عاد النقيب عبدالرقيب القرشي (62 عاماً) عصر أمس الاثنين إلى صنعاء، من منفاه بالعاصمة السورية دمشق، بعد أكثر من ثلاثين عاماً على أحداث الفوضى بمنطقة التربة بتعز (مطلع العام 1978م)، والتي يتهم فيها صهره، الرائد عبدالله عبدالعالم، بقيادة حركة تمرد، وإعدام مجموعة من المشايخ في ذلك الوقت. وعلم "المصدر أونلاين" من مصدر مقرب أن مندوبين من الرئاسة استقبلوا القرشي في مطار صنعاء عصر أمس. وقال المصدر إن القرشي يحمل رسالة هامة للرئيس علي عبدالله صالح، مرجحاً أن يلتقي بالرئيس اليوم الثلاثاء، ويسلمه رسالة من زميله بالمنفى الرائد عبدالله عبدالعالم، كمقدمة لعودة الأخير، وإصدار عفو عام بحق المتهمين على ذمة أحداث الفوضى بالتربة.
لكن عودة عبد الرقيب القرشي – الذي كان قائداً للشرطة العسكرية أثناء تلك الأحداث – ليست نهائية، بحسب تصريحات أدلى بها نجله المهندس عواد لموقع "المصدر أونلاين" مساء أمس. و أكد "عواد" أن والده سيعود إلى دمشق بعد الانتهاء من الغرض الذي جاء من أجله، وهو الالتقاء برئيس الجمهورية تمهيداً للإعداد لعفو عام عن المتهمين على ذمة تلك القضية، وعلى رأسهم عبد الله عبد العالم. لكنه لم يحدد وقتاً محدداً لعودته.
ونفى عواد أن يكون والده قد شارك بأحداث يوليو 1978 في التربة. وقال إن التهم المنسوبة إلى والده سياسية، مؤكداً مغادرة والده البلاد في 20 مايو 1978م.
وقالت مصادر مطلعة ل"المصدر أونلاين" إن عبدالعالم التقى الأحد الماضي بالسفير اليمني بدمشق عبدالوهاب طواف، بعد أن رفض العودة بمعية القرشي، واضعاً أربعة شروط لعودته. وتتضمن تلك الشروط: العفو العام واعتذاراً رسمياً من الرئيس، وكذا إرجاع كافة ممتلكاته المنهوبة، إلى جانب تعويضه عما لحق به من أضرار نفسية جراء تشويه سمعته أثناء سنوات المفنى، وأخيراً عمل آلية لصلح عام.
ويتهم عبد العالم – الذي كان قائداً للمظلات حينها - بقيادة حركة تمرد في مديرية التربة بمحافظة تعز، عقب اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي في 1978، كما يتهم أيضاً – وهو الأهم - بتورطه في مقتل عدد من المشائخ الذين بعثتهم الحكومة للتفاوض معه بهدف إقناعه بالعدول وتسليم نفسه.
وغادر عبد العالم البلاد متوجهاً إلى "عدن" بعد القضاء على حركته عقب المواجهات التي خاضها مع قوات الجيش بقيادة الرئيس الحالي علي عبد الله صالح، والذي كان حينها قائد لواء تعز. ويعيش عبد العالم حالياً في العاصمة السورية دمشق.
وتفيد بعض المعلومات المؤكدة أن عبدالعالم رفض العودة إلى البلاد بعد مفاوضات أجريت معه في منفاه بدمشق من قبل سفيرنا هناك. وأن رفضه جاء احتجاجاً على عدم تضمينه وزملائه، بقرار العفو العام في خطاب الرئيس صالح عشية الاحتفال بعيد الوحدة، وعليه فقد وضع تلك الشروط الأربعة ضماناً لعودته.
من جهته رحب سلطان العتواني – الأمين العام للتنظيم الوحدوي الناصري – بعودة النقيب عبد الرقيب القرشي، متمنياً أن ينجح في مساعيه، وعودة بقية زملائه.
وقال في تصريحات ل"المصدر أونلاين" إن حزبه ظل يطالب بالعفو عن أعضاء التنظيم المنفيين بالخارج، وعودتهم إلى البلاد منذ وقت مبكر.
وقال: كنا نتمنى من الأخ الرئيس أن يصدر عفواً عاماً عنهم أثناء خطابه عشية ذكرى الوحدة العشرين. إلا أنه أبدى استغرابه من عدم حصول ذلك أسوة بغيرهم.
لكنه استدرك قائلاً: ومع ذلك، مازلنا نتمنى أن تلغى الأحكام بحق عبدالله عبدالعالم تمهيداً لعودته، كونها كانت أحكاماً سياسية، وأن يتم التعامل مع القضية باعتبارها قضية صراع سياسي تمت وانتهت في ذلك الحين.
وحول تفاصيل عودة القرشي، وطبيعة المفاوضات التي سيجريها مع الرئيس بخصوص التمهيد لعودة نهائية لعبد العالم، لم يقدم العتواني أي تفاصيل، موضحاً بأن التواصل بهذا الشأن يتم بشكل مباشر بين سفارتنا في دمشق، وبين عبدالعالم.
وجدد القول: نحن نرى أن مسألة عودتهم ينبغي أن تكون وفق قرار واضح يقطع كل الماضي كما حدث مع غيرهم.
وعن دور التنظيم بهذا الشأن قال: نحن طرحنا الأمر أكثر من مرة على السلطة، وهناك تواصل يتم معهم بشكل مباشر، ومؤخراً قالوا لنا أن الأخ عبد العالم سيأتي برفقة السفير.
يذكر أن ما جرى من أحداث في التربة في العام 1978 ما زالت معظم تفاصيلها الحقيقية غامضة.
وتتضارب المعلومات حول حقيقة تورط عبد العالم بمقتل المشائخ. وفيما ظلت أصابع الاتهام تشير إليه بشكل مباشر منذ ذلك الحين، ظل هو وبعض من شهدوا معه تلك الأحداث ينفون أن يكون هو من قتلهم. أو بالأحرى أن يكون قتلهم جميعاً، بحسب بعض الروايات.