اقسى من ملامح إزهاق الأنفس وأختطافها الى عالم الموت ، هي تلك الملامح المتروكة لحياة محفوفة بالخوف والجوع والتشرد وفقدان مصادر البقاء والعيش ،وبين شقي رحى حروب اهلية- بالطبع- لا تتوقف عند حد ، ولا كأنه من الظرورة الانسانية ان يتوقف نشاطها الجشع في حصد الارواح والحياة ، وإخضاع ضحاياها من الأبرياء الباقيين على قيدها لموت له اشكاله واسبابه الاخرى. أعني ، فيما أعنيه مماسبق ،أولئك الذين تضعهم الحروب تحت طائلة مواجهة يومية بالغة المآساة على الصعيد الحياتي والإنساني. اما أولئك الذين تسربوا الى دنيا الموت فهم بقدر اوجاع الفتك بحيواتهم، يظهرون اكثر تخففا من حياة مشروطة بموت بطيء على ظهر هذه البسيطة! ومع ان كل التقديرات والأرقام التي يمكن ملاحظتها على أجندة النشاط الإنساني للمنظمات والهيئات .. لا تكاد تمثل الحجم الواقعي للمحنة الانسانية في اليمن . لكنها مؤشرات تضعنا على مساحة الإتساع والتزايد في اشكال ومظاهر التدهور حد حياة مهددة لبقاء الانسان ..واستمرارية وجوده!
وهنا ملائمة السؤال عما اذا كانت كل جهود الاستجابة الانسانية في شقيها المحلي والأقليمي والعالمي قادرة على احتواء الكارثية الإنسانية الناتجة عن جولات حروب تكاد دخلت زمنيا عامها الثالث .وفيما لا افق يلوح بنهاية مرتقبة لكل هذا ؟ يبقى هذا السؤال- بالتأكيد- اكبر من كل ما توفر الى الآن من أشكال استجابة وصلت الى اليمنيين في هيئة معونات ومساعدات اغاثية غذائية ، ذلك ان المتحقق من نسبة انعدام الامن الغذائي في حياة اليمنيين،اخذت في التزايد والارتفاع بفعل الحرب .. وبالتالي مضاعفة قاسية تبدو خارج تقديرات الجهد الإغاثي الإنساني محليا واقليميا ودوليا .!
على أننا لا نغمط الأدوار المتحصلة حتى اللحظة، لكنها لا تتوازى في اتجاه آخر مع شواهد الإهتمام (سياسيا) بملف الأزمة في اليمن ، وهو بالإهتمام الذي يأخذ الكثير من حساب العناية المفترضة بأوضاع انسانية شديدة التردي والمأساوية .