أثارت جمعية حضرموت بصنعاء، منذ عدة سنوات، ملف الوضع البيئي لمياه حوض المسيلة بمحافظة حضرموت، على ضوء شكوى رفعت من أهالي منطقة غيل بن يمين عن ظهور حالات نفوق بعض الحيوانات من الجمال والأغنام، وإتلاف أراضي زراعية، وتوقف المياه في عدد من الآبار الزراعية. بادرت قيادة الجمعية إلى تشكيل لجنة متابعة من المهندسين المختصين لمتابعة وزارة النفط للنزول لدراسة المشكلة، ورفع تقرير عن نتائج الدراسة، نظرا لطبيعة الموضوع العلمية. تمكن الفريق الهندسي من النزول بعد الحصول على ترخيص يسمح بزيارة موقع إنتاج النفط في شركة كنديان نكسن بتروليم العاملة في المسيلة، لمعاينة أحواض ترسيب المياه التي تستخدمها الشركة في عملية فصل المياه عن النفط، خاصة استخدام كميات كبيرة من المياه في عملية الضغط الموازي، لاستخراج مادة البترول، وهو ما دفع بالشركة استخدام ملايين من براميل المياه النقية في العمليات النفطية الإنتاجية لأكبر مخزون للمياه العذبة في شبة الجزيرة العربية، وفقاً للدراسات البيئية التي تؤكد حجم كثافة طبقات المياة في الهضبة الشمالية الغربية، وصحراء الربع الخالي، وبطون سهول وادي حضرموت. وقد حرصت الجمعية على مناقشته التقرير، وأبدى المركز الكندي تعاونه في دعم الفريق المختص لجمع وتحليل المعلومات وفحص العينات، لكن مهمة الفريق الهندسي تعثرت نظراً لعدم السماح لهم بزيارة أحواض الترسيب، وشكك أحدهم بعدم اهتمام الشركة بإقامة حواجز بلاستيكية عازلة داخل الأحواض التي ترسب بداخلها المياه بعد الانتهاء من فصل النفط عن الماء. في شهر رمضان الفائت يقول مدير عام مكتب وزارة النفط والثروات المعدنية بوادي حضرموت في أمسية رمضانية بمنتدى شبام الثقافي: إن نسبة التلوث تراجعت بشكل كبير مما كان عليه في السابق، وعزا ذلك إلى قيام الشركة المنتجة بإنشاء حواجز بلاستيكية في أحواض المياه. في حين أشار أحد المهندسين من أبناء شبام إلى إن كل الشركات العاملة في مجال النفط في العالم ملزمة بنشر تقرير سنوي عن الأوضاع البيئة في منطقة الامتياز، لكن المؤسف أن جميع الشركات المنتجة بحضرموت تتجاهل ملف البيئة ولم تنشر أي تقارير أو معلومات عن الحياة البيئية في مناطق الامتياز، بل هناك تكتم شديد عن الملف البيئي والجهات المعنية متواطئة في ذلك. يشار إلى وقوع حالات وفاة لعدد من أبناء منطقة "قيم بلحرك" في مديرية الضليعة نتيجة إصابتهم باللوكيميا الحادة (سرطان الدم). وشكا الأهالي إلى السلطة المحلية بالمحافظة، وقامت الوزارة بصرف نفقات علاج ومبالغ لتذاكر السفر لهم ما يدلل على خطورة بقايا مخلفات الحفر بعد إهمالها وتركهامكشوفة في منطقة قريبة من التجمعات السكانية. في مناطق عمليات الإنتاج (مواقع الامتياز) للشركات النفطية بحضرموت لا يستبعد وجود حالات تلوث للمياه، بالرغم من التعتيم الإعلامي الشديد حيال هذا الملف، ويبدو أن التشديد على الشركات المنتجة للحد من مظاهر التلوث لم يكن من أولويات السلطات المحلية في القطاعات النفطية، فضلا عن غياب جمعيات البيئة.