الارتزاق هذا السيف الذي أتقن أدعياء بنو هاشم صناعته لاجتزاز ألسنة ورقاب كل من خالفهم ولم يعترف لهم بحقهم الإلهي في الولاية، ووقف حجر عثرة في طريق تحقيق اطماعهم الشيطانية المغلفة بدعاوى عنصرية طائفية سلالية زائفة ما انزل الله بها من سلطان وما ورد عن الرسول فيها برهان.. والمرتزقة طابور طويل من اليمنيين الشرفاء الذين رفضوا أن ينصاعوا لأطماع أدعياء آل البيت فاستحقوا بهذا أن يوصموا بهكذا وصم جزاء ما اقترفته ضمائرهم الحرة التي تأبى ألخنوع والانصياع لثلة من هواة العنصرية السلالية المقيتة..
ولو تأملنا في تاريخ اليمن بعد الإسلام لوجدنا أنها قد ابتليت على مدار حقب زمنية متقطعة بظهور طغاة مجرمين استغلوا نبل وشهامة اهل اليمن وشغفهم بدينهم وحبهم لنبيهم لتحقيق احلامهم في بسط نفوذهم وسيطرتهم على الناس وانتزاع الولاية بالقوة، وحرمان أي مسلم لا ينتمي لسلالتهم منها، ومن نازعهم الولاية كالوا له تهم الارتزاق وأعلنوا الحرب عليه وقتلوه ويتموا بنيه ولو كان صواما قواما وعالما مجتهدا، إذ صار حق الغير يدعيه كما قال سفاحهم (عبدالله بن حمزه): ما قولكم في مؤمنٍ صوّامِ ... مُوحِّدٍ، مجتهدٍ، قوَّامِ حَبْرٍ بكلّ غامضٍ علّامِ ... وذِكرُهُ قد شاع في الأنامِ بل هو من أرفعِ بيتٍ في اليمنْ ... قد استوى السرُّ لديهِ والعلنْ وما له أصلٌ إِلى آل الحسنْ ... ولا إِلى آلِ الحسينِ المؤتمنْ ثمّ انبرى يدعو إِلى الإِمامهْ ... لنفسِهِ المؤمنة القوّامهْ؟ أما الذي عندَ جدودي فيهِ ... فيقطعون لسنه من فيهِ وييتمون جهرةً بنيهِ ... إِذ صار حقَّ الغير يدّعيه
وهكذا فسيف الارتزاق والعمالة ظل مسلطا على كل يمني حر مسلم يفكر في أحقيته بولاية أمر المسلمين من غير العترة، وتناقلت هذا السيف أيادي السفاحين من عهد الطاغية الهالك عبدالله بن حمزة ومن سبقه من أسلافه الطغاة، وعلى نهجهم سار أحفادهم خلفا بعد خلف إلى أن وصل إلى الحفيد الملهم "عبدالملك"..