أهم ما حملته الأنباء خلال اليومين الماضيين من اليمن هو إنقاذ الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي كان الحوثيون قد اعتقلوه ووضعوه في الإقامة الجبرية في قصره بصنعاء، ووصوله إلى عدن. غني عن القول إن الحوثيين على عادتهم قاموا بنهب مكونات القصر، ولا نقول للرئيس اليمني إلا "ما دام الحال فلا يهمك المال". الجيد في خروج الرئيس من تلك المحنة هو أنه قرر العودة عن استقالته، والبدء بهجوم سياسي مضاد قوامه "كل" الشعب اليمني الذي اكتشف حقيقة الحوثيين ومآل الدولة عندما يتراخى المجتمع في واجب رد الظالم عن ظلمه. تعلم الشعب اليمني خلال هذه الأزمة أن هناك مبادئ وأسسا تقوم عليها الدولة، وأنه لا يمكن لكل من أراد السلطة أن يبرع فيها لمجرد الرغبة وحمل السلاح. كما تعلمون أنه لا يمكن أن تبحث عن حلول مشكلاتك عند الآخرين. أهم الدروس التي أتوقع أنها ترسخت في عقلية المواطن اليمني هي أن دول مجلس التعاون ترغب في مصلحة الشعب اليمني، وأن المبادرة الخليجية هي المعبر الوحيد نحو الأمن والسلم الأهلي، مهما حاول "الخونة" أن يسيئوا لتلك المبادرة أو يتجاوزوها. يأتي عبد ربه منصور هادي إلى عدن بمفاهيم مختلفة ورؤية أكثر إدراكاً لما يمكن أن تؤول إليه الأمور. أهمية أن يتعاون الشعب بكليته لمحاربة المارقين والخارجين على النظام العام، وضرورة أن يتحمل شيوخ القبائل والأحزاب السياسية وعلماء الدولة مسؤولياتهم تجاه اليمن لإنقاذه من تبعات المغامرة الخطيرة التي يمكن أن تصل إلى وقوع القرار والتراب اليمني تحت السيطرة الأجنبية. إن إعلان عدن عاصمة مؤقتة هو أول المواقف المهمة التي اتخذها هادي في المرحلة الجديدة. مرحلة تتسم بالمواجهة والتضحية لضمان أن تكون اليمن مستقلة ومحمية من التدخلات الأجنبية التي لا يمكن أن يتوقع المرء نتائجها. هذا يضع العالم أمام مسؤولية أخلاقية تجاه اليمن، وخصوصاً جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي. لعل أهم دعم يمكن أن يحصل عليه الرئيس اليمني هو الاعتراف بعدن عاصمة مؤقتة، وإعادة السفراء إليها، والضغط السياسي لضمان أن يجتمع البرلمان اليمني في عدن لإعادة تنظيم الصفوف ودعم المدن والمحافظات التي وقعت تحت "الاحتلال الحوثي". نقلا عن "الاقتصادية" السعودية