نعرف جميعا حنان الأم على ولدها فهم جزءا منها لذلك، فهي تحن إليهم كلما أحست أنهم بعيدون عنها، فإذا وجدتهم تضمهم إلى صدرها، وتقبلهم، وتعطيهم ما يريدون، شرط أن يكونوا قريبين منها باستمرار، ولو أسقطنا هذا على أم الفساد اليمني الحنونة على أبنائها فإننا سنجد الفساد اليمني له دفئا وحناناً ولكن أم الفساد اليمني تحن إلى أبنائها بحسب موقع الفاسد منها وللفساد اليمني تصنيفات عديدة. فمثلا يقسم الفساد جغرافيا إلى فساد علوي وفساد سفلي فالعلوي مرتبط بأعلى اليمن ويتجلى ذلك في القصور والبيوت الفخمة التي تتوزع داخل أمانة العاصمة كمعالم شاذة في مجتمع فقير، لو نظر المواطن اليمني إليها لم تذكره إلا بالفساد والغلاء، أما الفساد السفلى فيتمثل بالأراضي المنهوبة في عدن والحديدة وحضرموت وهذين النوعين يمثلان ثمار الفساد المباشر أما التصنيف الحديث للفساد اليمني فهو يرتبط بالعملة النقدية كالتالي بمليارات الدولارات ثم بملايين الدولارات ثم بمليارات الريالات اليمنية ثم بملايين الريالات اليمنية وهكذا. وسوف نذكر مثل أو اثنين فقط لكل نوع فالفساد بمليارات الدولارات مثل ظهر بشكل كبير في اتفاقية الغاز مع كوريا حيث أعلنت الشركة الكورية فور إرساء المناقصة عليها أنها كسبت أربعة وستون مليار دولار كفارق أسعار فقط، وتخيلوا هذا المبلغ ماذا سيصنع لليمن لو لم ترقص عليه يد الفساد والمثال الأخر هو صفقات الأسلحة التي لا نعلم من سيحاربون بها هل هي لمخلوقات الفضاء التي ستهبط على مرتفعات اليمن أو أنهم أخطئوا فظنوا بعض اليمنيين الذين نحلت أجسامهم أنهم مخلوقات فضاء، فقرروا إن يقضوا عليهم فهم يشهرونها عليهم كل ما خرج اليمنيون في الفعاليات السلمية لإسكات أنينهم والأسلحة السابقة لماذا لم يستخدموها لمكافحة تهريب الديزل وحماية المياه الإقليمية من القراصنة، وذلك بدلا من أن يوجهوا هذه المليارات في استكمال أعمال الكهرباء والماء والتعليم والصحة.
وأما الفساد بملايين الدولارات فقد ظهر بوضوح في فضيحة القطاع النفطي 56 وأما الفساد بمليارات الريالات اليمنية فهو يظهر بشكل منتظم في الاعتمادات الإضافية في نهاية السنة المالية والتي تصل إلى أربعمائة مليار أو في مليارات الموازنة المخصصة للمشاريع والتي تعتمد سنويا ولا يراها اليمني إلا في الأوراق أو في رسومات الكمبيوتر التوضيحية، وكل أنواع الفساد السابقة خاصة بالفاسدين الأوائل أو النخبة ولا يرتقي إلى ذلك، إلا الثعابين الكبار أما الفساد الابتدائي فهو بملايين الريالات اليمنية وهذا تخصص مدراء العموم ومدراء الإدارات ومدراء الأقسام داخل الوزارات والمؤسسات التي تتبعها ومن هنا يرتقي الفاسد فإذا كان رئيس قسم وقام "بهبر" مليون يضمه حضن الفساد ويقول له باركتك يد السلطة فسوف نرقيك، وبعد ترقيته إذا اثبت جدارته يزداد حب السلطة الفاسدة له وهكذا وبحسب النظام.
وأخيرا نقول للفاسدين إن حضن الوطن الدافئ أصبح نار وجحيم لا يطيقه المواطن مهما كذبتم علينا فنحن نحس به ونراه ونسمعه بكل جوارحنا فارحلوا.