محمد بن سلمان يسارع إلى ترطيب الأجواء مع الأردن العتاب الذي تقدم به الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني له ما يبرره من وجهة نظر صالح ورفاقه الذين اضطروا للبحث مؤخرا عبر القنوات الأردنية والأمريكية عن مخرج للأزمة مع السعودية. عمان كانت محطة أساسية مباشرة بعد عطلة عيد الفطر السعيد لحوار أمريكي مباشر مع اليمن هدفه النقاش في تفصيلات ما بعد عاصفة الحزم. استضافة عمان لهذه الاتصالات شكلت مناسبة لعتاب صالح الذي توجه برسالة للعاهل الأردني وفقا لما نقلته صحيفة عمون الالكترونية الأردنية عاتبه فيها على انضمام الأردن لتحالف عاصفة الحزم. صالح أسقط تماما الحسابات السياسية التي يعرفها جيدا عندما يتعلق الأمر بالعلاقة المحورية بين الأردن والسعودية، وبدا وكأنه يتجاهل الوقائع السياسية ويحاول مخاطبة الغرائز والمشاعر عندما استذكر مواقف الملك الراحل حسين بن طلال الذي استضاف الحوار اليمني اليمني قبل سنوات عديدة. في الأثناء مال صالح للتحدث على أساس أنه ليس طرفا في الأزمة مع أنه منتجها تماما حتى بالتقييم العميق الأردني، وقال ان المرضى اليمنيين الذين يتوجهون للعلاج في الأردن يساهمون بالدخل القومي وأن الأردن لا تربطها باليمن حدود حتى تساهم في التحالف ضد ما سماه ب»الشعب اليمني». بوضوح تجنب صالح الهجوم والانتقاد، وتصرف على أساس العتاب مباشرة بعدما غادر نجله العاصمة عمان، وهو يعلم مسبقا بأن مثل هذا العتاب لا يبدل في الوقائع، فالأردن لا يستطيع تجاهل المشاركة في عاصفة الحزم. عمان حرصت من البداية على مشاركة «رمزية» في عاصفة الحزم ورفضت خيار الحرب البرية والاشتباك المباشر، وساهمت في التأسيس لنظرية المبادرة السياسية التي انتهت منتصف ليلة السبت الأحد بمفاوضات أدارها من جانب صالح والحوثيين فعلا، وفي عمان ومع الأمريكيين نجل صالح ونخبة من البرلمانيين الحوثيين. طوال الوقت حرصت الحكومة الأردنية على رفض سيناريو العمل البري في اليمن.. ذلك برأي عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأردني محمد هديب كان سببا مباشرا للإشكال في العلاقة الأردنية السعودية، وإن كان صالح المعاتب يعلم مسبقا بأن عمان حليفة دائمة للرياض. فيما كان صالح يعاتب الأردن تم الإعلان في عمان عن أول اتصال هاتفي بين الملك عبدالله الثاني ووزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان، القطب الأبرز في تبرير سياسة «التباعد» بين الأردن والسعودية في الأونة الأخيرة. تفعيل اتصال هاتفي نادر بين عاهل الأردن والأمير محمد بن سلمان يعني بأن العلاقات تجاوزت مسألة استعادة التطبيع والتقارب وبدأت تتعزز على أساس «خطط الدفاع الاستراتيجي المشترك». وهي الصيغة التي استعملها بيان أصدرته وزارة الدفاع السعودية بعد زيارة رئيس الأركان الأردني الجنرال مشعل الزبن للرياض منتصف شهر رمضان المبارك. أما مناسبة عتابات صالح على الأردن فمرتطبة زمنيا وسياسيا باستقبال نجله الأكبر في عمان لرئاسة وفد مفاوض ضم الحوثيين لخمسة أيام على الأقل، تم خلالها مناقشة تفاصيل البحث عن سلم لكي تنزل جميع الأطراف عن شجرة عاصفة الحزم على حد تعبير رئيس سابق للوزراء في الأردن تحدث ل»القدس العربي». مفاوضات عمان التي تؤكد المصادر المختصة انها وضعت خارطة طريق لإغلاق ملف عاصفة الحزم اكتسبت أهميتها من مشاركة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف ووزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر فيها. إلى حد كبير يعتقد بأن أجواء التسوية الكبرى التي تفرض إيقاعها على عموم المنطقة والإقليم، بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني الأمريكي، توحي بأن الاتصالات بدأت على إيقاع غارات التحالف ومضايقة ومحاصرة القوى الفاعلة باليمن لوضع نهاية لمسار عاصفة الحزم…على الأقل.. هذا ما يتصوره صانع القرار الأردني.