صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    مليشيا الحوثي توافق على عقد لقاء مباشر مع الحكومة الشرعية مقابل شرط واحد    الشيخ بن بريك: علماء الإسلام عند موت أحد من رؤوس الضلال يحمدون الله    أذكروا محاسن موتاكم.. فتشنا لمحاسن "زنداني" ولم نجدها    كيف علقت حركة ''حماس'' على رحيل الشيخ الزنداني    القبض على مقيم يمني في السعودية بسبب محادثة .. شاهد ما قاله عن ''محمد بن سلمان'' (فيديو)    لابورتا بعد بيان ناري: في هذه الحالة سنطلب إعادة الكلاسيكو    انقطاع الشريان الوحيد المؤدي إلى مدينة تعز بسبب السيول وتضرر عدد من السيارات (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مكان وموعد تشييع جثمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني    شبام يستعد توازنة أمام التعاون بالعقاد في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    قيادي حوثي يقتحم قاعة الأختبارات بإحدى الكليات بجامعة ذمار ويطرد الطلاب    التضامن يقترب من حسم بطاقة الصعود الثانية بفوز كبير على سمعون    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    ميلشيا الحوثي تشن حملة اعتقالات غير معلنة بصنعاء ومصادر تكشف السبب الصادم!    برئاسة القاضية سوسن الحوثي .. محاكمة صورية بصنعاء لقضية المبيدات السامة المتورط فيها اكثر من 25 متهم    دعاء مستجاب لكل شيء    الحوثيون يستجيبون لوساطة قبلية للسماح بإقامة مراسيم الدفن والعزاء للزنداني بصنعاء    في اليوم ال 199 لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.. 34151 شهيدًا ونحو 77084 جريحا    حزب الرشاد يعزي في وفاة الشيخ الزنداني عضو الهيئة العليا للإصلاح    - عاجل محكمة الاموال العامة برئاسة القاضية سوسن الحوثي تحاكم دغسان وعدد من التجار اليوم الثلاثاء بعد نشر الاوراق الاسبوع الماضي لاستدعاء المحكمة لهم عام2014ا وتجميدها    رئيس مجلس القيادة: برحيل الشيخ الزنداني خسرت الأمة مناضلاً جمهورياً كبيراً    ديزل النجاة يُعيد عدن إلى الحياة    الكشف عن علاقة الشيخ الراحل "عبدالمجيد الزنداني" مع الحوثيين    الزنداني كقائد جمهوري وفارس جماهيري    عودة الزحام لمنفذ الوديعة.. أزمة تتكرر مع كل موسم    رئاسة الجمهورية تنعي الشيخ عبدالمجيد الزنداني وتشيد بدوره في مقارعة النظام الإمامي    غضب المعلمين الجنوبيين.. انتفاضة مستمرة بحثا عن حقوق مشروعة    وزير الصحة يشارك في اجتماعات نشاط التقييم الذاتي لبرنامج التحصين بالقاهرة    ماني يتوج بجائزة الافضل في الجولة ال 28 من دوري روشن السعودي    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب تحتفل باليوم العربي للتوعية بآلام ومآسي ضحايا الأعمال الإرهابية    الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني يبعث برقية عزاء ومواساة الى اللواء احمد عبدالله تركي محافظ محافظة لحج بوفاة نجله مميز    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    تراجع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر.. "كمل امكذب"!!    راتكليف يطلب من جماهير اليونايتد المزيد من الصبر    مجازر صباحية وسط قطاع غزة تخلف عشرات الشهداء والجرحى    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    ارتفاع الوفيات الناجمة عن السيول في حضرموت والمهرة    انخفاض أسعار الذهب مع انحسار التوترات في الشرق الأوسط    ريال مدريد يقتنص فوزا ثمينا على برشلونة في "كلاسيكو مثير"    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    فاسكيز يقود ريال مدريد لحسم الكلاسيكو امام برشلونة    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    النقد الدولي: ارتفاع الطلب الأميركي يحفز النمو العالمي    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    الأهداف التعليمية والتربوية في قصص القاضي العمراني (1)    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وباء يقلق أهالي مديرية التعزية
المواطنون أغلقوا مدرسة والمستشفيات والمجاري بحاجة إلى حل
نشر في الجمهورية يوم 20 - 10 - 2010

مديرية التعزية تتخذ شكل هلال ممتدا من شمال غرب مدينة تعز إلى شمال شرقها، يخترقها أطول شارع على مستوى الجمهورية بعرض ستين متراً.. هذا الهلال الكئيب تعيش عدد من قراه حسب وصف السكان، الذين تشاهد بعضهم مثقلين بالأدوية عبر الطريق يحملون مرضاهم على الدراجات لعجزهم عن تحمل أعباء تكاليف العلاج..
القرى الأقرب إلى مدينة تعز، وعلى مسافة نصف ساعة بالسيارة يحيطها شبح الموت والناس على مداخلها لايملكون إلا أكفهم تضرعا،ً يدعون الله باللطف بهم؛ كون هذا المرض الجديد يفتك بالمصاب خلال 24 ساعة إن لم يكن لدى المريض من يستطيع إنقاذه في أقرب وقت ولديه قدرة على مواجهة المشكلة فالمرض من هذا النوع فتاك.. أعراضه إسهال شديد مع حمى وقيء لاينفع معه الدواء المعتاد ويترك المريض في حالة إعياء شديد حال استفادته من العناية الطبية التي لاتستطيع الوحدة الصحية مواجهته ولو بالقدر اليسير والاسعافات الأولية.. مدرسة الفاروق بقرية الأغوال أغلقت أبوابها من السبت 2010/10/16م لتزايد أعداد المرضى والخوف من انتشار المرض خاصة بين الأطفال بعد تسجيل حالات العدوى في الأسر نتيجة الاحتكاك بالمصابين.
تعدد الأوبئة
فالمنطقة موبوءة بالأمراض التي تنقلها الحشرات وخاصة البعوض وهو متواجد بأنواعه الثمانية إلى جانب وجود الحشرة الخطيرة التي تعرف باسم اللوشمانيا وتسبب عاهات مستديمة تعرف محلياً باسم الأُثرة التي تبدأ بلسعة الحشرة وغالباً ماتكون خطورتها في أي من ملامح الوجه: الوجنتين- الأنف- الجبين- الأذنين وحتى الأطراف وكلما شعر المريض بالشفاء جراء استخدام الأدوية الشعبية أو وصفات الأطباء غير المتخصصين عاود الجرح ظهوره مسبباً حكة شديدة ومع الأيام تتسع الدائرة ويزيد عمق الأثر والتشوه.
لكن السكان الذين تصفعهم الريح الغاضبة بما تحمله من مواد ملوثة لم تفزعهم الأمراض الجلدية من حكة وظهور بثور وانتفاخات فيما يُعرف لديهم “بالنفطة” وأمراض الجهاز التنفسي والسعال ليلاً ولا الحشرات المستأسدة والتي يكاد البعض يسمع لها زئيرا وليس طنينا فقط بقدر مايرعبهم سرعة انتشار أمراض الاسهالات والقيء والحمى, فالأطفال في نظرهم يفتقرون إلى المناعة لكثرة تعرضهم للحالات العادية من هذه المشاكل بسبب تلوث المياه وتعرض قراهم خلال فصل الصيف للرياح المحملة بدخان مقلب القمامة القريب منهم وماتثيره من كآبة في أجواء قراهم وشعورهم بالاختناق والضيق في القرى الأقرب إلى مخلاف شرعب وفي فصل الشتاء تأتي الرياح من جهة الشرق أكثر تشبعاً بالروائح الكريهة المقززة للنفس من جهة أحواض محطة معالجة مياه الصرف الصحي التي تتجمع فيها مخلفات سكان مدينة تعز ومرافقها وماتحمله السيول من عوادم ومخلفات غير سائلة والحيوانات الميتة التي تتجمع في أماكن منخفضة وتلتقي مع مياه المجاري المتدفقة على مدار الساعة وتفعل فعلها في الأرض والمخزون الجوفي من المياه حتى صارت المياه ملوثة في أرجاء المنطقة ويضطر السكان الفقراء للشرب من مياه الآبار المالحة الملوثة ومن يستطيع الشراء فإنه يجلب الماء النظيف من وادي الضباب الواقع إلى الغرب من مدينة تعز.
مياه ملوثة
كبار السن يحكون وكذلك الشباب في قرى التعزية أن بحيرة المياه العادمة ومنهم “صالح” قريب ممثل المديرية في المجلس المحلي في المحافظة أن منطقة البريهي التي تصدر الملوحة والتلوث بصوره الأخرى إلى مسافة واسعة أفقياً وفي عمق الأرض كانت منابع مياه عذبة تجري في الوادي في زمن قريب وقبل عام 1962م كانت قد حفرت عدد كبير من الآبار في المكان لتغذية تعز إلا أنها اكتشفت لاحقاً بالصدفة لعدم إيجاد بديل لأحواض مياه الصرف الصحي.
خوف وقلق
مديرية التعزية كشكول أمراض وأوبئة ويأتي المرض الجديد ليجعل الناس في حيرة وقلق فهذه الحاجة سعيدة بنت عبدالله غالب من قرية الجلاحب تجزم بأن هذه المرض غير معروف ولاينفع معه شيء مما تعارف الناس عليه فالاسهالات كانت تواجه بطرق العلاج التقليدية حتى يتسنى للأسرة اسعاف المريض إلى المدينة أما هذا المرض فلا ينجو منه المصاب إذا استمر يوما وليلة والناس في هذه القرى إما مصابون بالربو أو السعال وتباغتهم أمراض أخرى يذهبون إلى الطبيب فيقال لهم التهاب في الدم.. وتتساءل عن هذا المرض: ماهو؟ وماأصله؟ ولماذا لاتقوم الجهات الصحية بمعالجة الفقراء الذين يطرحهم المرض الجديد "أبا وأما وأبناء" إذ لايملك الأب 10-15 آلاف لعلاج شخص واحد.
في قرية العكبارية يردد السكان المثل الشعبي السائد عندهم”عكبار الوادي طرد عكبار البيت” في هذه القرية يكاد لسان حالهم يقول بأن المأساة تتهيأ لزيارة كل بيت ولامجال للهروب فإن كان هناك من سيعزف عن الهروب فهي فرحة عيد الأضحى المبارك لأن هناك من اضطر أو سيضطر إلى بيع ذبيحته لدفع نفقات المواصلات والعلاج لحالات مرضية قد تزيد عن أربع حالات في البيت الواحد لاسيما بعد ظهور وفيات لم يدم مرضها 24 ساعة والبعض خلال 15 ساعة ليسود الاعتقاد بأن هناك مرضا مخيفا وهو الكوليرا.
وباء معدٍ
فرحان علي صالح أصيب ولده بالاسهال الشديد والقيء واهتمت أخته به من كل جانب وسهرت لأجله واستجاب للعلاج وهو ابن العشر سنوات ولكن العدوى انتقلت إلى البنت وبدأ المرض من عصر الجمعة قبل الماضية إلى فجر السبت حيث كانت الوفاة ثم نقلنا الأم فوراً إلى المستشفى وتكبد نفقات ثقيلة وأخذ الولد إلى مستشفى الثورة وأجريت تحاليل ووجدت أمراض لم يكن لها أي أعراض وهي التليف الكبدي والتهابات في الكلى وقيل إن سبب الاسهال والقيء الذي كان سبب وفاة البنت مرض خطير وبعد انتشار المرض وظهور أكثر من عشرين حالة في أقل من أسبوع قالوا: هو مرض الكوليرا وهو مايردده الناس ولايصرح به الأطباء..
في قرية المحجر تجمع عدد من الأهالي وتحدث الشاب مروان عبده أحمد وبلهجة فيها الألم فقال: ماذا تنتظر إذا كنا بين دخان”الكنسة” القمامة من الغرب وروائح أحواض الصرف الصحي من الشرق والمياه ملوثة في المنطقة على بعد خمسة كيلومترات من مصب محطة المعالجة وربما أكثر من ذلك ورائحة مياه المجاري تحاصرنا والحشرات الناقلة للأمراض عدونا الدائم ونسمع عن توزيع”ناموسيات” ورش للبعوض من وقت إلى آخر في المدينة لكن عندنا لانعرف شيئا من هذا ولاندري من نخاطب ولانعرف من يمثلنا.
أما حكيم محمد دحان من قرية جلاحب فيقول إن المرض يصيب الأطفال والشباب من الجنسين وحتى كبار السن والمشكلة لاأحد يعرف ماهو المرض وماهو السر فإذا كانت المياه هي المشكلة فلم نكن نعرف مرضاً يموت المريض بسببه خلال عدة ساعات حتى القادم من خارج المحافظة لايسلم من الموت فقد مات شاب يعمل في محافظة أخرى بعد وصوله إلى القرية بيومين.
إغلاق المدرسة خوفاً من تفشي الوباء
من قرية”الوجرة” التقينا السائق هائل سعيد بن سعيد يقول: من كثرة الحالات هناك من نقوم بإسعافهم في أي وقت لكن المرض في القرى الأقرب إلى شارع الستين أقصاها قرية الأغوال وأدناها جلاحب وقد أغلقت المدرسة حماية للطلاب وخاصة الصغار من العدوى وانتشار المرض في عزلة الهشمة وغيرها ونسمع عن تزايد الشكوى من الاسهالات..
احتياجات
أما مدرسة الفاروق المغلقة في قرية الأغوال والتي أقيمت على أنقاض المدرسة القديمة بعد أداء دورها من عام 1962م لاحظنا فريقاً من الشباب ذكوراً وإناثاً متأنقين متفائلين خيراً أن تكون جهة رسمية قد وصلت إلى المكان استجابة لبلاغات وتفاعل من بعض أهالي المنطقة الخيرين وبعض الأعيان ولما اقتربنا وجدنا فريق المركز اليمني لقياس الرأي العام برئاسة سعيد عبدالقاهر جاء من أجل مهمة تشمل 17 مديرية منها مديرية التعزية للتعرف على احتياجات السكان المرتبطة بحياتهم والخدمات العامة ونشاط منظمات المجتمع المدني وحسب افادة بعض المواطنين فقد أدلوا بآرائهم من خلال تعبئة استمارات بحث قالوا فيها إن حاجاتهم متعددة منها الطريق وعلق بعضهم: لنقل المرضى ليموتوا أو يجدوا العلاج في مدينة تعز وخاصة مستشفى الروضة التي استقبلت معظم الحالات وبعد محاولة استطعنا انتزاع كلمات من عضو الفريق أيوب مقبل حسان قال فيها: سمعنا وجود مرض لعله الكوليرا ونحن هنا في الأصل للتعرف على آراء الأهالي حول احتياجاتهم ومدى فاعلية منظمات المجتمع المدني في مساعدة السكان والاسهام في توفير احتياجاتهم وهذا ماقصدناه في قرية الأغوال وماجاورها وسمعنا وشاهدنا أن لاوجود للتيار الكهربائي رغم وجود الأعمدة والأسلاك, والماء غير الصالح للشرب إلى جانب الأمراض المنتشرة التي يعاني منها الانسان والحيوان..
ويقول المواطنون هناك إن ممثليهم في المجلس المحلي ومجلس النواب لايصلون إليهم ولاتواصل بين الطرفين كما لايوجد نزول ميداني من الجهات المختصة بتقديم اللقاحات.
انتبه هنا وباء
في نفس المكان ووسط الشمس الحارقة دعينا من قبل أحد أعيان المنطقة وهو قاسم الشرعبي وجاءنا بشربة ماء وتهيبنا الشرب على شدة الظمأ وبدا الزميل المصور علي الحكيمي مثقلاً بالخوف ومتردداً من شرب الماء مع أن العبوة صحية ومن غير مقدمات أخذت الدموع تتدحرج من عيني والغريب جداً أن أحداً لم يسأل أو يعلق عندها اقتنعنا أن نظرية الحملي حول الوسواس القهري تنتاب الجميع أنا وزميلي وحتى المضيف الشرعبي الذي طاف بنا عدة كيلومترات بحثاً عن ظل شجرة ولما وجدنا الظل الظليل قال: عفواً.. المنطقة فيها وباء.
الطريق
وفي عرض الطريق الذي شق بجهود ذاتية وهو في الأصل طريق مشاة حول إلى طريق وقفنا بين الشمس نترصد الدراجات النارية.. إنها فضيلة في مديرية التعزية لأنها تنقل المرضى وتلبي احتياجاتهم بتكلفة أقل ولاعزاء للنساء فلايركبن الدراجات حتى ولو كان الموت على بعد عدة ساعات.
إيقاف الدراسة
في عرض الطريق استوقفنا سيارة وفي داخلها المعلم محفوظ ناجي غالب من مدرسة الأغوال (الفاروق) وتحدث عن إغلاقها فقال:
السبب حماية التلاميد لأن المرض متزايد وقد سجلت حالات بين الصغار خاصة في الصفوف الأولى وستبقى فصول الأكبر سناً مفتوحة مع ترقب لأي طارىء وقد أشعرنا مكتب التربية بالمديرية ومكتب التربية بالمحافظة والمجلس المحلي بمذكرات رسمية.
تلوث المياه
كما استوقفنا المهندس/عبدالرؤوف دحوة المختص في مجال المياه وهو يحمل كيس أدوية وسألناه عن ذلك فقال: إنه مرض التيفود وهو منتشر بشكل كبير في المديرية والقرى القريبة منها خاصة.
المهندس. عبدالرؤوف (قرية المحجر) أكد أن العلاقة وطيدة بين الأمراض الشائعة في القرى القريبة؛ لأن المياه فيها ملوثة ولذلك مصادر طبيعية بسبب مركبات صخرية في المنطقة في أعلى الوادي الذي تصب سيوله باتجاه الجنوب والملوحة هناك مرتفعة من 2500-3200 وقد تزيد إلى 3500 بأكثر من ضعف المعدل العادي وهناك أسباب أخرى ناتجة عن عوامل بيولوجية بسبب مياه الصرف الصحي وكون محطة المعالجة أنشئت على أسس لم تراع الأسس والشروط العلمية والبيئية ماجعلها مصدر تلوث واسع الانتشار.
مرض مجهول
الحاجة محصنة بنت عبدالله غالب (قرية جلاحب) سألناها عن خبرتها ومدى خوفها على الأبناء والأحفاد فقالت: المرض الذي كان يصيب الناس من إسهال وطرش كنا نعالجه بالحقين مع الشذب ونعطي المريض دواء لو كان صغيرا ويقوم يجري وينط مثل القرد ونزيد الشمر والمقتدر يسرع إلى المستشفى ويعطونه مغذية لأن الطفل ضعيف.. أما المرض الجديد يجعل الناس الفقراء في جحيم؛ العلاج غال والوصول إلى المستشفى يحتاج إلى فلوس، والكل خائف.. والذي سلم من المرض الجديد يشكو ويبكي من مرض ثان.
وتحت وطأة الألم تميط اللثام وهي بنت الستين عاماً وإذا بأنفها مختطف جماله المعمر من قبل (الأثرة) إنها ترجو من يستطيع أن يقدم لها الدواء من داء اللوشمانيا.
رعب حاضر
عبده أحمد قائد عبر عن شعوره بالمرارة متسائلاً: من هو المعني بالنزول الميداني وتسجيل الحالات وتشخيص المرض؟ من يبدد هذا الرعب..؟
الاسهالات والقيء مرض مستمر ومخيف ومُعد والأطباء يقولون: التهابات في الأمعاء، ويقولون تيفود والملاريا موجودة ومرض شائع وحتى حمى الضنك تظهر بين وقت وآخر، لكن الذي لايستطيع أن يسعف أهله الآن وهو يفتك بالناس خلال 24ساعة من له؟ .
تعب
في نهاية رحلة العودة وعلى مقربة من السيل الهادر في مدخل القرى الآنفة الذكر شمال شارع الستين طلبنا من أحد المرضى التوقف وكان على ظهر الدراجة ومعه ابنه وعلى ظهر يده الفراشة: ماذا لديك؟
قال سائق الدراجة: ياناس تعبت من الاسعافات ليلاً ونهاراً.. هذا ليس مرضاً إنما هو لعنة واسألوا مستشفى الروضة واسألوا الناس كيف يتعذبون في المستشفى الحكومي من الإهمال.
منقذ البؤساء
أما الراكب طلال عبده عبدالله فرفع كيس الدواء وقال: في البيت ثلاث حالات تعدت الخطر وهذا الولد أسافر به والفراشة على يديه أربعة أيام لأن حالته ماتزال سيئة رغم أنني عملتُ المستحيل لإنقاذه ويعلم الله ماذا فعلت.. كان الله في عون صاحب السّيكل مجيب قاسم منقذ البؤساء.
- خطر يمتد لقرى بعيدة
قاسم عبده الحاج الشرعبي(من أعيان المنطقة) وإعلامي متقاعد تحدث عن أبعاد قضايا المنطقة قائلاً:
هناك أمراض بشرية أغربها حتى الآن المرض المفاجئ وغير المعهود وأمراض تُصيب الماشية مايزيد سكان المنطقة فقراً وهذه الأمراض يعاني منها حتى سكان القرى الداخلية البعيدة عن مشكلة مياه الصرف الصحي ومقلب القمامة اللذين يشكلان فكي كماشة لسكان القرى في امتداد المنطقة شمال وشمال غرب المديرية فالمجاري وماتحدثه من تلوث للمياه والهواء من الشرق ودخان احتراق المقلب من الغرب والآن على امتداد المنطقة جلاحب – الأغوال ومابينهما مرض فتاك إلى جانب البعوض بأنواعه وأمراض جلدية.
وجود شكلي
وعن دور المجلس المحلي واهتمامه قال:
لانرى ممثلينا المنتخبين إلا في حالة وجود مصدر رزق وهم يسكنون في تعز وربما سألت المواطنين وأجابوا بأن أحداً لايسأل عن حاجاتهم فوجودهم شكلي ولو كانوا مختصين في السياسة أو القانون أو غيره لقلنا إنهم مشغولون بهموم وطنية كبرى فالمياه في المنطقة ملوثة وكان قد تم حفر ثلاثة آبار الأولى على نفقة هائل سعيد أنعم والثانية حفرتها الدولة وكذلك الثالثة والأخيرة جاءت لأن السابقتين فيهما ملوحة فحفرت ورُكبت المضخة لكن المشروع تعثر وهو في أعلى الوادي (الأغوال) الآن من لايستطيع شراء ماء عذبا من الضباب أو عصيفرة فإنه يشرب من آبار حفرها الأهالي والتي لو دخلت مياهها الخزانات أصبحت أشبه بالحلبة!! والحال هكذا منذ حفرت أول بئر بعد الوحدة مباشرة والمجلس المحلي لم يوفر حتى أبسط الأشياء مثل الناموسيات لهذه القرى لاتقاء شر البعوض والحشرات وأنا أحد الذين يتابعون ويجدون الصد في المجلس المحلي وهناك شخص يبذل ما استطاع لكنه وبسبب مواقفه وتذكيره الدائم لأعضاء المجلس المحلي بواجباتهم لم يتمكن من الحصول على الكهرباء من أحد المشروعين الاستثماريين الصغيرين في المنطقة مقابل 1500ريال يدفعها المستفيدون شهرياً لأن مشروع الربط الكهربائي من عام 2007م لم يتم استكماله والمواطن هناك لا يرى من النور إلا مايخدم تعز وسكانها وفي المقابل تعجز السلطة المحلية عن إيجاد حل لمشاكل المديرية بسبب التلوث لأن مجلسها المحلي يعيش خارج دائرة التلوث من جلاحب إلى الأغوال شمالاً إلى شعب أيوب شرقاً على حدود المخلاف حيث يعم الوباء والظلام ولذلك يكرر الناس هنا المثل(عكبار الوادي يخرب عكبار البيت).
وقد يقول قائل لماذا لايهاجر سكان المنطقة إلى مكان آخر ولمثل هذا أقول لكل مسئول اتق الله فيما تعانيه المنطقة وتذكر المثل الشعبي القائل(الغراب يعيش بقرماده).
شارع الستين
بعد تجاوز نهر مخلفات تعز كنتُ أفكر في المثل وأتخيل صورة أحد المرضى الذين يبدو عليه التشوه الخلقي وهو يسأل: هل عندكم علاج لمرضى البواسير؟ إنهم هنا كُثر وأنا أحدهم هل ستساعدونا؟
سرعان ماوصلنا شارع الستين فلم أجد أي عامل من عوامل السلام والأمن النفسي لأن الزميل المصور علي الحكيمي يشتكي الظمأ والجوع بعد رحلة من العاشرة صباحاً إلى الثالثة عصراً إلا أنه كان يدخن بشراهة على غير عادته ولايشرب ماءً، ويتحسس جبينه ورقبته بظهر كفه.. وأنا أحمد الله على سلامتنا.
إسهالات في عزلة الدعيسة
البعوض وسيلة نقل لكثير من الأمراض، أهمها الملاريا وحمى الضنك والبيئة في التعزية مهيأة لتكاثر البعوض وحسب عضو المجلس المحلي(عزلة الدعيسة).. حسام الفاتش الذي أكد أن المشكلة تشمل عُزل الهشمة والربيعي والدعيسة وتتطلب عناية كبيرة وردم المستنقعات وتراكم المجاري ومكافحة البعوض بالناموسيات والرش وتوفير كادر صحي متكامل.
وأضاف عضو المجلس المحلي: إنه خلال نزوله الميداني قبل ساعة من لقائنا به وجد من الأهالي شخصا يحمل مريضه المصاب بطفح جلدي نتيجة اغتساله بالمياه الملوثة وتم إبلاغ الوحدة الصحية لتسجيل الحالة والقيام باللازم.. أما الاسهالات فمشاكله مستمرة في العزل الثلاث: الهشمة – الدعيسة – الربيعي، وكلما انتابت الناس نوبة خوف نتواصل مع جهة الاختصاص وهم يقومون باللازم.. مكتب الصحة بالمديرية تلقى بلاغاً من أحد المواطنين مساء الخميس وتم الرفع به إلى مدير عام مكتب الصحة والسكان بالمحافظة وإدارة الترصد الوبائي التابع للإدارة العامة.. البلاغ أكد أن هناك مرضا منتشرا في عدد من القرى وبدأ معه تسجيل وفيات في القرى وبعض منها توفيت في المستشفى حسب قول الدكتور. علي صادق – مدير مكتب الصحة بمديرية التعزية حيث تلقى توجيهات من مدير عام مكتب الصحة بالمحافظة بالتواصل مع إدارة الترصد الوبائي فوراً باعتبارها الجهة المعنية بترصد الأمراض الخطيرة حيث إن إمكانيات مكتب الصحة بالمديرية ينقصها الكادر والأجهزة لمواجهة الاحتياجات الاعتيادية والقيام بالنزول الميداني للتحقق من وجود مرض خطير والتحري والفحص وقمنا بالاجراءات الممكنة في إطار المديرية بناء على توجيهات المدير العام، منها تشكيل فريق صحي تحرك إلى المنطقة برفقة طبيب ومخبري ومسئول الترصد الموجود في المديرية وأخذت عينات من مياه الشرب وكانت الحالات المصابة بالمرض قد أخذت إلى المستشفى والعينات من المصابين في مستشفى الروضة والمستشفى الجمهوري ونقلت إلى المختبر المركزي لتأخذ وقتها لمدة ثلاثة أيام فهو فحص زراعي لمعرفة نوع الجرثومة الذي شكل الوباء وحتى الآن نحن منتظرون النتائج، وبحسب الطبيب الذي نزل ضمن الفريق إلى قرى جلاحب والأغوال قال إنه اطلع على بعض الفحوصات في المستشفى وإن المرض وفقاً للفحوصات ليس بالمرض الذي يشكل فاجعة لدى بعض السكان لأن وباء الكوليرا تم استئصاله من اليمن قبل فترة زمنية طويلة وأنا أستبعد أن يكون مرض الكوليرا فالاسهالات والقيء يمكن أن تكون بسبب تلوث المياه ومستوى النظافة الشخصية وحين تظهر النتائج سنجد الكلمة الفصل.
المنطقة موبوءة بالعديد من الأمراض
وعن دور مكتب الصحة في الوقاية من هذه الأمراض وخاصة الالتهابات المعوية وماتؤدي إليه من إسهالات بين الصغار والكبار قال د.علي:
لاشك أن إصابة العديد من الحالات وانتشار المرض سببه أن الناس يشربون من بئر واحدة ولابد من الوعي والاهتمام بالصحة من الناس أنفسهم ومن قبل الجهات المختصة بمكافحة الملاريا فالمنطقة موبوءة بالعديد من الأمراض لأن مخلفات المجاري والمصانع والقمامة واحتراقها تتم جميعها في مديرية التعزية ولاشك أن الاهتمام بهذه القضايا سيمنع عددا من الأمراض خارج المنطقة وفي تعز نفسها.. وعن توزيع الناموسيات قال الدكتور. علي: نحن نرفع بالاحتياجات وفق حدود مسئولياتنا والمديرية تحتاج إلى الناموسيات والرش لمكافحة البعوض الناقل للملاريا لكن البرنامج الوطني يخطط وينفذ خططه مركزياً ويحدد أياما محدودة لتوزيع الناموسيات ففي آخر مرة وزعوا عددا محدودا قالوا إنهم جاءوا بنحو 15ألف ناموسية وكانت الكمية غير كافية وربما لم توزع كلها واقترحنا 37ألف ناموسية وتم التوزيع وحددت خطوط السير مركزياً وهذا يتعارض مع قانون السلطة المحلية واستمررنا نطالب لأن ما تم توزيعه كان أقل من الكمية المعلن عنها أي أقل من 15ألف، وتبقى المشكلة نتيجة تراكم وجريان مياه المجاري وناقلات الأمراض ووجود المساحات المائية المكشوفة تحدد بتصدير أمراض حمى الضنك والاسهالات والملاريا ولابد من حلول دائمة تقوم على استراتيجية حقيقية.
مشاكل المديرية كثيرة
مدير عام المديرية محمد سعيد ردمان: أكد أن المديرية مترامية الأطراف ومشاكلها كبيرة ومبنى المديرية مزدحم بالمراجعين دائماً وكل مسئول يؤدي واجباته ويتنقل بين مناطق وعزل التعزية كلما استدعت الحاجة وأضاف قائلاً: بالنسبة للبلاغ بالحالات المرضية كلفنا مدير مكتب الصحة والعمل جار ونتوقع ما الذي ستظهره النتائج خلال اليومين القادمين.
نسعى للحد من انتشار الأوبئة
أما الأمين للمجلس المحلي علي عبدالسلام الجميلي قال: إن موضوع مياه المجاري والقمامة وعلاقتهما بمصادر الأمراض والمخاوف الحالية موضوع كبير عملنا كثيراً مع المجلس المحلي للمحافظة لوضع حلول وإن شاء الله ستأتي المعالجات إلا أن جغرافيا المنطقة قدرها وكما يعرف الجميع أن مجاري المنطقة الغربية لمدينة تعز ستضاف إلى ماهو قائم.. نرجو من الإعلام التوعية بسُبل اتقاء مصادر الأمراض حتى يأتي الفرج وندعو الله أن يخيب ظن بعض الإخوة المواطنين المتخوفين من المشكلة القائمة وأن يعوا بأن الخدمات الصحية المتاحة رغم الحاجة للمزيد تلبي الحاجة في الظروف العادية حيث إن تحدي نقص الكادر مشكلة؛ لأن التوسع في المرافق موجود والحاجة إلى الكادر متزايدة ومن أصل 320كادرا ففي العام الماضي اعتمد للمديرية 7 فقط، والعلاجات المتوفرة هي لصحة الطفل المريض وتقدم مجاناً.
بانتظار النتائج المخبرية
الدكتور. عبدالناصر الكباب – مدير عام مكتب الصحة بالمحافظة أكد أن التقارير الميدانية لم تصله حتى لحظة تحرير هذه المادة وأن المكتب بانتظار نتائج فحص العينات التي أخذها الفريق من الميدان لتحديد نتيجة الترصد الوبائي.
وعن إمكانية ظهور نتائج غير متوقعة قال الكباب:
كل الاستعدادات موجودة رغم ضآلة الاحتمال والأهم الآن أن يعمل المواطن على مساعدة نفسه أولاً وغيره ثانياً من خلال النظافة الشخصية التي لها دور في الوقاية من أمراض الإسهالات والالتهابات المعوية ولابد من الوقاية من المياه الراكدة والبعوض الناقل للملاريا وحمى الضنك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.