مع بروز الصين كقوة عظمى وتزايد أعمال القرصنة، يتنبأ جغرافيون كبار بالدور المحوري الذي سيلعبه المحيط الهندي في العلاقات الدولية خلال القرن الحادي والعشرين. من هذا المنطلق تكتسب اجتماعات رابطة الدول المطلة على المحيط الهندي في صنعاء، والتي افتتحت أعمال دورتها التاسعة السبت الماضي، أهمية حساسة. ومن المقرر أن يناقش كبار الموظفين في الرابطة يومي الثلاثاء والأربعاء نتائج أعمال اللجان التي انعقدت على مدى اليومين السابقين. وقال وكيل أول وزارة الخارجية اليمنية محي الدين الضبي رئيس اللجنة التحضيرية لاجتماعات الرابطة في تصريحات صحفية أن يوم أمس كان مخصصاً للقاءات الأكاديميين من مختلف الجامعات في هذه الدول، مشيراً إلى أن نخبة من رجال الأعمال في دول الرابطة عقدوا اليوم لقاء ناقشوا فيه المواضيع المدرجة في جدول الأعمال لتطوير العلاقات التجارية والاستثمارية بين الدول الأعضاء. وأوضح أن وزراء خارجية دول الرابطة سيجتمعون بصنعاء يوم الخميس المقبل لمناقشة نتائج أعمال اللجان ويقرونها. وكانت اختتمت مساء أمس اجتماعات مجموعة التجارة والاستثمار بحضور ممثلين من الدول الأعضاء في الرابطة، فيما تسلمت اليمن رئاسة مجموعة التجارة والاستثمار من جمهورية إيران الإسلامية لمدة عامين. وأوضح رئيس دائرة المنظمات والمؤتمرات الدولية بوزارة الخارجية السفير عبد الإله محمد حجر في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إن الاجتماعات التي عقدت اليوم بمشاركة ممثلين من وزارات الصناعة والتجارة والنقل والشؤون البحرية والسياحة والثروة السمكية وممثلي الدول الأعضاء في الرابطة أقروا رفع القرارات والتوصيات إلى اجتماع كبار الموظفين المقرر عقده اليوم الثلاثاء. وقال حجر إن المجتمعين اتفقوا على التوصيات الخاصة بقضايا تسهيل وتفعيل التبادل التجاري بين الدول الأعضاء وقضايا الحجر الصحي للحيوانات والنباتات والأغذية، والتوصيات الخاصة بمواجهة ظاهرة لقرصنة البحرية، وكذا الاتفاق على مذكرة التفاهم الخاصة بعمل وحدة مصائد الأسماك والهادفة إلى حماية الثروة السمكية في المحيط الهندي، والتوصيات المتعلقة بمذكرة التفاهم حول الأفضلية التجارية ومشروع التعاون السياحي وتشجيع الاستثمار . كذلك أقر المجتمعون رفع كافة المشاريع المتفق عليها إلى اجتماع كبار الموظفين المقرر عقده يوم غد بصنعاء تمهيداً لعرضها على الاجتماع الوزاري . ولفت السفير حجر إلى أن مناقشات مجموعة التجارة والاستثمار تناولت في جلستين صباحية ومسائية التبادل التجاري وتسهيل نشاط الاستثمار بين الدول الأعضاء وقضية تفعيل التنسيق في نشاط وحدة مصائد الأسماك بسلطنة عمان، وتنشيط التعاون بين الدول الأعضاء في مجال الثروة السمكية، فضلاً عن قضايا الحجر الصحي على النباتات والحيوانات في الدول الأعضاء، والقضايا المتعلقة بالتنسيق فيما يخص الإنذار المبكر من الكوارث. وأكد رئيس دائرة المنظمات والمؤتمرات الدولية بوزارة الخارجية أن مناقشات ونتائج اجتماعات مجموعات العمل المنعقدة خلال الثلاثة الأيام الماضية ستعرض على اجتماع كبار الموظفين الذي سيرأسه وكيل أول وزارة الخارجية محي الدين الضبي بحضور رؤساء مجموعات العمل التي أنجزت تقاريرها . وتشارك في اجتماعات الرابطة 19 دولة، من بينها الإمارات وسلطنة عمان واليمن. وتناقش الاجتماعات اتفاقاً لتعزيز وحماية الاستثمارات في المنطقة، وإنشاء اتفاقية مصائد الأسماك الإقليمية، وشروط الحجر الصحي الحيواني والنباتي والمنتجات الغذائية ومتطلبات التفتيش،وآخر المعلومات عن التجارة الدولية ومشاريع التنمية، تنشيط السياحة،وتعزيز التجارة بين الدول الأعضاء. كما تناقش قضايا رجال الأعمال وتسهيل حركتهم بين الدول الأعضاء،ودراسة حول التعاون التجاري والاقتصادي فيما بينها، والتبادل الثقافي لطلاب جامعاتها، وخطة عمل للرابطة للسنوات الأربع المقبلة. تلزم الإشارة إلى أن صاحب فكرة رابطة الدول المطلّة على المحيط الهندي هو رئيس جنوب أفريقيا السابق نيلسون مانديلا الذي طرح فكرته على المسؤولين الهنود في زيارة له لنيودلهي عام 1994، ثم تبنَّى الفكرة وزير خارجية موريشيوس الذي أجرى سلسلة من الاتصالات أسفرت عن خروج هذا التجمع الإقليمي إلى الوجود من خلال سبع دول مؤسسة هي: الهند وسلطنة عمان وسنغافورة وأستراليا وموريشيوس، إضافة إلي كينيا وجنوب إفريقيا، وأقر تأسيسها في الاجتماع الوزاري للرابطة الذي عقد في العاصمة العمانية مسقط عام2000. وتتخذ الرابطة من دولة موريشيوس مقرا لها. والتحقت بها فيما بعد ماليزيا وسيريلانكا واليمن وموزمبيق وإندونيسيا ومدغشقر، وانضم إلى الرابطة لاحقا إيران ودولة الإمارات العربية المتحدة وبنجلادش، وتشارك كل من مصر واليابان في اجتماعاتها بصفة "شريك حوار" وهي صفة اتفقت الوفود المشاركة على تعريف أدقَّ لها حيث تعطي هذه الصفة للدول المستقلة غير الأعضاء في الرابطة، والتي لها مصالح خاصة في الرابطة في مجالي التجارة والاستثمار. ومن هنا تمَّ قبول بنجلاديش وإيران وسيشل وتايلاند ودولة الإمارات العربية المتحدة كأعضاء في الرابطة، أما مصر واليابان فتمّ قبولهما كشريكي حوار. ونفى حجر أن يكون للرابطة أية اتجاهات سياسية أو مواقف تجاه الأحداث الدولية والإقليمية. وقال إن والأهداف الأساسية لها تكمن في تسهيل التجارة وإزالة كل المعوقات التجارية بين دول الرابطة، وتعزيز التعاون من أجل تحقيق النمو المستدام والتنمية المتوازنة في المنطقة وفي الدول الأعضاء، وإيجاد أرضية مشتركة للتعاون الاقتصادي والإقليمي والتركيز على مجالات التعاون الاقتصادي، التي من شأنها توفير أقصى الفرص لتطوير المصالح المشتركة وجني ثمار المنافع المتبادلة. وأضاف: "كما تستهدف دراسة الإمكانيات والسبل لتحقيق التحرر التجاري بهدف زيادة وتنويع التجارة فيما بين الدول الأعضاء، وتحديد مجالات التعاون الأخرى، وتشجيع التفاعل الوثيق للتجارة والصناعة والمؤسسات الأكاديمية والدارسين وشعوب الدول الأعضاء دون تمييز ودون الإخلال بالتزامات الدول الأعضاء في الاتفاقيات الإقليمية الأخرى، وتقوية أواصر الحوار بين الدول الأعضاء في المحافل الدولية حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، ودعم التعاون في مجال تنمية الموارد البشرية من خلال إقامة روابط وصلات أوثق فيما بين معاهد التدريب والجامعات وغيرها من المؤسسات المتخصصة في الدول الأعضاء". ويعد المحيط الهندي أصغر المحيطات الثلاثة التي تغطي الكرة الأرضية (الأطلسي- الهندي- الهادي) وتبلغ مساحته 4.73 مليون كم، ويطل عليه من الشرق جزر سوندا الأندونيسية وشبه جزيرة ملايو، ومن الغرب شبه الجزيرة العربية وشرق أفريقيا، ومن الشمال إيران والهند وباكستان وبنجلاديش، وتحدّه القارة القطبية من الجنوب.