أعلنت نقابة الصحفيين اليمنيين رسمياً رفضها الشديد لمشروع قانون الإعلام السمعي والبصري والإلكتروني، والمقدم للحكومة من قبل وزارة الإعلام. وقالت النقابة في بيان أصدرته اليوم الاثنين إن مشروع القانون يعبر عن تراجع واضح عن التوجهات المعلنة بتحقيق المزيد من الديمقراطية وحرية والصحافة والإعلام.
ووصفت النقابة مشروع الإعلام المرئي والمسموع بمشروع "جباية أموال"، معتبرة إياه "ردة تشريعية تكشف عن العقلية الشمولية التي صاغته ولم تتمكن للأسف من الانفكاك عن الماضي الذي اتسم بالسيطرة على وسائل الإعلام".
وأكدت النقابة أن هذا المشروع جاء مخيبا لآمال الوسط الصحفي راميا بعرض الحائط كل مطالب النقابة بتطوير العمل الإعلامي وإتاحة كل الفرص للمواطنين في الحصول على المعلومات بكل حرية وشفافية.
ووصفت النقابة عملية الإغراق الحكومي لمشاريع تتعلق بالصحافة والإعلام وحرية التعبير خلال الأيام القليلة الماضية بالخطيرة.
وقالت إن أخطر تلك المشاريع متمثل بمشروع قانون الإعلام السمعي والبصري، ومشروع تعديلات قانون الجرائم والعقوبات، ومشروع قانون الصحافة والمطبوعات ، ومحاولة فرضها بكل الطرق.
وعبرت النقابة عن صدمتها الكبيرة تجاه ما ورد في مشروع قانون الإعلام السمعي والبصري والإلكتروني المقدم من وزارة الإعلام لرئاسة الوزراء، وتعده مشروعا كارثياً بكل المقاييس، حيث يجرم كل من يفكر بامتلاك وسيلة قناة تلفزيونية أو محطة إذاعية أو موقعا إخباريا إلكترونيا.
ودعت جميع منظمات المجتمع المدني داخل اليمن وخارجه إلى التكاتف ومؤازرة النقابة من أجل إسقاط هذه المشروع، على اعتبار أن موضوع الصحافة والإعلام لا يعني فقط نقابة الصحافيين وإنما كل الأطراف السياسية والحقوقية والاجتماعية بما في ذلك المواطنين أصحاب المصلحة الأساسية في الديمقراطية والحرية.
وأهابت النقابة بدور أعضاء مجلس النواب الذين أولاهم الشعب ثقته واستودعهم مصالحه لحمايتها في عدم التجاوب مع هذا المشروع الذي يضع كل العراقيل أمام حرية إنشاء محطات الإذاعة والتلفزة وتدفق المعلومات وممارسة الإعلام لدوره في التنمية والتنوير والمشاركة الفاعلة في صنع التحول الديمقراطي لليمن الجديد.
وقالت النقابة أنها تجد نفسها مضطرة لتذكير وزارة الإعلام التي وضعت المشروع أن الحرية هي ما يتحقق أولا من خلال الصحافة ووسائل الإعلام المختلفة، وإن عن طريق حرية الصحافة والإعلام تكتسب الدول والحكومات هذا العدد الكبير من الفضائل، ولا جدوى في انتخابات ما لم يكن هناك من يستطيع أن يخبر عما يفعله،.
وأضافت "بدون التدفق الحر للأفكار والمعلومات، وبدون التحاور والنقاش المفتوح والمستمر للآراء والآراء المختلفة بواسطة وسائل إعلام حرة ومستقلة ومتعددة، كيف لنا أن نأمل البتة في أن نصل إلى الحقيقة؟ و إن الأفكار يجب لها أن تختبر في نقاش علني لمعرفة مدى صمودها، وغربلة الصحيح من الباطل؟ وكيف يمكن لأي مجتمع أن يدعي أنه حر إذا لم يكن يملك تلك الحرية؟".
ولفتت النقابة إلى إن الحكومة معنية بضرورة قيام قطاع إعلامي نابض بالحيوية والنشاط، مع صحف وإذاعات ومواقع على الإنترنت ومحطات تلفزيون متنافسة مستقلة، يتيح لهذه الأصوات بأن تُسمع آراءها للحكومة وللمسئولين، حيث بإمكان هذه الوسائل تسليط الأضواء على المشاكل، وتشجيع المواطنين والمسئولين الحكوميين على معالجتها، وتمكين حتى المعدمين من الناس من خلال منحهم المعلومات الحقيقية، والكل يستفيد إذا سنحت للفقراء فرصة تحسين أوضاعهم والمشاركة في الفرص التي تتيحها حرية التعبير، والصحافة الحرة، وإتاحة فرص العمل والاستثمار في هذا القطاع.
وتابع بيان النقابة القول "إذا ما كان لدولة ما أن تتمتع بالتفوق السياسي والاقتصادي الذي تمكنها سيادة القانون من إحرازها، فمن الضروري أن تبقى مؤسساتها القوية مفتوحة أمام مراقبة الشعب الدقيقة لها، وإذا كان يُراد للتكنولوجيا والعلوم أن يتقدما، علينا تبادل الأفكار علناً وفي ساحة التنافس الحر والمسؤول بعيدا عن عقلية الإقصاء ووضع العراقيل السالبة لأي توجه لتحرر وسائل الإعلام. وإذا كان للحكومات أن تحظى بالتقدير لكونها خاضعة لمساءلة ومحاسبة الشعب، فإن وسائل الإعلام الحرة المستقلة ضرورية لتحقيق عملية الرقابة والمحاسبة".
يأتي إعلان النقابة لموقفها بعد يوم من نشر "المصدر أونلاين" تقريراً يستقصي آراء الصحفيين حول عزوف النقابة عن إصدار بيان رسمي يحدد موقفها من مشروع القانون، والذي عبر فيه الزملاء الصحفيون عن استيائهم من تصرف النقابة، وطالبوها بإصدار بيان يحدد موقفها، لأن بيانها يعتبر وثيقة رسمية تستند عليها المنظمات الدولية المهتمة بالدفاع عن الحريات لتتضامن مع موقف الصحفيين اليمنيين الرافض لمشروع القانون.