أثارني الفضول في زيارة وادي المخضاب (وادي الشياطين) -مديرية المعافر (جنوبتعز )، بعد أن ترددت شائعات في الآونة الأخيرة عن طفلة تدعي بأنها تمتلك كرامات السماء لمداواة كل الأمراض العصية،هذه الطفلة تبلغ من العمر سبعة أعوام ونيف، وتدعى "كسا" أو يدلعونها في بيتها(ب كسوة)، هذه الطفلة صنع بريقها الكاذب "الجهل" القابع في أحضان السبات، إضافة إلى المزادات الإعلامية التي يطلق عليها مجازاً وسائل إعلام(إعدام) من " قنوات وصحف ورقية ومواقع الكترونية" ،سيما بعد أن دأبت هذه المزادات السلعية إلى تغييب العقل واللهث وراء الخرافات من أقاصيص وحكايات الرعب الشيطانية التي كنا نسمعها من الأجداد فيما مضى من الزمن ، ولا زال الكثير من مقتطفات ميراث الجهل والتضليل ماثل للعيان إلى يومنا هذا،في ضل الصمت الرهيب لمنابر الوعظ الروحي الإيماني، للمساهمة في توعية العقل وتنويره ،ومعالجة الظواهر الاجتماعية الشركية التي تستفحل يوماً عن يوم بمقدراتنا وحياتنا، بعد أن باتت منابر الإعلام غارقة في بحور الانتهازية وأسواق الربحية السلعية حد الثمالة ، ما جعل المجتمع جزأ من متاهة الضياع ،هو وفعل العقل المنسي المرتهن وراء الصراعات السياسية (الحزبية -القبلية-الطائفية-والمذهبية،،،،الخ)، كل هذا أسهم ويسهم في ضياع العقل وغياب الحقيقة وتفشي الثالوث الرهيب "الجهل-الفقر – والمرض" في مجتمعنا،كما أن الطفلة كسوة هي كذلك جزأ من مهزلة الوهم الكاذب المعطل لفعل العقل، فكم أضحكتني وأدمت قلبي تلك المظاهر التي رأيتها في وادي المخضاب بالقرب من منزل بطلة قصة وادي الشياطين، والذي صنع منها الإعلام بطلة تحكي قصة الجهل الباحث عن التعافي والهوى في وادي الشياطين، تذكرت حينها زمن القطرنة، عندما طلب الإمام من الشعب أن يتقطرن،وذلك بوضع علامات من القطران الأسود على الجباه، في كذبة أراد الإمام أن يعرف من خلالها مدى الوعي الذي وصل إليه شعبه، بعد أن بث رجاله شائعة مفادها: أن الجن المصفدة من قبل الإمام سيطلق سراحها وستنال من كل شخص لم يتقطرن، وما كان من الشعب إلا أن تقطرن، ومن خلال هذا الاستقصاء العملي أدرك الإمام وبعض المخالفين له أن الشعب لازال غارقاً في أحضان الجهل وترهات الشائعات،نعم أيها الكرماء الأفاضل: لكم بكي قلبي عندما رأيت مشاهد مخلة بالقيم والآداب، ولا علاقة لذلك بوهم ألتداولي الشيطاني المغلف بالأعشاب الطبيعية الرائجة في سوق الشنيني-تعز، ولا بأكاذيب كسوة التي تستغفل مشاعر الوهم المرضي في نفوس الكثير من النسوة والرجال، بعد أن غرقت الكثير من مستشفياتنا ومراكزنا الطبية في بحور الفشل والانتهاز وسوق الربحية التجارية، لترسم كسوة وأمثالها ملامح الجهل الضال المستأسد على العقول والمتاجر بأحزان البسطاء والفقراء ممن لا يمتلكون أموال طائلة لمداواة أبنائهم من الأمراض العضوية التي استفحلت وتقيحيت بفعل غياب دور الدولة للتخفيف من مصابهم، لتصبح الخدمات الطبية في بلدنا تجارية بامتياز ،وذلك بمباركة وزارة الصحة العامة والسكان في بلدنا(اليمن)،،،.، أرهقتني كثيراً وأدمت قلبي وأبكت أدمعي زيارة الفضول هذه، وتمنيت أن لا أرى ذاك المشهد المبكي ثانية، وتألمت من مشاهد العصي التي تضرب بها النساء، وكذا نزف القيم المحتضرة رويدا رويدا، بعد أن رأيت مشهد اليم يحتضن صدور المنظمين وصدور الحسناوات ممن أتين يبحثن عن الهوى المرضي في ضل الوهم القابع في شجون الهوى ألغرائزي الحيواني، لكم أخجلني ذاك المشهد الحزين والأليم،والسؤال الأكثر إلحاح في هذا الأثناء أين دور الأخصائيين الاجتماعيين ودور العقلاء والباحثين والوعاظ العاكفين في محراب السبات ألصراعي ،وذلك لمعالجة وكشف المواجع التي تغتال الحياة والحياء معاً،،،،، أجزم بأن وراء تلك تلك القصة وبطلتها توظيف سياسي صراعي بين أطراف الصراع الحزبي في وطننا، وأن هنالك مؤيدي لتلك الشائعة الوهمية ومعارضون كذلك، لترزح أحزان وآلام الناس في أتون الجهل والصراع السياسي والتلاقح الإعلامي ألحملي للمزادات الإعلامية التي تستهوي بث الشائعات والتزلف وراء الأكاذيب،بغية استمرارية تغييب الوعي، لإبقاء مراكز الفساد والاستبداد والطغيان حاضرا ضمن تكوينات الحياة السياسية والمجتمعية،ولاشك بأن هنالك الكثير من المستفيدين الرابحون من تفشي تلك المآسي المتاجرة بعواطف الناس وآلامهم ودموع أحزانهم،حقاً لا أبرأ احد وأجد فكري يرسم ملامح النفعية لمشايخ المنطقة وتجارها والدوائر الأمنية في محافظة تعز وكذا وسائل الإعلام(الإعدام لما تبقى من سعة العقل) والتي قدمت كسا على أنها معجزة ألتداولي من جميع الأمراض، حقاً الجهل مفسدة للحياة ومأساة صنمية تغتال العقل وتقدس الظلم والطغيان ، ولا ريب من أن هنالك الكثير من المستفيدون من هذه الشائعات الشيطانية الصنمية، ولهم نسب من محصول الربحية والعائد اليومي من وراء تلك الكذبة الغارقة في بحور الهوى والسفه والانحطاط المتاجر بآلام الناس وأحزانهم،،،،، ،،