ها هو يحل علينا شهر القرآن ضيفاً كريماً لطالماً إشتقنا للقائه ، وسعدنا بأيامه وابتهلنا بلياليه ، إنه شهر البر والإحسان شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران ، ثوابه عظيم وخيره كثير وأجره جزيل . لقد خصنا الله أمة الإسلام بهذا الشهر المبارك وميزنا من بين سائر الأمم والشعوب وجعله نقطة تحول وتجديد لإيماننا وتكفير عن سيئاتنا . لقد أنزل الله في هذا الشهر كتابه الكريم ، وفتح للتائبين بابه ، فالدعاء مسموع والعمل مرفوع والحسنة بعشرة أمثالها . لقد جعل الله شهر رمضان لأختبار العباد ومدى قوة تحملهم لهذه العبادة ومعرفة المؤمن القوي من المؤمن الضعيف . فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( قال الله تعالى : كل عمل إبن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ) رواه البخاري ومسلم . إن شهر الصبر ومقاومة الهوى وضبط الإرادة ، ومقاومة نزوات النفس والتغلب عليها ، وقد ميز الله سبحانه وتعالى شهر رمضان بنزول القرآن في ليلة القدر التي خصها الله بقوله ( إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها بأمر ربهم من كل أمر) وتعدل ليلة القدر في ثوابها وأجرها ما يقارب من 83 عاماً وبضعة أشهر . وهذه تعتبر أعظم جائزة ينالها العبد من ربه في شهر رمضان المبارك نتيجة قيامه وصيامه وتعبده وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم كثير التعبد في شهر رمضان وكان يحث اصحابه على اغتنام شهر الخيرات وكان أكثر ما يكون في العشر الآواخر وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تآخر ) فعلينا جميعاً في هذا الشهر المبارك العودة إلى الله سبحانه و تعالى بالعبادات والطاعات وترك المنكرات . وكذلك الإستغفار وصلة الأرحام وتعاهد الجيران وإعانة الفقراء والمحتاجين ولنجعل من هذا الشهر العظيم نقطة تحول نحو الأفضل ، ونفتح صفحة جديدة بأعمال صالحة وطيبة . وكم هو جميل أن نبدأ أيام شهر رمضان المبارك وقلوبنا بيضاء متسامحة يسودها المحبة والإخاء . همسة :لاتحاكي صائم بعد العصر ) شعار كل جاهل!!!!
رمضان بين الماضي والحاضر... لقد وصل بنا الحال في هذا الأيام إلى أننا نعتبر شهر رمضان فرصة للتسلية والترفيه وفترة للهو واللعب .. فترى الناس في الأيام الأخيرة من شهر شعبان ترى الناس يتسابقون إلى الأسواق يختارون أطايب الطعام للإفطار وللسحور . إنّها القضيّة التي تشغل بال الكثيرين . وعندما تدور الأحاديث عن شهر رمضان المبارك في بعض وسائل الإعلام في العالم الإسلاميّ ، ينصبُّ كثير منه حول اختلاف الأطعمة من بلد إلى بلد ، وحول اختلاف العادات من بلد إلى بلد في الاحتفاء بشهر رمضان المبارك ، العادات التي توارثها جيل عن جيل في مراحل الوهن والضعف . كثيرون ممن ينتسبون إلى الإسلام يقضون لياليَ رمضان مع بعض الفضائيات وبرامجها المتفلّتة ، وآخرون يقضونها في ألوان أخرى من اللهو والضياع ، وآخرون قد لا يصومون أو يصلّون ، ويظلّون يصرّون على أنّهم من المسلمين . يقبل شهر رمضان المبارك ، والمسلمون ليس لهم نهج ولا خطة لمجابهة الواقع الأليم إنما هي شعارات وأمانيّ وأوهام من خلال الفرقة والتمزق والصراع. لو أحصيت الذين يصلّون الفجر أو أيّ وقت آخر في العالم الإسلاميّ كلّه، وأحصيت عدد الذين ينتسبون إلى الإسلام حسب الإحصائيات ، لوجدت النسبة منخفضة جداً . فمن يستفيد من هذه الملايين الضائعة من المنتسبين إلى الإسلام . إنَّ أعداء الله هم الذين يستفيدون من ذلك كلّه ، من خلال عمل منهجيّ دائب ليل نهار . كان شهر رمضان المبارك يقبل فيجمع المسلمين أمة واحدة في المساجد ، وفي ميادين الجهاد ، وفي البناء والعمل المتواصل ، يمضون على صراط مستقيم، يعرفون أهدافهم والدرب الذي يؤدِّي إلى الأهداف . واليوم تشعَّبتْ السبل وضاعت الأهداف ، وعمّيت علينا الحقائق . كان شهر رمضان المبارك يقبل ، فيبادر النّاس كعادتهم بعد صلاة الفجر إلى العمل والسعي والبناء . واليوم يغلب النوم على الكثيرين فلا يستيقظون على صلاة الفجر ، ويمتدُّ بهم النوم إلى وقت متأخر من الضحى أو النهار كلّه . لقد تغيّر واقع المسلمين . فعسى أن تنهض العزائم مع إشراقة رمضان لاستئناف الحياة الصادقة ، حياة بناء الأمة الواحدة والصفّ الواحد ، حياة تبليغ الدعوة إلى النّاس كافّة . وبهذه المناسبة ، ومع إطلالة شهر رمضان المبارك أقول هذه الأبيات : رَمَضانُ أقْبِلْ ! مُدَّ من فيءٍ وهات من الظلال واسكبْ على فميَ البَلا لَ ورشفةَ الماءِ الزُّلالِ واسْقِ البَواديَ منْ ندا كَ ومِنْ مَواطِرِك الثِّقالِ واطْوِ السَّرابَ عن الجنا نِ عن الحُقُول عَنِ الرّمالِ واملأْ بِنورِكَ كلَّ دا جيَةٍ مُروِّعةِ الخيالِ في فرْحَةٍ نَشَرَتْ على الدُّ نْيا الندِيّ من الأمالي.