ناشدت زوجة بسام الحيدري الذي أدانته المحكمة الجزائية بالتخابر مع إسرائيل الأسبوع الماضي، وحكمت عليه بالإعدام، ناشدت الرئيس علي عبدالله صالح العفو عن زوجها. وقالت أم أرغد في رسالة للرئيس عبر المصدر أونلاين إن منطوق الحكم لم يُدِن زوجها بالإضرار بمصالح البلاد، ولا بتسريب معلومات عن اليمن، كما لم يتسلم أي مبالغ مالية، ولكن الحكم أدانه بأنه "سعى في نية التخابر مع إسرائيل". واستغربت زوجة الحيدري الحكم الذي قالت إنه يدين الناس على نواياهم. وأوضحت الزوجة أن أملها كبير جداً "في فخامة الرئيس الذي سبق أن عفا عن مجرمي حرب ومفسدين لا ينكر أحد أنهم كذلك". وجاء في المناشدة قولها: "أملي كبير في فخامة الرئيس أن لا يحول ابنيّ أرغد ولمى إلى يتيمين، وكفاهما ما عانياه من فراق أبيهم الذي يشهد له الجميع بطيب أخلاقه، وليس لديه أي سوابق".. وأضافت: "نناشدكم التحرك لإنهاء معاناة أسرة بسام المكوّنة من 14 فرداً منهم 5 صُمّ وبُكم، وفخامتكم يعلم أن هذه القضية ضُخمت ووضعت في غير سياقها الصحيح، فنتج عنها هذا الحكم الذي نزل كالصاعقة على رؤوسنا".
المحامي برمان يؤكد عدم قناة القضاة بالتهمة ويقول إن الهدف من الجكم رفع الحرج عن الرئيس التخابر مع إسرائيل .. مزحة ثقيلة ثمنها رأس بسام وكانت المحكمة الجزائية الاستئنافية قد ثبّتت السبت قبل الماضي (3 إبريل 2010 ) حكم الإعدام على بسام عبدالله فضل محمد الحيدري، المتهم الأول في قضية التخابر مع إسرائيل، مؤيدة بذلك حكم المحكمة الابتدائية التي كانت حكمت بإعدام الحيدري في شهر مارس من العام الماضي. وسبق للرئيس علي عبدالله صالح أن أعلن في خطاب ألقاه في أكتوبر عام 2008م عن إلقاء القبض على خلية إرهابية مرتبطة بالمخابرات الإسرائيلية. وفي نفس القضية، أيدت المحكمة سجن المتهم الثاني عماد علي سعد حمود الريمي ثلاث سنوات، فيما خففت الحكم الصادر بحق المتهم الثالث علي محفل إلى ثلاث سنوات سجناً بدلاً عن خمس. وكانت "المصدر" قد نشرت العام الماضي تحقيقاً كشفت فيه عدم جدية القضية، ووصف المحامي عبدالرحمن برمان الحكم ب"القاسي"، وقال إنه لا توجد أي جدية في موضوع التخابر، مؤكداً أن القضاة مقتنعون بهذا الأمر، وأن الهدف من الحكم هو رفع الحرج عن رئيس الجمهورية. وإلى تهمة الاتصال غير المشروع مع إسرائيل، اتهم الحيدري وخليته المزعومة بنشر أخبار وبيانات كاذبة مغرضة باسم منظمة الجهاد الإسلامي حول نية المنظمة إحداث تفجيرات في أمانة العاصمة ومحافظة حضرموت، مستهدفه المصالح الحكومية والأجنبية بقصد تكدير الأمن العام وإثارة الرعب بين الناس وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة. إدانة بسام بالتواصل غير المشروع مع إسرائيل استندت بحسب نص التحقيقات إلى قيامه بإرسال رسالة إلكترونية إلى مكتب أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، نصها الآتي: "نحن منظمة الجهاد.. أنتم اليهود إذا وعدتم صدقتم بوعودكم بالرغم من أنكم أعداء الله وأعداء الإسلام ولستم مثل الحكام العرب كذابين. إذا أردتم أن نكون حجر عثرة في الشرق الأوسط فنحن مستعدون". فجاء رد مكتب أولمرت: "نحن موافقون لدعمكم ومستعدون لأي شيء تريدونه". وطبقاً لنص التحقيقات، قال بسام أنه عثر على ايميل أولمرت عبر "جوجل" محرك البحث على شبكة الأنترنت، وأضاف أنه "لما جاء الرد قمت بحذف الرسالة لشعوري بالخطر". وحينما طرح عليه المحقق سؤالاً عن دوافع تواصله مع أولمرت، أجاب بسام ببساطة: "كان الدافع هو عدم رضا وضبح من المعيشة". وسبق لبسام أن شكك في مصداقية التحقيقات وقال إنها انتزعت منه عبر التعذيب القاسي. وكان الحيدري قد قام بمشاركة آخرين بتأسيس شركة لإقامة حفلات غنائية، غير أنه -بحسب التحقيقات- تعرض لعملية نصب قبل أن يدخل في دوامة من المشاكل والديون، ولجأ لمحاولات عدة كان الهدف منها تجاوز مشاكله وقضاء ديونه. ومن بين ما قام به، الإعلان عن منظمة وهمية سماها منظمة الجهاد الإسلامي، وكان هدفها ابتزاز عدد من المسئولين بينهم أحد مرافقي الرئيس الذي كان قد تعرف عليه بسام أثناء الإعداد لحفل يقيمه في اليمن الفنان المصري إيهاب توفيق. ويقول المحامي برمان، الذي تولى قضية الحيدري في وقت سابق، إن الأخير كان يعاني من الإحباط بعد تعرضه لنكسة مالية أفقدته توازنه، وكان يبحث عن أي شيء للخروج من أزمته، ومن ذلك قيامه بالإعلان عن منظمة إسلامية قامت بإرسال تهديدات لبعض الأشخاص. وأضاف برمان أنه لا توجد أي جدية في موضوع التخابر، وقال: حتى لو افترضنا أن تلك الإيميلات صحيحة، فمن خلال قراءة الإيميل يتضح أن الأمر كان فيه نوع من الاستهتار ولا يدل على أن الأمر كان جدياً على الإطلاق. وأضاف المحامي عبدالرحمن برمان في حديث ل"المصدر أونلاين": التخابر معروف بأنه نقل معلومات سرية غير معلنة يكون تسريبها يؤدي إلى الإضرار بمكانة الجمهورية اليمنية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وهو ما لم يتحقق في هذه القضية حتى وإن صحت الإيميلات. وعزا صدور هذا الحكم، الذي وصفه بأنه "قاسي بكل المعايير"، إلى سبب واحد هو أن رئيس الجمهورية أعلن في خطاب عن اكتشاف هذه الخلية وارتباطها بإسرائيل، وكأن الحكم هدفه رفع الحرج عن رئيس الجمهورية. وأكد المحامي أن القضاة أنفسهم غير مقتنعين بجدية التخابر، وأبدى أمله في أن تصحح المحكمة العليا هذا الخطأ الذي وقعت فيه المحكمتان الابتدائية والاستئنافية. وتساءل أحد أقرباء بسام: كيف يمكن تصديق أن يقوم شخص بتأسيس منظمة جهادية إسلامية تتخابر مع إسرائيل، أو أن تقوم خلية إرهابية ترفع شعار الإسلام بالاتصال مع الموساد الإسرائيلي؟! وكانت صحيفة "المصدر"، عقب الإعلان عن الخلية أواخر 2008، قد زارت منزل بسام الذي باتت أسرته في وضع مأساوي، لاسيما وهو الأخ الأكبر لتسعة من البنين والبنات، خمسة منهم صم وبكم، يعيشون وضعاً صعباً في ظل غياب والدهم منذ خمس سنوات في ماليزيا، وله طفل عمره خمس سنوات. وتقول أم بسام، التي انتقلت مع زوجها من عدن للعيش في صنعاء قبل أربع سنوات من الوحدة، أن بسام منذ طفولته بدا هادئاً ومخلقاً بشكل يجعل كل من يتعرف عليه يحبه. وعلى الرغم أنه لم يتمكن من مواصلة دراسته في قسم الصيدلة في المعهد العالي للعلوم الصحية، إلا أنه كان حريصاً على العمل ليقوم بواجباته تجاه أسرته، سواء قبل الزواج أو بعده. ولم تعرف عنه أسرته ولا جيرانه أنه دخل في مشاكل مع أحد. وعلى الرغم أنه لا يبدو ملتزماً في الجانب الديني كما ينبغي، لكنه لم يكن في وقت سابق يدخن ولا يخزن ليتعلم التخزين لاحقا. ووقف مؤانساً ومسانداً لأمه بعد أن غادر الأب البلد واستقر وتزوج في ماليزيا وانقطعت زيارته عنهم منذ خمس سنوات. زوجة بسام (أم أرغد) تروي القصة: "زوجي شخص هادئ، يكافح ليوفر لأسرته متطلبات الحياة ومن يعرفه جيداً لن يصدق التهم التي لفقت له فهو لا يصلح لما نُسِب إليه أصلاً". تعلق على سماعها خبر الإعلان عن القبض على خلية إرهابية يتزعمها زوجها تقول: لم نصدق لكننا أصبنا بالذهول لأن التهمة تُلصِق ببسام شخصيتين بعيدتين عنه تماماً وهما شخصية الإرهابي والجاسوس. تضيف: أنا أعرف زوجي وواثقة من أن القصة فبركة لا غير. وتشير إلى أن وزير الداخلية المصري قام بنفسه بالتحقيق مع بسام واتضح له أنه بريء من كل تلك التهم. وتضيف: زاد وزير الداخلية أدى له خمسة عشر ألف ريال ورسل لي بعشرة ألاف وشخط له وجهه وقال له وجهي يا بسام انك عاتخرج. واحنا منتظرين شخطة وجه المصري. وتحشد أدلة إثبات براءة زوجها مضيفة: "لو فعلاً درى وزير الداخلية أنه إرهابي أو يتخابر مع إسرائيل كان عايزيد يدي له فلوس؟". وتحدثت الزوجة في التحقيق حينها عن مداهمة البيت وتفتيشه بعد أربعة أيام من احتجاز بسام، ووصفته بأنه "كان بطريقة همجية ومستفزة". تقول: "جو حوالي ثمانية من البحث الجنائي داهموا البيت بشكل مفاجئ وقلبوه قلب ما خلوا شي مكانه، لكنهم لم يجدوا شيئا يثبت اتهاماتهم". مشيرة إلى أنهم أخذوا ملفاً يحتوي على شهادات كانت تحتفظ بها من أيام دراستها، وأشرطة فيديو مسجل عليها حفلة زفافها وحفلة عيد ميلاد ابنها أرغد، بالإضافة إلى التلفون السيار الشخصي حق زوجها بسام. وتستغرب أن تلك المضبوطات لم تُرد إليها بعد أن فُحصت، وتم التأكد من أنها لا تحتوي أي أدلة إثبات. كما أن النيابة نفت أن تكون قد تسلمت مضبوطات من هذا القبيل، باستثناء الهاتف المحمول التابع لبسام. ولم يلتفت البحث إلى توجيهات النيابة بتسليم أشيائها الشخصية التي أخذها أفراد البحث. وتبدي أم أرغد استياءها من طريقة تعامل البحث مع أشرطة تحتوي صوراً عائلية، مشيرة إلى أنها -وبعد تصريحات أدلت بها لقناة العربية عقب الجلسة الأولى لمحاكمة زوجها- تلقت اتصالاً من هاتف ثابت (تأكدت فيما بعد أن الرقم يتبع البحث الجنائي) قال لها أحدهم على التلفون "بطلي فلسفة على الفضائيات، أنتي دارية صورش وين هن" مشددة على ضرورة الضغط على البحث لتسليمها صورها الشخصية خاصة وأن البحث لم يسلمها للنيابة ضمن المضبوطات". تلخص أم أرغد حديثها عن الموضوع بأن التهمة الموجهة لزوجها قصة تفنن أحدهم في صياغتها بطريقة تخدم البعض لا تستطيع هي تحديدهم. بسام -ومن خلف قضبان السجن المركزي- أكد ل"المصدرأونلاين" أنه تعرض للضرب المبرح أثناء التحقيق في البحث الجنائي، وأن المحققين كانوا يطلبون منه التوقيع على أوراق كثيرة لا يعلم مضمونها. ويؤكد أن الشخصيات الوهمية والتهديدات التي ورد ذكرها في محاضر التحقيق المقدمة من البحث لا أساس لها من الصحة. يتحدث عن 48 يوماً من السجن في البحث الجنائي كانت عصيبة بما فيها من ضرب وتهديدات تدفعه إلى الموافقة على الإدلاء بأي اعترافات تطلب منه. يقول: "دخلونا في البداية سجن انفرادي، وبعدين قالوا لي أنهم قد جابوا الوالد من ماليزيا وسجنوه وسجنوا عمي وأخي وطلبوا مني اعترافات عشان يخرجوا أهلي من السجن. وقعت لهم على كل حاجة". ويحاول تلخيص قضيته قائلاً: "يا أخي كل ما في الأمر إن احنا أسسنا شركة متخصصة في إحياء حفلات فنية، وبعد ما أعلنا عن حفل للفنان إيهاب توفيق تلقينا تهديدات إذا أقمنا الحفل، وبالتالي خسرنا مبالغ كبيرة، وبعدها وعدنا عصام دويد (المرافق الشخصي للرئيس) بالمساعدة، وبعدين ما عاد سوى لنا شي".. أما عماد فيؤكد أنه لم يكن له دور سوى التوقيع على محاضر لا يعرف شيئاً عن محتواها. لا يهم الأسرة الخوض في قضايا تفصيلية من قبيل خسارة شركة "استندرز موف" الفنية، ولا تنظيم الجهاد الإسلامي، أو علاقة القصة بعصام دويد الذي تحول إلى شخصية محورية في القضية فيما بعد، فهم لا يعلمون سوى أن ابنهم شاب مكافح يطمح لتوفير احتياجات أسرة محط احترام جيرانها. وما يهم الأم المريضة والزوجة المفجوعة هو أن يتضح للرأي العام أن بسام بريء من تهمتي "الإرهاب والجاسوسية لصالح إسرائيل" المتناقضتين واللتين أدخلتا الأسرة مأزقاً في ظل مجتمع لا يفرق بين الشائعة والحقيقة، خاصة وأن وسائل الإعلام وجدت في القضية وتناولها مادة للإثارة ولم تبحث عن الحقيقة، وهو ما ضاعف الألم على نسوة لا يملكن من القوة ما يواجهن به كل هذا الضغط. تقول أم أرغد: "المعركة غير متكافئة. بسام المسكين يواجه الدولة وإعلامها، حتى صحف المعارضة شهّرت بنا". ويبقى أرغد، الذي سماه أبوه، طموحاً في حياة أرغد، يفتش عن صورة أبيه في كل جريدة يجدها أمامه وينتظر أن يراه في كل نشرة أخبار في التلفزيون. لا يعرف من الموضوع سوى أنه ليس بالإمكان حالياً أن يعانق والده ويجره من يده إلى الدكان ليشتري له جعالة كما كان يفعل من قبل، لكنه يستيقظ كل صباح ليسأل عن والده ويوجه دعوات حفظها عن جدته "يا رب يخرج بسام". وبحسب أمه فإنه في كل مره يذهب معها إلى السجن لزيارة والده يطلب منها مئة ريال ويناولها لأحد أفراد الأمن ويقول له "خرج لي بابا". من يعرفون بسام عن قرب لم يخترقهم الضخ الإعلامي ويغير نظرتهم إليه، فلا يزالون يؤمنون يقينا أنها سحابة صيف ستنقشع. وبحسب حديث أحد أبناء حارته أن بسام شاب وديع مسالم لا يصلح لأداء دور أي من الشخصيتين اللتين روجتا له. لا يصلح إرهابياً ولا يصلح للتخابر مع أولمرت، ويعلق ساخراً "لو قالوا لي أنه يتخابر حتى مع عاقل الحارة ما باصدقش". وبحسب المحامي أمين الربيعي فإن القضية أشبه بمزحة ثقيلة.