى الآن ولا يمكننا أن نقول أن المرضى الذكور، الذين يتم صرفهم، ينقلون العدوى إلى زوجاتهم. غير أننا نعلم أنه بإمكان الفيروس البقاء على قيد الحياة في السائل المنوي لمدة أقصاها ثلاثة أشهر، ولذلك ننصح الرجال الذين يخرجون من مراكز العلاج بالامتناع عن ممارسة الجنس لمدة ثلاثة أشهر". وفي حالة تعذر الامتناع عن ممارسة الجنس، فإن منظمة الصحة العالمية توصي الرجال بضرورة استخدام الواقي الذكرى. كما توصي المنظمة الرجال أيضاً بضرورة "المحافظة على النظافة الشخصية الجيدة بعد عملية الاستمناء". ولا تنصح بعزل الرجال لمدة 90 يوماً إضافية، طالما أثبتت اختبارات الدم خلوهم من الفيروس. ويقول خبراء منظمة الصحة العالمية أنهم ما زالوا يجهلون الأسباب التي تمكن فيروس الإيبولا من أن يعيش في السائل المنوي لفترة أطول من تلك التي يمكن أن يعيشها في الدم أو اللعاب، أو لماذا يمكنه أن يعيش في السائل المنوي لبعض الرجال فقط دون غيرهم. وتجدر الإشارة إلى أنه توجد أربع دراسات فقط منذ عام 1977 تبحث في وجود فيروس الإيبولا في السائل المنوي للذكور الباقين على قيد الحياة. ومن إجمالي 43 مريضاً الذين جرى فحصهم، أظهرت الدراسات أن الفيروس كان يعيش في السائل المنوي لثلاث حالات فقط. الوقاية خير من العلاج وقال أحد الناجين من مدينة مونروفيا، طلب عدم الكشف عن هويته، لشبكة الانباء الإنسانة (إيرين) أنه يأخذ نصيحة الأطباء بعدم ممارسة الجنس لمدة ثلاثة أشهر على محمل الجد. وأضاف قائلاً: "على الرغم من أنني أعلم أنها قاعدة يصعب الالتزام بها، إلا أنني أتقيد بها لإنقاذ حياة أسرتي ... في الواقع، منذ عودتي للمنزل لا أنام أنا وزوجتي في نفس الغرفة. ولا نستحم معاً، ولا أشاهدها وهي تخلع ملابسها. أفعل كل هذه الأشياء حتى لا تغريني بممارسة الجنس معها". من جانبها، قالت زوجته، التي طلبت أيضاً عدم ذكر اسمها أيضاً: "أعرف أنه قرار صعب، ولكن البقاء على قيد الحياة أهم من ممارسة الجنس. لذا فإنني أصبر... فبعد الامتناع لمدة ثلاثة أشهر، يمكننا ممارسة الجنس في وقت لاحق". وقالت ساره جاكسون، وهي سيدة في الخامسة والثلاثين من عمرها، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنها تلتزم أيضاً بنصيحة وزارة الصحة. وقالت ساره: "أنا خائفة حقاً من هذه الأخبار...بالنسبة لي، وعلى الرغم من أنني لست متزوجة، إلا أنني قد توقفت منذ تفشي الفيروس، عن ممارسة الجنس لأنني أخشى الإصابة بالمرض. وبما أنني قد لا أعرف حالة الشركاء الآخرين، فإن الشيء الصحيح هو توخي السلامة. بالنسبة لي، أرفض ممارسة الجنس في الوقت الحاضر". معركة شاقة ولكن ليس جميع الليبيريين سعداء بنصيحة الامتناع عن ممارسة الجنس، حيث قال جوزيف ساه، أحد مسؤولي الصحة في وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية، أن هناك صعوبة في إقناع بعض الرجال بالتوقف عن ممارسة الجنس بعد تماثلهم للشفاء. "أقول للناجين من فيروس الإيبولا. 'إذا كنتم تحبون زوجاتكم حقاً، فيجب الامتناع عن ممارسة الجنس لمدة ثلاثة أشهر'...أحاول إقناعهم بأن شيئاً لن يحدث لهم إذا ما امتنعوا عن ممارسة الجنس لمدة ثلاثة أشهر. ولكننا نرى الآن أن معظمهم يتصرفون بطريقة غير مسؤولة. وإذا لم نكن حذرين، فسوف نعاني من تفش خطير للفيروس مرة أخرى". وأخبر ساه شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن وزارة الصحة قد حثت زوجات وعشيقات الرجال الذين تماثلوا للشفاء بعدم الموافقة على ممارسة الجنس مع شركائهن لمدة ثلاثة أشهر بعد تعافيهم من المرض، وأنه ينبغي عليهن الإبلاغ بأي محاولات من جانب هؤلاء الرجال لممارسة الجنس معهن. وقال جون سوكر، وهو رجل أعمال محلي من مقاطعة مارغيبي، أنه يحث جميع الليبيريين على اتباع نصيحة الوزارة. وقال لشبكة الأنباء الإنسانية(إيرين): "يتعين على الناجين من فيروس الإيبولا الالتزام بالنصيحة إذا أردنا وقف انتشار الفيروس في ليبيريا... فهذا يصب في مصلحة الشعب والدولة". الامتناع ليس هو الحل وعلى الرغم من "احتمال" انتشار الفيروس عن طريق الاتصال الجنسي، إلا أن منظمة أطباء بلا حدود تحبذ اتباع الممارسات الجنسية الآمنة على الامتناع عن ممارسة الجنس قسراً، خلال فترة الأشهر الثلاثة التالية للتعافي. وفي هذا الصدد، ذكر لاتيتيا مارتن، المتحدث باسم منظمة أطباء بلا حدود في ليبيريا أن "المرضى الذين تماثلوا للشفاء وتم صرفهم من المستشفى قد انتصروا في المعركة ضد الفيروس، لذا فإن استمرار وجود الفيروس بشكل متضائل في السائل المنوي لا يعني أن الناجي مُعد أو ما زال يحتضن الفيروس بعد خروجه من المستشفى". وأضاف بقوله: "إذا فضل المريض وشريكته الامتناع عن الجنس خلال هذه الفترة، فهذا اختيارهم. ولكن طالما يتم استخدام الواقي الذكرى بشكل صحيح ومنتظم فليست هناك حاجة لذلك". أما ملاي مولباه، 46 عاماً، من بلدة نيو كرو تاون في جزيرة بوشرود، فترى أن استخدام وسيلة حماية هو خيار أكثر واقعية، حيث قال لشبكة الأنباء الإنسانية(إيرين): "بالنسبة لي من الصعب علىّ أن امتنع عن ممارسة الجنس، ولذلك فإن أفضل شيء أفعله الآن هو حماية نفسي من هذا الفيروس...ولذلك عادة ما أحضر الواقيات الذكرية في كل مكان أذهب إليه". مع ذلك، ينبغي الانتباه إلى أن استخدام الواقي الذكرى ما هو إلا أحد تدابير السلامة التي ينبغي الالتزام بها. وتأكيداً لهذا، تقول منظمة أطباء بلا حدود أنه ينبغي أن يظل التركيز على الطرق الرئيسية لانتقال فيروس الإيبولا، بما في ذلك الممارسات غير الآمنة خلال الجنازات، ورعاية شخص مصاب أو ملامسته أو حتى ملامسة المواد الملوثة بسوائل مفرزة من جسد شخص مريض. وقال مارتن: "لا ينبغي أن تصبح هذه التوصية [باستخدام الواقي الذكرى] بأي حال من الأحوال الرسالة ذات الأولوية، لأنه ليس لدينا حتى هذا اليوم أي حالات موثقة عن انتقال فيروس الإيبولا عبر ممارسة الجنس ... وإذا كان الاتصال الجنسي مع الناجين من فيروس الإيبولا أحد الطرق الرئيسية لانتقال الفيروس، لكان ذلك معروفاً بالنسبة لنا، من الناحية الوبائية. ولكن حتى الآن لم يحدث هذا".