قبل ثلاثة أيام صورت لأمي مقطع فيديو وأنا أتكلم فيه . سجلت لها أنني بخير ، وأنني مشتاق لها كثيراً ؛ ثم سألت عنها إذا كانت بخير أم لا ؟ لمن شافتني أمي اليوم وأنا أتكلم صوت وصوره بكت كثيراً وكثير جداً ، وتمنت أنها لو تراني قبل الموت . بكت أمي كما لم تبكي من قبل ، لم تتعود على غيابي كثيراً وأنا وحيدها ، وهي التي تخاف علي حتى من سواد الليل . تبكي أمي كل ما أتصل لها ، وتتمنى أن لو كانت طيراً لتطير حتى تلحق بي ، فقد أصابها المرض والتعب بعد غيابي . كل ما أتصل بها تبكي شوقاً لي ، وخوفاً عليَّ حتى من الجوع والعطش . بداية عاصفة الحزم كنت عندها ، وتلقيت إتصال من العمل ان عليك أن تعود بسرعة لصنعاء نحن نحتاجك ، ودون تردد اجبت تمام بكرة إن شاء الله . بعد أن أنهيت الإتصال قمت بحذف جميع القنوات الإخبارية ، والقنوات اليمنية سهيل ويمن شباب وبلقيس ؛ وأبقيت لهم طيور الجنه وقنوات لاتقدم لهم نشرات إخبارية ولا تتناول الوضع اليمني ، حتى لا تفجع أمي عند رؤيتها لأي خبر . اليوم أنا حزين جداً بعد أن رأيت هذه الصورة التي أُلتقطت لأمي دون أن تعرف ، وهي تبكي شوقاً لي . ما الذي يمكن أن يكتبه أي إنسان هُجر قسراً ، ونجا من الاختطاف أكثر من مَرّه ، وماذا أقول أنا . الحزن يخيم على قلبي كجبال نهم ، وضاقت بي الدنيا وكما لو أنني محشور في خرم إبره . تسببت لأمي بالكثير الكثير من الحزن ، وأقف عاجزاً لا أدري ماالذي يمكن أن أفعله ليهدأ هذا الحزن الذي قتل أمي وقلتني معها . وأتذكر وأنا أرى دمع أمي أمهات الشهداء كيف يتقبلن خبر إستشهاد أولادهن . لعل ما نواسي به أنفسنا أننا أخرجنا من ديارنا ظلماً وعدوانا ، ولم نكن أول من أطلق رصاصة في هذه الحرب بل أستقبلناها بظهورنا حتى لاتصل لغيرنا ، ولكنهم أمعنوا في قلتنا وطردنا . سنعود يا أمي ، وسيعود كل مقاتل إلى أهله ونحن منتصرين بإذن الله . عاجزاً أنا حتى من الإتصال لأمي ، وإليك ياربِ المشتكى ، وأنت حسبي ونعم الوكيل .