إن الأوضاع المتردية التى تحدث باليمن يوماً بعد يوم لأمر يدعو إلى القلق ، فبعد أن تدخل مجلس الأمن لحل الصراع السياسى فى اليمن لم تلتزم جماعة الحوثيين بمطالب مجلس الأمن لوقف حدة القتال فى اليمن ، واستمرت مهاجمتها العسكرية لمدن الجنوب وخاصة عدن. لم تضع جماعة الحوثيين فى اعتبارها أرواح الأبرياء التى تتساقط يوماً بعد يوم بدون أى ذنب ؛ لم يقف الأمر إلى هذا الحد فحسب ، بل إنها استخدمت سلاحاً جديداً مُغاير لكل معانى الإنسانية وهو سلاح تجويع أهل الجنوب لإخضاعهم تحت سيطرتهم. إن قيام الحوثيون بقصف خزانات المياه ، وأبراج الكهرباء ، واختطاف المسعفين الذين يقومون بأسعاف أهل مدينة عدن وأهل الجنوب ، وقطع طرق الإغاثة لأهالى الجنوب ؛ ففى لحظة من انعدام الضمير وإخفاق وإندثار كل معانى الإنسانية ، يجب التذكر بمنهاجنا الإسلامى ، منهج الرحمة والرفق ؛ فقد دخلت إمرأة النار فى هرة قامت بحبسها وتجويعها ، ودخل رجل الجنة فى كلب خلع نعله وأنزل النلع البئر لميلئه بالماء ليسقى الكلب. هذا جزاء الله تعالى وحسابه للإنسان بالنسبة للحيوان ، فما هو جزاء الله سبحانه وتعالى للإنسان بالنسبة لأخيه الإنسان المؤمن المسلم الموحد بالله ، وإن كان ذا ملة أخرى (يهودية – مسيحية) ، أو مذاهب أخرى (سُنية - إباضية – شيعية) ، فقد أوصانا الله تعالى بأهل الذمة ، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيم بجاره اليهودى الذى كان دائماً يقوم بإذاءه.
من مُنطلق كُل معانى الإنسانية يُرجى أن تُراجع جماعة الحوثيين موقفهم بالنسبة لأهليهم باليمن ، لأن هذا الدمار والخراب والشتات للمواطن اليمنى بعيد كل البُعد عن حق الإنسان فى الحياة الآدمية والإنسانية ، وهو حقه فى العيش حياة مستقرة أمنه.
ولقد حض الله تعالى على أهمية الأمن للبشرية فى مواضع كثيرة فى كتابه العزيز ومن هذه الآيات ، الآية رقم (18) فى سورة سبأ ، قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ}.
فالأمن لا يقتصر على الأمن القومى الخارجى فحسب ، لكنه يمتد إلى حق المواطن فى شعوره بالأمن الداخلى وإحساسه بالأمان من الخوف والجوع ، وإشباع احتياجاته الأساسية. لكن عزيزى القارئ فى نهاية مقالى يستوقنى سؤال لهذه الجماعات وما شابهها من الجماعات التى تستخدم نفس الأسلحة ضد الأبرياء: ما هو الفرق بين الإنسانية والهمجية؟ لماذا فضل الله تعالى الإنسان عن بقية مخلوقاته؟