يخطئ من يظن أن تحالف الحوثي – صالح هو فقط من تضرر من عاصفة الحزم وإعادة الأمل ، إذ أن الإشارات القادمة من واشنطن تؤكد أن ثمة توجسا وربما تحفظا أمريكيا إزاء نجاح تحالف عربي إسلامي يمكن أن يعيد رسم المنطقة. الاعتراض الإيراني الروسي على العاصفة يأتي في سياق التجاذبات الدولية التي وصلت امتداداتها إلى اليمن عبر سوريا، فيما الموقف الأمريكي غير المتحمس لعاصفة الحزم يشير إلى أولويات مختلفة لدى واشنطن لا تتفق بالضرورة مع أولويات دول مجلس التعاون الخليجي .
لم تعلم واشنطن بعاصفة الحزم إلا قبل انطلاقها بأربع وعشرين ساعة كما أوضحت مصادر متطابقة، وهو نجاح عربي كبير أرسل رسالة مهمة للعالم أن السعودية ومعها دول الخليج لا يمكن أن تقبل بأن يكون (اليمن) مجرد ملف ضمن التفاهمات الإيرانية الأمريكية ، أو كملحق بالاتفاقية النووية.
كان الدور الأمريكي ومايزال يختصر الملف اليمني في مفردة واحدة هي (مكافحة إرهاب القاعدة)، ويبدو أن القاموس الأمريكي ليس مقتنعا بعد بإضافة (إرهاب الحوثي) إلى مفرداته في التعامل مع الشأن اليمني، ولذلك أسباب كثيرة يعود بعضها لطبيعة الجماعة الحوثية التي تمارس إرهابا محليا في معظمه، ولم تصدر منها أي إشارات حقيقة لإيذاء الغرب وأمريكا سوى الصرخة التي اعتبرها سفير أمريكي سابق في اليمن مدعاه للتندر والفكاهة.!
عاصفة الحزم العربية سجلت نجاحا في اتجاه آخر، إذ أنها أجهضت طموحات (داعش) في تشكيل امتدادات ضاربة لها في اليمن، وسجلت العاصفة عملية استباقية عربية نادرة أنقذت اليمن من صراع مذهبي تتصدره جماعات العنف الأكثر تطرفا.
ولذلك فإن عاصفة الحزم وإعادة الأمل لم ترق لأطراف متعددة، اختلفت أسبابها وتوحدت مواقفها ، ابتداء بالحوثي وصالح ومرورا بإيران وروسيا وانتهاء بواشنطن وداعش والقاعدة. – طبعا مع الفارق في حدة الموقف والسياسة والخطاب -
أما أنا كمواطن يمني ، فقد نظرت للعاصفة منذ بدايتها كإجراء ضروري لنزع سلاح العصابة التي اختطفت الدولة اليمنية، ومارست العدوان على الشعب اليمني وهددت دول الجوار أيضا.
ما استعصى علي فهمه هو ذلك البرود في التعامل مع الضحايا المدنيين الذين سقطوا خطأ بفعل عمليات العاصفة وإعادة الأمل، إذ تشير تقارير متعددة أن عشرات وربما مئات المدنيين سقطوا قتلى وجرحى بسبب تواجدهم في أماكن قريبة من معسكرات ومخازن سلاح الحوثي وصالح التي استهدفتها عمليات التحالف العربي.
بالتأكيد لم تستهدف طائرات التحالف ولن تستهدف عمدا قصف المدنيين في اليمن، لكن أهالي الضحايا المدنيين يستحقون خطابا مختلفا، يقدم الاعتذار ويبدي الأسف، بل ويقدم التزامات واضحة بالتحقيق في أية أخطاء، وتقديم التعويضات المادية اللازمة.
إن استرداد جزء بسيط من المليارات التي اختلسها صالح من أموال الشعب اليمني كفيل بدفع كل التعويضات اللازمة لآلاف الأبرياء من الضحايا المدنيين الذين سقطوا ظلما وعدوانا برصاص الحوثي وصالح، وأيضا لدفع التعويضات اللازمة لعشرات وربما مئات الضحايا المدنيين الذي سقطوا عن طريق الخطأ في عمليات التحالف التي استهدفت في الأساس مواقع عسكرية ومخازن أسلحة.