العربي من طبعه وفيٌ، سواء كان في العهد الجاهلي، أو الإسلامي، أو في العهود التي اختلط فيها الحابل بالنابل، فالعربي الأصيل يُضرب به المثل عبر التاريخ في الوفاء التام. فاليمن أصل العروبة فيها، ولم تتعرض اليمن لأزمتها الحالية إلا بعد أن تخلت الثلة «الحوثية» عن عروبتها التي باعتها لإيران بدراهم بخسة.
فلم تعد للكلمة وزن ولا قيمة ولا للاتفاقيات التي أبرمت ولا زالت تبرم في جنيف المنقوصة أثر على أرض الواقع، وها قد بدت محادثات جنيف لإنزال السلام على اليمن تتراجع نتائجها أمام الكراسي الشاغرة في أروقة المؤتمر الموقر.
من أين يأتي الوفاء أمام قلب خالي الوفاض من الولاء لليمن وأهله إلى أحضان إيران وحراس ثورتها وقادتها الذين سفكوا دماء اليمنيين أولاً، ومن ثم كل من وقف في طريق ارتكاب المزيد من المجازر.
قبل بدء المؤتمر بأيام قليلة طالت يد الغدر شهداءنا من دول التحالف بعد تحرير باب المندب عن شرارة شرورهم وتطاير أفكارهم الإرهابية في تطرفهم.
من أين لنا أن نثق في قوم «حوثيين» حاثوا النار وأهالوها على أهلهم وذويهم لمصلحة الخارج ولو على حساب دمار الداخل، فهذا هو المبعوث الأممي الخاص يبدي قلقه من انتهاكات وقف إطلاق النار، ويدعو مع ذلك إلى مواصلة الجهود لإيجاد حل سياسي عاجل للأزمة في اليمن.
وها هو الناطق باسم التحالف العربي يؤكد على أن هناك أكثر من 287 خرقاً للهدنة من قبل ميليشيات الحوثي وصالح منذ إطلاقها.
وإذا استمر تكرار هذا الغدر، فمن حق التحالف استئناف عملياته، وخاصة وأن الميليشيات تدرك فعلاً بأن الخناق بدأ يضيق عليها من كل الاتجاهات.
والأنباء الواردة عن القوات الموالية للشرعية في اليمن التي تسيطر على جبل الصلب شمال غرب مأرب، يعتبر تدخلاً أولياً في مناطق «نهم» التابعة لمحافظة صنعاء، وهو خير إشارة إلى قرب تحرير اليمن كله من أيدي كل رافضي إحلال السلام بعد أن ساهموا في الإخلال بالمعادلة الأمنية والسياسية في هذا البلد المكلوم من قبل «الحوثيين» وأشياعهم، منذ أشهر عسيرة.
والذي يسعى للسلام يطلق صواريخه للاستعداد أم يقدم بين يديه ما يؤكد ذلك ميدانياً، ففي تلك الفترة التي تهيأ العالم كله لنشر مواثيق السلام، قامت قيادة التحالف العربي برصد صاروخين بالستيين تم إطلاقهما من الأراضي اليمنية باتجاه المملكة، حيث سقط الصاروخ الأول داخل الأراضي اليمنية بعد اعتراضه، والثاني سقط في منطقة صحراوية شرق نجران.
المماطلة في جنيف ستؤدي إلى نفاد صبر التحالف على حسن سير المؤتمر إذا لم تعدل هذه الشرذمة من سلوكها وتتصرف بروح المسؤولية التي تحمي اليمن من كل سوء.
فعدم حضور وفد الحوثيين جلسات الحوار ماذا يعني بالله عليكم، فالتحالف جاد مع الحكومة اليمنية في ذلك، وهؤلاء القوم لا زالوا سادرين في غيهم.
فالسلام الذي لا يحل في «جنيف» لن يكون له أثر في حال استمرار الحرب التي ستحرر النسبة الباقية من اليمن بقوة الحق وسلاح العدالة وعودة الشرعية.
فالمأمول في «جنيف» أن يطول زمن تعليق السلام في أروقة مؤتمرها، وإلا فإن قوات التحالف قادرة على إنزاله بعد أن ينقطع عقد الصبر من أعناقها، بأفعال غدر «الحوثيين» في قلب اليمن على الأرض لمصلحة من لا يصلح وضعه إلا بإهدار قيم الولاء والوفاء والإخلاص والانتماء تحت أقدام بائعي الوفاء لغير أهله ولا في محله.