تكتمل العبادات في شهر رمضان، لأن بفريضة الصيام تكتمل الأركان الخمسة للإسلام. ويقول الدكتور حامد أبوطالب عميد كلية الشريعة والقانون السابق إن فريضة الصيام في شهر رمضان تهدف إلى تحقيق تقوى الله سبحانه وتعالى حيث قال تعالى "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" (الآية 183 من سورة البقرة)، وتقوى الله هي الهدف الأسمى لجميع العبادات، ولذلك تكتمل هذه العبادات وتتضافر في شهر رمضان لتحقيق هذا الهدف في أعلى درجاته، حيث تعمل الصلاة على تحقيق هدفها في إبعاد المسلم عن الفحشاء والمنكر، كما قال تعالى". وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر". (جزء من الآية 45 من سورة العنكبوت)، ويكثر المسلم من الصلاة في رمضان بأداء صلاة التراويح ويرتاد المساجد لأداء الصلوات في جماعة ويستمع لتلاوة القرآن الكريم وقد يجتهد ويختمه في صلاة التراويح فضلاً عن قراءته للقرآن بمفرده طوال اليوم، ويعمل المسلمون على أداء زكاة أموالهم في شهر رمضان حيث تعمل الزكاة على تطهير المزكي وتزكيته وتقوية نفسه على الإنفاق والسخاء والتخلص من الشح والبخل. وكل ذلك دليل على صحة إيمان المزكي وصدق باطنه مع ظاهره وأنه ليس من المنافقين، ولذلك سماها الله تعالى "صدقة" مأخوذة من الصدق، قال تعالى "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها". (جزء من الآية 103 من سورة التوبة)، هذا فضلاً عن صدقة الفطر التي تطهر الصائم مما قد يكون قد وقع منه من اللغو والرفث حال صيامه، ويؤديها جميع المسلمين أغنياء وفقراء كباراً وصغاراً مما يسهم في تخليص النفوس من البخل والأنانية وتعوده على البذل والعطاء والإنفاق بما يعود على المجتمع بالخير، حيث تنشط الحالة التجارية ويرزق الله تعالى الناس بعضهم من بعض وتصل النقود إلى أيدي الفقراء، ولذلك يقول الله تعالى". كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم"، وهكذا نجد في شهر رمضان الصلاة والصيام والزكاة ولم يبق من العبادات إلا الحج وله ميعاد محدد وهو العشر الأوائل من ذي الحجة وغالباً ما ينوي المسلم الحج ويعقد عزمه عليه في شهر رمضان، وبذلك تكتمل العبادات في شهر رمضان. وتقول الدكتورة هندية أحمد عامر أستاذ التفسير وعلومه بجامعة الأزهر، إن الله - تعالى - اختار شهر رمضان من بين سائر الشهور وجعله الشهر الذي تكتمل فيه العبادات ذات الحكمة السامية والثواب الجزيل والعظيم ما يترتب على الصيام من إصلاح للنفس وتهذيب للأخلاق، جُعلت فريضته في الأركان والدعائم التي يقوم عليها الإسلام، فالصيام هو الركن الرابع من أركانه، وبه تكتمل أركان الإسلام، فلا بد أن يكون الصائم حريصا على أداء هذا الركن بإخلاص وصدق مع الله، وإلا فما فائدة أن يصوم العبد عن الطعام والشراب، وهو يكذب ويغتاب ويستحل أموال الغير، قال صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" أخرجه البخاري، وعن جابر رضي الله عنه قال: إذا صُمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع عنك أذى الجار، وإياك أن تؤذي من توليت أمره في العمل أو ظلمته أو هددته أو روعته، وليكن عليك وقار وسكينة، ولا يكن صومك وفطرك سواء، فقد فرض الله تعالى صيام شهر رمضان على عباده تزكية لنفوسهم وتربية لأبدانهم وغذاءً لقلوبهم، وفي الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به" أخرجه البخاري، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر من حُرم خيرها فقد حُرم الخير كله" قال تعالى: "إنَّا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر" سورة القدر، وشهر رمضان له فضائله وخصائصه التي يجب أن تكتمل فيه العبادات، لذا يجب أن يجتهد فيه العبد ، ويستقبله بالتوبة النصوح، والعزيمة الصادقة، ويشغل جميع أوقاته بالأعمال الصالحة، والعبادات المتنوعة، اقتداءً بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان عليه الصلاة والسلام يُكثر العبادات في هذا الشهر المبارك، وكان أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان. نقلا عن الأهرام اليومي