لا أظن بأنهم سيستقبلونه بشيء من التفاعل؛هتافات أبناء تعز ستكون بطيئة خاملة وربما صامته،بهرجات عيد الوحدة ال20؛لن تكون أكثر من أصوات مشروخة ومناديل مبللة بالدم والدموع؛ يتحتم أن لا يكون أكثر من النعي لواقعهم المؤلم؛لأوضاع المحافظة التي صارت باهظة في مظاهرها الأمنية العسكرية،ودونية في فاقتها الجاثمة على صدور الناس. مثل هذه الاحتفالات الموسمية التي دأبت إليها السلطة في السنوات الأخيرة ليست سوى خدعة كبرى في ظل حياة قاسية شاقة؛ تقيم في الغالب الولائم ويهبط الكثير من المتخمين إليها؛يقضون وقتا لا بأس به في وجه الكاميرا يرشحون ويتبسمون في مشهد اللاحياء؛يضعون حجر الأساس ويقصون الشريط الملون عدة مرات ويغادرون؛لا يريدون أن يفتحوا عيونهم. كأنهم يترقبون أن تتم هذه السلطات عملها إلي النهاية حيث لا يبقي من يعيش بكرامة و يستطيع الوقوف،حتي لا يبقي صوت واخضرار لتعز،و حتي لا يبقي طفل يبتسم.
مسئولون ينظرون إلي الفقر والقتل وقضايا الناس تتعاظم تتفجر ثم يتساءلون-فيما بعد- بكل نفاق بكل بلاهة عن السبب،يريدون أن يقولوا لنا أنهم ليسوا طرفا في أوجاعها؛وهم في الأصل طرفا ضالع في كل همومها.لكنهم يميلون حيث مالت مصالحهم وليس لنا عليهم إلا أننا نسينا تذكيرهم بما آلت إلية أوضاع تعز.وصحافيون وأشباه مثقفين وكتاب الفلتة يتشدقون لكشف الحقيقة وما يجري لهذه المحافظة فتهموا الضحية وتجاهلوا الجلاد.
منهم من كان من أبنائها ويسكن حاراتها فأشاح عليها حبره وقلمه و صفحاته وساند صاحب لقمة عيشه الذي يتاجر بحقوق الناس،وتناسى الحقيقة والمصداقية والعمل الصحافي المحترم وظل يراقب كل ما يدور هناك متغطرسا عبر سياسة الخنوع أحيانا وفي أحايين أخرى خلف حكمة الجد الأول المفضلة "أنا رب ابلي" مع أن غالبيتهم صاروا مكشوفين نعرفكم تخفون كسرة الخبز الذليل وراء ظهوركم.
ومنهم من أوجع رؤوسنا في أيام سابقة بالليبرالية كأساس لمناهضة عنصرية ومناطقية النظام وسموا لأنفسهم كشباب متطلع متجدد أو ليبراليين في ظل مهنة الصحافة اشتكوا..كتبوا،وتهكموا ضد سوء السلطة ومركزيتها العفنة،ولكننا لم نقرأ يوما تنبئهم بأفول مشاريع كتاباتهم الرافضة؛فاجأنا اختفائكم؛غابوا هذه الأيام فلم نسمع لهم كلمة ولا نفسا حتي لا يفتضح أمرهم وتتضح وجوههم الناعمة المشذبة في صالونات صنعاء.
لم نعد نقرأ ولو مقالا واحدا لصحفي ليبرالي أو شيوعي أو نصراني، جديدا أو قديما يدافع عن ما يجري لهذه المحافظة وأبنائها لم نر مسئول يدخل في المشهد ولو من باب المجاملة والتمثيل،خيروا الانسحاب والضمور ولعله حياء من المحاسبة؛فذهبوا إلي ابعد من الدور المطلوب؛ونكاية بمحافظة تعز يحاولوا جاهدين تجاهلها بالكامل وما تعانيه؛إنه زمنكم المنحط؛ندرك بأن عيونكم ستظل مغلقة حتى تنتهي الزيارة وتفرغون من نشوة التصفيق للخطاب المنتظر مع انه مكرر مستهلك ومعاد؛وتعودوا لترتموا في أحضان مقاعدكم كراسي اللامبالاة لتنسون تعز.
من تشبه مواعيد زيارتكم إليها إلي حدٍ ما تفقد مريض في مشفى؛وسواء كانت متعمده أو بالصدفة؛لم ينتظر المرضى أكثر من مصافحة باردة ومجرد تكشيرة أسنان باهتة على عجل،وفي أحايين أخرى مظروف غامض تتبرع به شركة محلية في مناسبة غالبا ما تكون دينية أو وطنية من نوع هذا العيد؛حال محافظة مصابة بلعنة سلطة حاقدة ماكرة ومعارضة مرهقة باهته.
لم تعد تتخطى آلمها كما في الماضي إنها في واقع بالغ الحرج في ظل سلطة تقول كل يوم إنها أخذت على عاتقها تحقيق متطلبات الناس وفق احتياجاتهم الأساسية و هي في الحقيقة لم تفعل حتى الآن ما من شأنه أن يبقي هذه المحافظة قابلة للحياة والتقدم خلافا لشعارات مناسباتية عيديه ترتفع فيها أرقام النفقات على المشاريع العملاقة كما يتحدث المحافظ الصوفي بلغت (15)مليار في إطار استعدادات المحافظة لإحياء باكورة أعراسنا الديمقراطية وابتهاجا باحتفالات الوحدة المباركة"بما يجعل تعز نسخة مصغرة من (جوهنسبيرج)عاصمة جنوب أفريقيا؛نظيفة آمنة لا ينقصها سوى تدفق السياح. أحوال تعز في تدهور مستمر؛لا تحتاج إلى توصيف ولا استدعاء جمل البلاغة الباعثة على الشفقة والبكاء؛ أو الفشخرة السلطوية التدليسية.
الواقع بكامل أوجاعه ويغمر العوز حياة الناس ويتجاوز أوراق الصحف بكل اللغات،قصص اسر مكتظة الأفراد تعيش منذ زمن على ما يأتي من فاعلي الخير،المشاكل باضطراد والبطالة في اتساع مستمر والأحلام تضيق حتى تصيب الشباب بالاختناق لكنها أحياناً تتسع بمساحة تابوت فقط.قبل أيام دفن احمد علي حنش في مدينة الراهده وهو شاب خلوق في ال20 من عمره لقي حتفه على اثر خلاف المشايخ الأغبياء ذاتها الأسباب ربما التي تسببت قبل عام في مقتل مدير مديرية خدير الرجل المهذب احمد منصور الشوافي؛حينذاك ارتفعت الأصوات وانبرت الأقلام مع وضد،ووسط كل ذلك لم تأخذ الحادثة طريقها للعدالة؛لم يقفل باب القضية تماما و ظلت نوافذها مفتوحة فحملت ألينا حادثة قتل أخرى؛كأنهم لم يكتفوا بأحمد واحد فصاروا اثنان.
عنوان حزين مزيدا من الثأر مزيدا من الدم وذلك ما لا نتمناه لطرفي الصراع في خدير أو في شرعب ؛نريد تفنيد وتكذيب أمنيات البعض الشيطانية؛بأن المجازفة بدأت مع إطلاق الرصاصة الأولى ؛بأنه الثأر وبأن شراراته التمعت و صارت خدير مديرية صغيره برأسين كبيرين؛أن مثل هذا الكلام غير المعقول؛لونه قاتم رائحته كريهة ويغذي العدوانية ليس في اتجاه شخص واحد أو اثنين إنه يعمق الجراح ويزيد من تشويه سمعة محافظة كانت آمنة ومديرية كخدير؛شاسعة مترامية النوايا الحسنة وما يزال صوت العقل حاضر لدى أبنائها كما سنسمعه هناك في مخلاف شرعب حيث أعلنوا وقوفهم إلى جانب الحفاظ على الأمن والاستقرار والسكينة العامة في المنطقة وفي كافة ربوع الجمهورية اليمنية.عبر بيانهم الأسبوع الفائت الذي صدر على خلفية حادثة انفجرت بسب بئر ماء ولقي 6 أشخاص حتفهم ،وهاهم يوضحون في بيان لهم أن قرية الجبال تتعرض لحملة عسكرية واسعة النطاق وللقصف المدفعي المتواصل بالرشاشات والمدفعية منذ صباح الأربعاء 5 مايو سقط على أثره جرحى وأثار الذعر بين النساء والأطفال بحسب البيان أصاب فتيات وأوقف الدراسة في مدرسة القرية والقرى المجاورة حيث أبناءنا التلاميذ على وشك أداء الامتحانات النهائية للفصل الدراسي الثاني.
حسنا لا يعنينا ما يهدف إليه بيان مجموعة من الناس في أقصى قرية في شرعب ولكن يجب أن نقر بأن هناك تطلع للعيش بهدوء وليس بقوة السلاح إننا نطمح إلي كثيرا من الأمان في ظل هكذا سلطة عليها أن ترفع لمبدأ الخوف والترويع في حق الناس مع الحفاظ على هيبتها في كل المحفظات كصعده وأبين أو الضالع ومأرب ؛وليس في فرض عجرفتها في تعز البائسة وفي ظل أعيادها ذات البعد الاستعراضي ليس إلا.
إذ لا يعقل بأن تستعرض بطولاتها في تعز المسالمة وتسقط في وحل حماقاتها في جبال مران وحطاط والضالع ؛مثل هذه الأخبار نكره أن تصدر عن محافظة تعز الهادئة غير المجازفة بالآمن والأمان لا يليق بتعز التي تتلو من وطأت عذاباتها مثل تعاملات هذه السلطة المنحطة؛لأن ما تقدمه حتى الآن هو من ضمن الحمولة الشاقة التي تثقل كواهلهم في حق الماء والخبز والدواء،وتزيد من مشقة الحمولة في دفعهم إلي مواجهة الموكب الرئاسي والوقوف في قيض الشمس على جوانب الطرق يدقون الطبول عند مدخل المدن وأزقتها حاملين اللافتات وصور المشير؛يهتفون " بالروح بالدم نفديك يا علي" ولكن ذلك في اعتقادي ما لم يعد يروق للأغلبية هنا.