سرقوا كل جهودنا في الثورة، ونسبوها لأنفسهم، وصادروا كل حقوقنا المادية والمعنوية، ومنجزاتنا الاعتبارية: قيمنا ونضالاتنا وألقابنا الأخلاقية.. لسنوات طويلة صمتت، كنت أشعر بالتواضع أمام هالة الثورة، ولم أعتقد بالدفاع عن حقي، نسبت جهودي لغيري، وأقصيت من المنابر والأدوات والأعمال التي أنجزتها، حتى قائمة نواة الثورة التي تضمنت عشرات الشباب المرابطين ليلة 11 فبراير 2011 حذف اسمي منها بسبب آرائي المناهضة لاعتساف الثورة، وحتى الصور التي وثقتها لهؤلاء الشباب ونشرتها في حينه بصفحتي هذه جاء من يسطو عليها من هذه الصفحة ويدعي أنه التقطها.؟؟!! أنا أحد هؤلاء، المظلومين والمغبونين، والمسروقين، كفرت علناً هنا، وكفرت عبر مؤسسات وأشخاص برسائل رسمية وجهت لقادة رأي ورجال أعمال، وتعرضت للتخوين، وهددت بالقتل مراراً، وتم تشويه شخصي وعرضي وتعرضت للاغتيال المعنوي، حوربت في الإعلام ومنعت، عرقلت في دراستي وفي جامعتي، وحوربت حتى في لقمة عيشي، وكل هذا الكلام عليه شهود ما زال أكثرهم أحياء. بالأمس وبعد سبع سنوات من الثورة، ذهبت للمشاركة في الاحتفال بذكراها، ولم أجد رفاقي، عدد كبير منهم قتلوا بسبب الحرب، مجموعة تحوثت، وأخرى استهلكها الضياع والأزمات والإهمال، لم اجد منهم سوى مجموعة يعدون بأصابع اليدين، على وجوههم الإعياء والحزن. إذا انقرض ثوار فبراير، فلن تصبح ثورتنا بلا قادة فقط، بل بلا شهود ايضاً. من سيجسد فبراير، ومن سيحمل فكرتها؟ ما دام يتصدر تمثيلها مزيفون بعيدون عنها كل البعد، فكرة، وفاعلية، وإيماناً، وسلوكاً، وحتى زمناً، كما اتضح من خلال الذين تحدثوا باسم فبراير ولم ينخرطوا فيها، وأصبحوا يدعون تمثيلها. ايتها الثورة أنصفينا، نحن أصحاب المصلحة الحقيقية فيك، ونحن من قبضنا عليا جمراً وزفتاً ساخناً ورماد، نحن أبناؤك وآباؤك، نحن الهاتفين باسمك والمقاتلين تحت لوائك، نحن من صقلتنا خطوبك، وذقنا المتاهة والفقدان من جرائك. أعيدي اعتبارنا أيها الثورة، أعيدي حقوقنا التي سلبت معك أكثر مما سلب منها قبلك، وعوضينا عما خسرنا وفقدنا في سنوات الضياع التي انقضت، وقدمينا للأمة فنحن ضميرها ولسنا تفتري، واستقوي بنا، وارتفعي بنا، وكونينا إن أردت النصر لك، ولأحلامنا التي تمثلتِ صورتها. إذا لم يعد لشباب فبراير اعتبارهم، وإذا لم ننقذهم من جنازير الحرب والإقصاء، فلن تتبقى لنا ثورة ولا حلم نرتجيه!