في اليمنِ حربٌ عقب حرب، وفي الكويت يتحاور المتحاربون. ثلاثون يوماً وأكثر مضت منذ بدأ «حوار اليمن» في الكويت، و بين الحرب و«الطاولة»... حوارٌ للسياسيين... وقصيدة ! خلف طاولة المشاورات في قصر بيان إعلاميون يمنيون تغنوا ب «الحب»، ووسط جلسات الحوار السياسي اشتعل وجدان البعض ليعم الغرام تصريحاتٍ وتغطياتٍ يمنية كما شاء لها الهوى... إلى اليمن؟ اليمن الذي يوجعه النزاع اليوم ينتظر السلام في حين يساير المحب خطوته في الحوار شعراً لامرأة تشبه اليمن في «صوتها، وجسدها، وظلها، ودموعها»، وكأنما يثيره الحزن الضارب في أعماقها فيسعى ليعانق روحها... في كلمات. حزن اليمن الوجودي جارف إلى حد العبث، لتغدو عبثية الحرب... عنوانها: بحثٌ عن الحب. الأرض المشتعلة بالحرب أججت شاعرية «صانع السبق» فكسر الصمت رافعاً الصوت: «في دمع عينيك تفنى الدنيا وتنتحر ويودع الفجر طيب أنفاسه والغسق». ويمُر طرف الذكرى على المحب مداعباً شجونه لتعود القصيدة إلى مطلعها فيصيح صاحبها «بين عينيك تثمر أزهار الكرز وتمطر الدنيا بغناويها والسهر». لكنّ العينين الدامعتين تمطران كلاماً حلواً لتنتهي الحالة الشعرية بقول «بين عينيك ترتحل الطيور بالنغم... في دمع عينيك تفنى الدنيا وتنتحر». اليمن قطعةٌ من السماء في عين الشاعر... والمحب يقطع ليل المفاوضات الصعب شعراً، لينادي «زهرةً من السماء تفتح الطريق إلى الأمل». وعقب الهدنة حين توقفت الجلسات بين الطرفين اليمنيين على إثر خلاف قال الشاعر: «تناديني زهرة من السماء بأن أطلق للدموع ابتساماتي وأطير بالشوق وأنسج آمالي» ليختتم الشاعر القصيدة سؤالاً... «فهل رأيت جرحاً ينام ملتحفاً بأكفان تنتظر نور الصباح... خلاص؟!» وبين معركة حق و «حزم» في اليمن وأرض وصال وحوار في الكويت، وقف الطرفان اليمنيان في محطة ٍ أخيرة يعبران عن «الانتظار القاتل» فقال الشاعر «لهيب الشوق يُتعبني ونارالبعد تحرقني» وكأنما يشكو رغبةً في السلام وتمنعاً للحرب. وعلى إيقاع حركة دولية متسارعة لإنهاء الأزمة في اليمن، ينظم اليمني أبياتاً يقول فيها «ما زال طيفَ حبيبي يؤرقني فما عدت على قدري أتصبر». وإذ يمعن في الشكوى يقول «واستغيث بالورق والحبر، واختلط عندي الحلو بالمر»، لينهي القصيدة معلناً «أخابر أوراقي... أبعثرها... أساهر أوهامي وأهجرها، أناشد بحور الشعر... فتهجرني». في الحرب أو في الحب قال محمود درويش يوماً... «يا حبُّ لا هدفٌ لنا إلا الهزيمةَ في حروبك... فانتصرْ أَنت انتصرْ، واسمعْ مديحك من ضحاياكَ، انتصر سَلِمَتْ يداك» فهل تنصر الكويت أرض الحوار الحب فيتحقق رجاء الشاعر اليمني؟!