تزايدت حدة الاتهامات الموجهة إلى مجلس النواب اليمني مؤخرا بشكل دفع الأعضاء والمراقبين السياسيين إلى وصفه بأنه برلمان عاجز تحول من جهاز رقابي تشريعي يهتم بمحاربة الفساد والمفسدين إلى جهة خصصت لخدمة المؤسسات التنفيذية والدفاع عن مسؤوليها. فالكاتب والمحلل السياسي عبد الباري طاهر شبه البرلمان "بقسم شرطة"، مهمته غض الطرف عن هفوات المسؤولين وزلاتهم، واتهمه بالعجز عن القيام بمهمته الرقابية والابتعاد عن التحقيق في قضايا الفساد المالي المستشرية في مرافق الدولة.
وقال طاهر للجزيرة نت إن البرلمان لم يستطع مساءلة أي وزير "فكيف يكون الأمر بتجاوزات مالية في مؤسسات حكومية كبيرة ذات ثقل؟".
واستشهد بعشرات القضايا، ومنها نهب الأراضي والسطو على المال العام، التي ظلت حبيسة أدراج البرلمان دون أن يبت فيها، معتبرا أن مجلس النواب جهاز وظف لخدمة السلطة التنفيذية ولا يناقش القضايا التي يشار إليه بعدم التدخل فيها، حسب قوله.
قضايا فساد وكان تقرير برلماني قد كشف عن تمنع رئاسة البرلمان من التحقيق في عشرين تقريرا رقابيا مضى عليها عدة سنوات تتعلق بتجاوزات مالية خطيرة في مؤسسات حكومية.
واتهم التقرير هيئة رئاسة المجلس بعدم مناقشة تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بشأن تجاوزات مالية كبيرة في موازنات مكتبي رئاسة الجمهورية والوزراء، والهيئات التابعة لهما، ومجلس الشورى، واللجنة العليا للانتخابات، ووزارة الشؤون القانونية، ووزارة المالية للأعوام من 2002 إلى 2006.
ووفقا للتقرير المنشور في أسبوعية النداء، فإن الحساب الختامي لتلك الجهات احتوى على عُهَد بمئات الملايين لم يتم إخلاؤها، ووافقت وزارة المالية على صرف مبالغ خارج الميزانية المعتمدة.
ويذكر التقرير أن الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية لم تخْلِ عهدة قيمتها 894 مليون ريال (نحو 4.47 ملايين دولار)، بينما تجاوز مكتب رئاسة الوزراء الاعتمادات المخصصة له بمبلغ 836 مليون ريال (نحو 4.18 ملايين دولار).
دور غائب ويعتقد رئيس التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري عضو البرلمان سلطان العتواني، أن قضايا الفساد المالي ونهب المال العام لا يقترب منها البرلمان إن وصلت إليه ويكتفي بإصدار توصيات للحكومة بالتحقيق في الأمر وهي بدورها تغلق الملف برمته.
وأكد العتواني للجزيرة نت أن الدور الرقابي للبرلمان غائب وهيئة الفساد أعجز من أن تقوم بهذا الدور خاصة مع الجهات الحساسة في الدولة، على حد قوله.
أما رئيس الكتلة البرلمانية لحزب التجمع اليمني للإصلاح زيد الشامي، فيشير إلى أن تقارير الفساد المالي الصادرة عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة لا تصل جميعها إلى البرلمان وما يصل يكون عبارة عن قضايا جزئية أو هامشية.
وبين الشامي للجزيرة نت وجود بعض التقارير التي حقق فيها البرلمان وقدم توصياته للجهات المعنية بالتحقيق فيها، التي أكدت بدورها أنها حققت في هذه القضايا واتخذت اللازم.
وانتقد الشامي تبعية الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد لرئاسة الجمهورية، مطالبا بإعادة النظر في هذا الموضوع وجعل تبعيتها للبرلمان.
نفي رسمي في مقابل ذلك تنفي هيئة رئاسة مجلس النواب اتهام البرلمان بالتقاعس عن أداء مهمته التي أوكلها إليه الشعب.
ودلل المجلس في بيان له على عدم تهاونه، بمحاسبة الوزراء على الإخفاقات والتجاوزات التي تحدث في وزاراتهم، وكان آخرها استدعاء وزيري الدفاع والأمن واستجوابهما عن الاختلالات الأمنية التي حدثت مؤخرا في بعض المحافظات.
كما لفت المجلس إلى أنه دعا وزير شؤون مجلسي النواب والشورى أحمد الكحلاني، ووزير العدل غازي الأغبري، ووزير الأوقاف حمود الهتار، ورئيس الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني يحيى دويد، وعددا من المسؤولين المعنيين في الجهات ذات العلاقة لمناقشة تقرير نهب أراضي الحديدة.