يحدث أحياناً أن تدخل مع شخص ما في حوار حول قضية اجتماعية أو سياسية، نطرح وجهات نظرنا في الموضوع ونناقش على نار هادئة. قد نختلف لأن الاختلاف يولد الحل الذي يرضي الطرفين، كما أن الاختلاف لا يفسد للود قضية كما يقولون. لكن لماذا نجد الاختلاف في اليمن يجر إلى المخاصمة الحادة والحقد، بل إننا نجد من اختلفنا معه يقودنا إلى السجن بسبب أننا قلنا رأينا فيه بصراحة. يختلف طبعاً أسلوب الحوار من شخص لآخر؛ فقد تجد من يناقشك أو يفتح موضوعاً، ويرى أن رأيه فيه لا يقبل النقاش أبداً، فهو قد أوفى وأسهب وطرح الحلول المناسبة، ولا داعي للإضافة من البقية، وهناك من يناقشك والجنبية في يده، وصنف آخر يناقشك وهو لا يعرف ما هي القضية أصلاً! أعرف أننا تعودنا على عدم الإصغاء للآخرين، أو أن نتقبل، بروح رياضية، النقد الموجه إلينا بسبب تصرفات قد يراها بعضهم خاطئة، وما نراه سائداً حالياً هو الرفض التام لمبدأ النقد، أو قول كلمة فيها مجرد تلميح فقط لعيب في صديقك أو مديرك، أو زميلك في العمل، أو حتى أخيك. عمي -حفظه الله- عندما يريد أن يخبرنا بعيب في أحدنا يسرد تفاصيل قصة ما في مضمونها الخطأ الذي يود إخبارنا به، والصادر من فلان مثلاً. كل ذلك يتم في إطار القصة، فهو يعلم تماماً أن النصح غير المباشر له فائدة كبيرة، وأن القصة خير رسول للآخر ليعرف عيبه، كي يحاول إصلاحه من تلقاء نفسه. ترى ماذا لو اتبعنا الأسلوب نفسه، وسلكنا طريق التورية والإخفاء للأسماء المقصودة بالنقد؟ فهل نجد من يفهم المغزى من وراء القصص؟ وهل نجد تجاوباً فعلياً؟ والأهم من كل ذلك هل نجد من يحس ويشعر أنه المقصود بتلك القصة، أم على القلوب أقفال حديدية!.