عبر نصائح وجهها رئيس الجمهورية للمواطنين بحفر "الكروف" لحجز المياه وتغذية المياه الجوفية، بدلاً عن السدود المكلفة لخزينة الدولة، سارعت بعض الجهات لإنقاذ "حوض صنعاء المائي"، ومنها إدارة مشروع وحدة تنفيذ السائلة بالعاصمة صنعاء التي قامت باستحداث مجموعة من الحفر لا يتجاوز قطر الواحد منها 90م وبعضها في أماكن قريبة من التجمعات السكانية، الأمر الذي نتجت عنه بعض الأضرار المادية والمعنوية في الأموال والأرواح كذلك.. "المصدر أونلاين" نزل إلى موقع الحدث لرصد وتتبع المشكلة فكانت هذه المادة.
حالتا وفاة الأسبوع المنصرم لقي الطفل أسامة فيصل محمد السلمي (9 سنوات) مصرعه في إحدى تلك الحفر القريبة من مدرسته الأهلية بحي الأصبحي حارة القادسية، وقال شهود عيان إن الطفل شوهد وهو يغرق في إحدى هذه الحفر بعد انزلاقه في الوحل المحاذي للحفرة، ولم يتمكن الأهالي من إنقاذه إلا بعد فوات الأوان. وبعدها بزمن ليس بالقصير حضرت سيارة الإنقاذ بحسب هؤلاء الشهود.
والد أسامة، الشيخ فيصل بن محمد السلمي، عبّر ل"المصدر أونلاين" عن أسفه وانزعاجه الشديدين جراء هذا الإهمال المتعمد في تسوير أو تسييج هذا المشروع دون مراعاة أبسط القواعد للحفاظ على أرواح وممتلكات المواطنين.
ولدى نزول "المصدر أونلاين" إلى موقع الحدث للبحث عن حالات مشابهة تحدث إلى الموقع عدد من الأهالي القريبين من هذه الحفر المقابلة لسور دار الرئاسة الواقع في شارع الأربعين والمؤدي إلى بيت بوس، ومن بين هؤلاء عبدالسلام قاسم الجبرني (54 عاماً) الذي كانت ابنته ذات السنوات العشر إحدى ضحايا هذه الحفر المائية، قبل بضع سنوات وهي عائدة من مدرستها (إخوان ثابت) الأمر الذي دفع بوالدها إلى ردم تلك الحفرة بالقوة رغم معارضة جهات حكومية له.
وأكد ل"المصدر أونلاين" الذي التقاه أمام بيته، أنه خسر في عملية الردم ما يقرب من ثلاثة ملايين ريال وسط وعود من مدير المديرية حينها (العمدي) بأن يحل المشكلة أو يقوم بالتعويض.
وحول الصعوبات التي واجهها للعثور على ابنته وسط تلك المياه قال الحاج عبدالسلام (أحد أبناء بعدان إب)، أنهم ظلوا ثلاثة أيام يبحثون عنها في الحفرة غير أنهم لم يصلوا إلى مبتغاهم إلا بعد استخدام ثمان مضخات لشفط المياه.
وفي المقابل -كما يقول والد الفتاة- اكتفت الجهات الرسمية بالتفرج حيث لم يحضر مدير التربية بالأمانة الفضلي، إلا في اليوم الثاني وليته فعل شيئاً. لكن والد الفتاة أثنى كثيراً على مدير البلدية، عايض الشميري، الذي قال إنه وقف معه إلى نهاية الحفر مشرفاً ومعاوناً ومناصراً.. الحاج عبدالسلام قال إن أي عمل الآن لن يعيد إليه حياة ابنته، لكنه اكتفى بردم الحفر التي ظلت على حالها سنوات، حتى كان هذا العام فأعادوا فتحها من جديد بعد أن أنشأت الحكومة جسراً ليعبر عليه الطلاب الدارسون في ثلاث مدارس هي: إخوان ثابت والشهيد الطيار الشامي ومدرسة محمد إسماعيل فضلاً عن المدارس الأهلية الأخرى.
رأي المختصين مهندسون رفضوا التحدث للموقع لعدم معرفتهم بالوضع هناك، فيما آخرون تحدثوا طالبين عدم ذكر أسمائهم، وهو يعملون في المشروع قالوا إن وحدة مشروع تنفيذ السائلة هي الجهة التي لم نذهب إليها إلا بعد أن أغلقت أبوابها أمس الاثنين، ونظراً لضيق وقت إخراج هذا العدد فإننا نطرح هذه القضية بين يدي الجهات المختصة لإبداء رأيهم فيها.
إلا أنه وبالعودة إلى الحديث الهندسي فقد استحدث الجهة المذكور بحسب المتحدثين العديد من الحفر في ثلاث جهات هي حي القادسية المحاذي للرئاسة وبجانب الكلية الحربية بالروضة، وخلف المطار صنعاء الدولي، وبالنظر إلى صغر هذه الحفر يقول المهندسون إنه ليس بإمكانها تغذية المياه الجوفية لحوض صنعاء لاسيما في أيام الخريف موسم الأمطار وبالتالي امتلاء الحفر دائماً وعدم بقاء المياه القادمة إليها وذهابها سدى.
المختصون تحدثوا ل"المصدر أونلاين" أيضاً أن بقاء هذه الحفر بجانب الأحياء السكنية يؤدي إلى إصابة السكان بالملاريا، نظراً لتجمع البعوض حولها، لاسيما في الليل وفي المياه النقية، وكذلك تخريب الطريق الإسفلتي، وتجمع النفايات والمخلفات فيها، بالإضافة إلى استخدام بعض المواطنين لهذه الحفر كمقلب للنفايات وإفراغ ماء البلاليع والبيارات فيها.
وأضافوا أيضاً: لا توجد صيانة لهذه الحفر، ولا حواجز تمنع سقوط الأطفال أو المجانين فيها، ولا حتى حراسة لمنع "مقاضاة الأغراض" والاستخدام السيئ لها.
وبعيداً عن ذلك كله فقد رفض مواطنون تحدثوا للموقع بنيهم خالد الفتاحي وعبدالسلام الجبرني وآخرون بقاءها بهذا الشكل بدون سياج واق يحمي الأطفال، لاسيما وأن العديد من المتهورين يتسابقون على السباحة فيها، وهو ما يعده الأهالي خطراً محدقاً بأرواحهم وأرواح الأطفال الذين يتسللون لتقليدهم.. وكذلك الحفر التي تقع وسط الحي.