لا يزال الإسلاميون العرب يثبتون عجزهم عن فهم النموذج التركي. المنافسة التركية اليوم لم تكن بين الإسلام والعلمانية وإنما بين نماذج سياسة مختلفة من العلمانية.
عندما زار أردوغان مصر عقب فوز مرسي بالرئاسة كانت أول نصيحة يوجهها للإخوان هناك أن يسعوا لتأسيس دولة علمانية.
حزب اردوغان نفسه حزب علماني لأن الدستور التركي بحظر تأسيس أحزاب على أساس ديني. وهذا لا يتعارض مع التدين والالتزام الديني الشخصي لأعضاء وعضوات الحزب.
تركيا هي البلد المسلم الوحيد الذي فاز فيه "إسلاميون" بانتخابات نزيهة وتولوا قيادته. والسبب في ذلك أن النظام العلماني لا يهتم بالأفكار الدينية للأشخاص بقدر إهتمامه ببرامجهم السياسية.
تركيا محاطه ببلدان تنخرها الصراعات المذهبية في حين تقف تركيا متعافية ومدنية ومتماسكة والسبب في ذلك أن الدين لا يتحكم في المجال العام وإنما ينحصر في المجال الخاص والفردي.
تركيا واحدة من أقوى النظم العلمانية في العالم. وقد راجعت نفسها لتتحول الى علمانية ديمقراطية تعددية.
وفوز اي حزب بالإنتخابات ليس انقلابا على العلمانية بل تأكيد لها.
قرارات الناخب التركي لا علاقة لها بأوهام الحلف الإسلامي السني والصراع صد ايران.
إنها مرتبطة بمصلحة الناخب التركي والطريق الأفضل لمستقبله. واعتقد ان بداية الإنهيار لتركيا ستكون في التحول من النظام العلماني إلى النظام الديني الذي سيحولها الى بؤرة صراع للهويات الدينية القاتلة.
مبروك لتركيا الديمقراطية العلمانية المدنية هذا الاستحقاق. ومبروك لاوردغان (العلماني سياسيا والمتدين شخصيا) وحزبه المتألق هذا الفوز السياسي والانتخابي المستحق.