*بعد حفلة العشاء التي حدثتكم عنها في مقالي السابق والتي جمعتني بعدد من الأصدقاء السعوديين وهم زملاء المهنة ( صحفيين ) جلسنا لتناول الشاي، وحين بدأ الحديث طلبوا مني أن أعدد عيوب اليمانيون، فقد اعتبروا أنهم كانوا صادقين معي في ذكر محاسن أبو يمن، من حيث الكرم والشجاعة والوفاء والنبل، ولم يغفلوا ذكر الوسام الغالي الذي منحه المصطفى محمد صلوات ربي وسلامه عليه حين وصفهم برقة القلب ولين الأفئدة وبالإيمان والحكمة، لكني رفضت ذلك– ليس لأننا دون عيوب – فالكمال لله الواحد القهار، لكني قلت لهم إن طباع اليمني تختلف من مكان إلى أخر، فهم في أمريكا أو بريطانيا غير ما هم عليه في اليمن أو السعودية. *لذلك فمن المفترض أن يتولوا هم ذكر تلك العيوب، فذكر المحاسن لا تحتاج إلى الشجاعة لأن الجميع يحبون المديح والثناء، و ما داموا يريدون الحديث عنها، فلماذا لا يفعلون ذلك، ووعدتهم بالتعليق على قولهم، فاليمانيون إخوة لهم يعيشون بينهم منذ أمد بعيد والحكمة تقول صديقي الحقيقي هو مرآتي التي تكشف لي عيوبي، ثم قلت لهم إن السعوديين معروفون بشجاعتهم وصدقهم وصراحتهم وعليهم أن يذكروا العيوب فاليمانيون بالتأكيد لا يقبلون الإهانة أو التجريح أو السخرية ، لكن لديهم صدر رحب يجعلهم يتقبلون النقد بروح رياضية عالية. *وبدأ أحدهم الحديث فقال أن العيب الأول للغالبية الساحقة من اليمانيين الصوت المرتفع ، فحين نشاهد يمنيا يتكلم بهاتفه السيار نسمع كل كلمة يقولها ، فهو يتحدث بصوت عال وكان من يتحدث معه شخص أطرش أو ضعيف السمع لا يستطيع سماعه من خلال سماعة الهاتف لذلك يرفع صوته قدر ما يستطيع، بل وفي كثير من الأحيان يتكلم في أمور عائلية ( ربما مع زوجته او أبنته أو أخته ) وهي أمور شخصية لا ينبغي أن يسمعها شخص غريب ومع ذلك لا يبالي ، ويستمر في رفع صوته ليسمع الجميع الحديث الذي يفترض أن يكون سريا وغير معرف لأحد. *وتحدث أخر فذكر أن العيب الثاني يتمثل في الهرج والمرج والفوضى والصراخ داخل المطاعم اليمنية، فهناك مطاعم هندية وباكستانية ولبنانية وأردنية وسورية وتركية ومن كل الجنسيات حين تدخل لطلب الطعام لا تسمع إلا همسا ، لكن هذا الحال يتغير جذريا في المطاعم اليمنية المنتشرة في العاصمة الرياض، وأكد المتحدث أن تلك المطاعم لها الكثير من المعجبين بالوجبات اليمنية – من غير اليمنيين – لكن هؤلاء يفضلون عدم الدخول إليها ويقولون أن الضجيج يحول دون استمتاعهم بالطعام ، فهم لا يشعرون أنهم داخل مطعم يفترض فيه الهدوء والسكينة بل يشعرون وكأنهم داخل أحد الأسواق. *وتحدث ثالث فقال إن اليمانيون لا يهتمون بمظهرهم ، فهم يرتدون الثياب الرثة ومظهرهم يوحي بالبؤس، وقال إن هذا الأمر لا يمس فقط اليمانيون العاملون من البسطاء وذوي الدخل المحدود ، بل أنه يسري حتى على ميسوري الحال، فأنت ترى ملابسهم متسخة وشعر رأسهم أشعث وأغبر وغير مرتب ، وكأنه لا يوجد مشط ، بل يتعدى الأمر إلى غير ذلك ، فالصورة التي تراها في جواز السفر للكثير من اليمانيين غير الصورة الحقيقية للشخص الذي يقف أمامك، فهو لا يبالي، ويكتفي بأخذ صورة قديمة ويسلمها لتلتصق بالجواز، ولا يدرك أن هذه الصورة سوف تستمر معه لسنوات طويلة، وتسأل المتحدث وهو ينظر نحوي بغرابة هل سيكون صعبا لو ذهب إلى أقرب استيديو لكي يلتقط صورة جميلة يضعها على جواز سفره؟؟ *حين بدأ زميل أخر في الحديث عن عيب رابع ، كان السيل قد بلغ الزبى، وكنت قد بدأت أشعر بالضيق، ولم أعد قادرا على سماع المزيد، لذلك جاء الفرج وتمكنت من الهرب، فقد رن هاتفي، وتظاهرت أن الأمر في غاية الأهمية وأخبرتهم أن أحد أقاربي قد جاء ضيفا إلى منزلي وعلي الإنصراف والعودة إلى المنزل، لذلك ما إن غادرت الاستراحة حتى تنفست الصعداء وشعرت بالإنشراح بعد الطرب السعودي الذي شنف به الزملاء آذاني عن العيوب التي تميز اليماني عن غيره....... ودمتم بخير . _________________ صحفي يمني مقيم في الرياض