روسيا تعرف موقعها في سلم القوة متى قورنت بالولاياتالمتحدةالامريكية ، رغم انها لم تقدم من الدلائل ما ينفي تطلعها لاسترجاع دورها السابق ، حين كان الاتحاد السوفيتي ، القوة الموازية في ادارة العالم . لهذا ، تبقي الذاكرة الامريكية ، حية لناحية الخطر الذي شكله الاتحاد السوفييتي على مساعيها للهيمنة على العالم .. هنا يكمن سر التلاعب الفاضح للدور الامريكي في عدم الالتزام بتعهداتها السياسية والعسكرية ، خاصة عندما تكون روسيا طرفاً في هذا الاتفاق ، وهذا ما افصحت عنه الاتفاقية الامريكية / الروسية حول حلب ، التي ظلت لغزاً حتى الآن. لكن ذلك لا ينفي حاجة مصلحتي البلدين الى التساكن والقبول بتقاسم الادوار التي تحمي هذه المصالح ، ما يوحي بأن هذه الاتفاقية - حول حلب - مرشحة لان تتحول من اتفاقية رجراجة الى اتفاق كامل وشامل للازمة السورية. البنود السرية المتضمنة في الاتفاقية ، والتي وجدت طريقها للنشر ، تفصح عن اتفاق حول الخطوط العريضة ، لتسوية شرق اوسطية ، اهمها الابقاء على بشار الاسد رئيساً للجمهورية في الوقت الحالي. ثانياً تعهد الولاياتالمتحدة بحماية المصالح الايرانية في سوريا من التدخلات الخليجية ( المقصود هنا السعودية وقطر ، وكذلك عدم مسائلة الفصائل التي قاتلت الى جانب الجيش السوري . في حال صحة ما تذهب اليه هذه التسريبات تبرز المرتسمات الجوهرية للحل ، روسياً.. ويمنياً. روسياً.. لم تعد اوكرانيا نقطة الضعف الروسية ، سوف تتحرر من الضغوط الغربية ، لكن الاهم لذلك ، هو قبول روسيا لعب دور شرطي المنطقة ، وهذا يريح امريكا ، اذ يبعد ايران عن لعب الدور الرئيس في المنطقة ، كما ان انغماس روسيا في هذا الدور سوف يدعوها الى التصالح مع اوروبا القلقة من انتشار الصواريخ الروسية على حدودها ، بالمقابل هناك اتفاقية خفض عدد الصواريخ البالستية النووية العالقة منذ 2010 بسبب عدد الرؤوس النووية المختلف حولها مع الولاياتالمتحدةالامريكية ، هذا بالاضافة الى مكاسب تجنيها روسيا من خلال ضبط السوق النفطية للمنطقة والتحكم بانابيب الغاز الى اوروبا ، وقواعدها التي ستعرف تنامياً في العدة والعتاد ، وبطبيعة الحال كل ذلك يتم بالتنسيق مع اسرائيل .. يمنياً ، وبعد تأمين مقايضة المصالح الايرانية في سوريا والعراق ، يصبح للسعودية حق التصرف بالمسألة اليمنية وفق ما يتطلبه تأمين حدودها الجنوبية ، ومنع وصول الصواريخ الى اراضيها ، لكن ما يهم هنا هو التلكؤ الذي يمارسه وفد الحوثي في عرقلة المفاوضات ، اي يكن السبب في ذلك ، لان اللحظة "التاريخية " ان لم تقطف في اوانها تفقد جدواها وتتحول الي عامل هدم لذاتها ، وهذا ما يفسر الصمت الصارخ لتصاعد الهجمات الجوية للتحالف الخليجي على اليمن ، وكذلك المباركة الامريكية لقرار نقل البنك المركزي اليمني الى عدن ، والتداعيات التي ستترتب على هذا الاجراء. الامر يستدعي الوقوف الجاد امامه اذا اردنا ان نحافظ على بقاء الدولة اليمنية موحدة ومعترف بها دولياً ، اما الوفد العالق في عمان فسيبقى هناك لفترة اطول كما يبدو..