إب ستقضي عيدها هذا العام "حزينة" بعد رحيل الشيخ عبدالعزيز الحبيشي... الرجل الذي اقترن اسمه بهذه المدينة واقترن اسمها به على مدى عقود .. إذا ذكرت إب ذكر الحبيشي والعكس! كانت المدينة والمحافظة فجعت أمس الثلاثاء بنبأ وفاة الحبيشي، أحد أبرز وجهائها ورجالها الكبار، حيث كان من طلائع ثوار سبتمبر، وتقلد مناصب عديدة كان آخرها مستشاراً لرئيس الجمهورية لشئون الشباب والرياضة.
وتوفي الفقيد في مدينته إب عن عمر ناهز الثمانين عاماً بعد عودته من رحلة علاجية في الأردن، وشيع في موكب جنائزي كبير بحضور الآلاف من أبناء المحافظة بكل أطيافهم.
ووري جثمانه الثرى عصر أمس في مقبرة الغفران بعد الصلاة عليه بالجامع الكبير. وعرف الفقيد بتسخير جل وقته لخدمة المجتمع وقضاياه، وعاش حياة حافلة بالعطاء والحضور والتأثير العام، مثل خلالها روحاً جامعة لأبناء إب، وكان مرجعاً لهم في كثير من شئونهم.
إلى ذلك فقد ظل يتمتع بروح منفتحة وصدر رحب يسع الجميع في كل مراحل حياته، وكان "صانع بهجة" في مجالسه، ويتناقل الناس تعليقاته الساخرة ودعاباته و"نكاته" اللاذعة التي عادة ما تكون ذو صبغة سياسية واجتماعية أيضاً.
واعتبر مشيعون أن الكثير من أبناء إبواليمن سيفتقدون الشيخ الحبيشي خصوصا الأرامل والأيتام الذين كان يهتم بهم بشكل كبير حتى لقب ب"أبي الأيتام" في المحافظة، وله دار اسمه "دار الحبيشي للأيتام"، كما ترأس جمعية الهلال الأحمر في إب.
واعتبر عدد من المشيعين رحيل الحبيشي في مثل هذا الظرف خسارة وطنية كبيرة، وعدوا حضور أبناء إب بمختلف تكويناتهم السياسية والاجتماعية دليلاً على مكانة الرجل الذي انتهج مبدأ التعايش والتآخي والود.
وعبرت العديد من القوى السياسية والمجتمعية والحزبية عن بالغ حزنها لرحيل الفقيد، داعية لامتثال قيم الشيخ وتسامحه ووطنيته.
وعزت الأحزاب القوى أسرة الفقيد واعتبرت رحيله خسارة فادحة، وقال حزب الاصلاح ان عزاءه فيه أنه كان ثائرا ضد الظلم والاستبداد واحد كبار مناضلي ثورة 26 سبتمبر المجيدة وقدم الكثير وشارك بالعديد من الأعمال والمنجزات الوطنية التنموية والخيرية وترك بصماته الواضحة في كل المجالات وبوفاته افتقد الوطن خيرة رجاله المناضلين.
الحبيشي .. "الجوهرة الأخيرة سامي غالب
الشيخ عبدالعزيز الحبيشي، الشخصية الريادية في محافظة إبواليمن، انتقل إلى جوار ربه صباح اليوم.
هذه خسارة فادحة أخرى. خسارة لليمنيين جميعا واولهم سكان مدينة إب التي كان الحبيشي فارسها الأخير وعنوانها الأكبر في السنوات الأخيرة بعد رحيل الكبار، واحدا تلو الآخر، منذ يوليو 1993 عندما اخذ الموت الفقيد محمد الربادي.
هناك أشخاص يلخصون في مسيرتهم وأدوارهم واسهاماتهم الأهلية مدنا وأوطانْ. والشيخ الحبيشي هو علامة من علامات مدينة إب الساحرة. ولعله "الجوهرة" الأخيرة من عقد الزمن اليمني الجميل عندما كان لكل مدينة يمنية أعلامها ورموزها المدنيين. *** يحضرني، توا، تلك اللقاءات الباهرة في مدينة إب في مثل هذه الأيام من عام 2003.
وأزعم انني نفذت إلى "حقيقة" هذا الرجل الكبير الذي رفض عهد ذاك أن ينضم إلى الحملة الحربية الوطنية الشاملة التي شنها الرئيس صالح ضد النائب يحي منصور أبو اصبع لإسقاطة في "جبلة" في انتخابات تكميلية في مركز انتخابي تم احراقه بطاقاته من قبل انصار مرشح صالح في الدائرة.
لم يكتف الحبيشي بالنأي بنفسه عن صغائر الرئيس صالح وجماعة المؤتمر الشعبي بل إنه استضاف مرتين في منزله شخصيات اعلامية وسياسية معارضة، مؤكدا على أن إب، المدينة والأعلام والرموز والروح، هي أرحب من ان تتردى في حضيض السياسيين وثأراتهم.
اتذكر من الحبيشي تلك الجلسة العامرة بالحب والمرح والقفشات في مقيله غداة فوز فريقه المفضل؛ فريق شعب إب، بالكأس في موسم 2003 بعد أسابيع من فوزه ب "درع" الدوري.
وقد بدا يومها متفائلا بأن حقبة زاهية تنتظر نادي الشعب بدأت توا. الشيخ عبدالعزيز الحبيشي هو عنوان على "مدنية" على الرغم مما قد يوحي به اسمه.
كان رجلا رفيع القدر والمكانة. صاحب ذائقة فنية، ومن ذوي الريادة في الرياضة والعمل الأهلي والخيري. وهو من الكبار _ النادرين_ الذين نأوا بأنفسهم عندما انحدرت السياسة في اليمن إلى الدرك الأسفل من الحضيض، فأحجم عن الزلات والمذلات والمهالك التي أودت بمجايليه، واحتفظ بمكانته لدى أهل مدينته الطيبين كرمز جامع يستظل بمهابته وكرمه الجميع.
رحم الله "أبو اليتامى و"أبو الشباب" و"أبو الرياضيين" الشيخ عبدالعزيز الحبيشي، وأصدق التعازي لأسرته ولمحبيه وتلاميذه، ولجمهور نادي "الشعب" الرياضي، ولكل الأحبة في إب؛المدينة والمحافظة.