ليس غريبا أن تفشل المشاورات اليمنية التي رعتها المنظمة العامة للأمم المتحدة في جنيف، فالأرجح أن الانقلابيين حضروها مرغمين نتيجة الضغط الدولي حاملين معهم إملاءات طهران التي لا تخدم اليمن ولا تصب في مصلحة شعبه، وبالتالي لا يمكن لعاقل يريد الخير لليمن أن يقبل بها. لذلك فإن ما يحمله مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن في لقائه المتوقع غدا الاثنين مع مجلس الأمن الدولي حول نتائج المشاورات لن يعدو كونه مجرد كلام لا يقدم أو يؤخر بالنسبة لحلول الأزمة، فتعنّت الانقلابيين وعدم امتلاكهم للقرار وإصرارهم على وضع شروط للقبول بهدنة إنسانية تعني أنهم لا يستطيعون اتخاذ التوجه السليم الذي ينقذ الشعب اليمني.. فالهدنة الإنسانية تتضمن وقف إطلاق النار من جميع الجهات وإدخال المعونات الإغاثية لمن يحتاجونها، وهي ليست شروطا يمليها الحوثيون بوقف الغارات الجوية فقط كي يعيدوا تمركزهم ويسيطروا على مواقع إضافية مستغلين وجود السلاح معهم وعدم وجود قوة برية توازي قدراتهم المدعومة بأتباع المخلوع صالح، فالمقاومة الشعبية التي هزمتهم في أكثر من موقع غير موجودة في جميع أرجاء اليمن، والانقلابيون قد يستغلون ذلك لاحتلال مناطق أخرى سعيا لتغيير التوازنات على الأرض لو استطاعوا تغييب القوة الجوية التي أوقفت تمددهم وعطلت الكثير من قدراتهم، غير أن حلمهم بعيد المنال فغاياتهم وتخطيطاتهم مكشوفة ولن يحدث تسهيل لها إلا وفق المنطق الذي يفضي إلى خلاص اليمن وسلامه. وعليه، فإن إعلان المبعوث الأممي لليمن أول من أمس عن الحاجة إلى "المزيد من المشاورات" للتوصل إلى وقف إطلاق النار في اليمن، وأن ذلك "يمكن تحقيقه سريعا في حال تنظيم المزيد من المباحثات".. لا يجدي في زحزحة المواقف ما لم يبدِ الانقلابيون حسن النية مسبقا ويحضروا إلى مكان التشاور وهم مستعدون للتعاون من أجل مستقبل اليمن، وليس لكسب سياسي أو ميداني يثبّت انقلابهم ويعرقل عودة الشرعية في أقرب وقت. مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن قد يعود إلى المنطقة قريبا بعد عرض نتائج مشاورات جنيف على مجلس الأمن، ولا بد أن تحمل عودته رؤية صحيحة، فتطبيق القرار 2216 أول الخطوات الجادة لإنقاذ اليمن، لأن عدم التزام الانقلابيين به يؤدي إلى مزيد من انفلاتهم وتمردهم على الشرعية، وهذا سوف يفاقم معاناة الشعب اليمني.