عقدت جماعة الحوثيين أكثر من 15 اجتماعاً قبلياً في عدد من مناطق ذماروإب لتحشيد المقاتلين إلى مديرية عتمة في ذمار وسط اليمن. وحسب التغطية المتلفزة التي بثتها قناة المسيرة التابعة لجماعة الحوثيين ورصدها محرر "المصدر أونلاين " فقد عقدت الجماعة حوالي خمسة عشر اجتماعاً قبلياً خلال يومي الثلاثاء والأربعاء لتحشيد المقاتلين من القبائل الموالية لها في مناطق الحدا وعنس وآنس وجهران بمحافظة ذمار ومنطقة القفر في إب ومديرية بلاد الروس جنوبصنعاء، وشارك القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي في اجتماع قبلي بمديرية الجبين بمحافظة ريمة لكنه لم يجد استجابة من قبل أبناء المنطقة المجاورة لمديرية عتمة، وهما منطقتان تجمعهما إلى جانب وصابين الروابط الجغرافية والإجتماعية وتاريخ طويل من النضال المشترك ضد حكم الأئمة.
وتخوض مليشيات الحوثي حرباً ضد قبائل في مديرية عتمة الرافضين الخضوع لهيمنة الجماعة، منذ حوالي عشرين يوماً وسقط في هذه المعارك عشرات القتلى والجرحى من الجانبين.
وحسب الأخبار التي نشرها إعلام جماعة الحوثيين فقد قُتِل في معارك عتمة عدد من قادتها الميدانيين، أبرزهم زيد الحماطي من محافظة صعدة، وإبراهيم جحاف من محافظة حجة.
وفجرت مليشيات الحوثي أكثر من ستة منازل لشيوخ قبليين ومواطنين مناوئين لها في مناطق القدم وسوق الثلوث ومنجدة في عتمة وهما ضمن المناطق التي تمكنت المليشيات من السيطرة عليها.
ويقود المواجهات ضد الحوثيين في عتمة الشيخ عبدالوهاب معوضة وهو عضو مجلس النواب عن حزب المؤتمر الشعبي العام، المنقسم الولاء بين الرئيس السابق صالح والرئيس الحالي عبدربه منصور هادي، إلا أن الشيخ معوضة أعلن منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء تأييده للشرعية وخاض مع الحوثيين جولة قتال سابقة في منتصف العام قبل الفائت 2015 انتهت بصلح قبلي بعد أن عجز الحوثيون عن السيطرة على المنطقة وإخضاع القبائل هناك لهيمنتها.
واقتحمت مليشيات الحوثي يوم الأربعاء منزلاً تابعاً للشيخ عبدالوهاب معوضة في العاصمة صنعاء وتمركزوا فيه، وفي وقت سابق اختطف مسلحو الجماعة "عامر" نجل الشيخ عبدالوهاب معوضة، كما اختطفوا يوم الأربعاء شخصاً من آل معوضة يدعى "ماهر معوضة" ويعمل في بنك التسليف الزراعي في صنعاء، وأكدت مصادر مقربة منه أنه اختطف بسبب لقبه فقط ولا علاقة له بالمواجهات.
وحسب مصادر متطابقة ل "المصدر أونلاين" فإن جماعة الحوثيين تحرض على القبائل في عتمة مستخذمة خطاباً مذهبياً وطائفياً، وتصف القبائل الذين يقاتلونها في عتمة بالأمويين والكفار، وتذكر أتباعها بصراعات تاريخية حدثت في الماضي بين الدولة الطاهرية وحكم الأئمة، لمحاولة استثارة النزعة العدائية ضد مناطق سجلت تاريخاً طويلاً من الرفض لحكم الأئمة.
حيث كانت عتمة أهم قلاع الدولة الطاهرية (1229- 1454م ) ويعتبر قائد المقاومة في عتمة أحد أحفاد مؤسس الدولة الطاهرية عامر بن عبدالوهاب الطاهري الذي قاد معارك ضارية مع الأئمة من بيت المتوكل وقُتِل على أسوار مدينة صنعاء.
وتقع مديرية عتمة جنوب غرب محافظة ذمار، وهي منطقة جبلية شديدة الخضرة وتعتبر إحدى المحميات الطبيعية وواحدة من أجمل مناطق اليمن، ويسكنها ما يربو على مئتي ألف نسمة، ويحدها من الشمال والغرب محافظة ريمة ووصاب العالي ومن الشرق مديريات آنس وعنس التابعتين لمحافظة ذمار، ومن الجنوب مديرية القفر بمحافظة إب، ويشتغل معظم سكان عتمة في الزراعة والمهن التجاربة البسيطة، وفي السلك العسكري بالإضافة إلى مئات الأفراد العاملين في قطاعات مدنية، بينما يعاني سكان المنطقة تاريخياً تهميش وإقصاء من قبل الحكومات والأنظمة المتعاقبة.
وتعتبر مديريات عتمة وما حولها من أكثر مناطق اليمن انصياعاً لسلطة الدولة في الأوضاع الطبيعية، وسكانها مسالمون ولم تشهد المنطقة أي قتال منذ إنتهاء أحداث ما يسمى بالجبهة الوطنية في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي.
وتكتسب مرتفعات عتمة، كما هي وصابين وريمة، أهميتها في الصراع العسكري الذي تشهده اليمن من كونها مطلة على سهل تهامة والساحل الغربي الممتد من الخوخة إلى الحديدة، ما يجعل جماعة الحوثيين تسعى لفرض السيطرة الكلية عليها كلما اقتربت المواجهات من سواحل محافظة الحديدة، إذ أن تلك المرتفعات ستشكل منطلقاً لأي عمليات هجومية لجماعة الحوثيين في حال سيطرت القوات الحكومية والتحالف العربي على سواحل الحديدة.
يذكر أن مليشيات الحوثيين تكثف من تواجدها في الجبال الغربية لمحافظة ريمة وتنشئ معسكرات ،مخازن أسلحة في الجبال المطلة على سهل تهامة.
ولا تمثل مديرية عتمة أي حاضنة إجتماعية أو مذهبية لجماعة الحوثيين، بينما تعد خزان بشري ضخم رافض للحوثيين ومؤيد للشرعية مما يشكل مصدر قلق لجماعة الحوثيين بالإضافة إلى أن الحوثيين يعتبرون اندلاع المقاومة في عتمة قد يشكل حافزاً لتحرك الكتلة السكانية الرافضة للحوثيين والتي تقطن المرتفعات الغربية المتمثلة في مناطق (العدين والقفر ووصابين وريمة وبرع).
