إصابة مواطن ومهاجر أفريقي بنيران العدو السعودي في صعدة    فعالية ووقفة نسائية في تعز بالعيد ال11 لثورة 21 سبتمبر    ثلاث دول تعترف بدولة فلسطين والبرتغال تلحق بالركب    تقدير موقف حول مؤتمر "الأمن البحري" في الرياض    منتخب الناشئين يخسر أمام قطر في مستهل كأس الخليج    من التضحيات إلى بناء الدولة.. وثيقة بن بريك نداء اللحظة التاريخية    بينهم أكاديميون ومعلمون وحفّاظ.. مليشيا الحوثي ترهب أبناء إب بحملات اختطاف    هيئة التعليم والشباب والرياضة تشيد بتنظيم البطولة الوطنية لكرة السلة وتتفقد أعمال الصيانة في الصالة الرياضية المغلقة بالمكلا    قيادي انتقالي: المركزي يقود عصابة الصرافين لسرقة المنحة السعودية    اليوم الرابع من الغضب.. «إعصار المشهري» يعصف بإخوان تعز    الرئيس المشاط يعزي في وفاة اللواء عبدالرحمن حسان    الأمانة العامة للإصلاح: المواقف السعودية ستظل محفورة في ذاكرة الشعب اليمني    محمد الحوثي: الشعب سيمضي مع القيادة حتى الحرية والاستقلال الكاملين    وقفة نسائية في المحويت بذكرى ثورة 21 سبتمبر    إيطاليا تستبعد الكيان الصهيوني من "معرض السياحة الدولي"    وزارة الإعلام تطلق مسابقة "أجمل صورة للعلم الوطني" للموسم الثاني    قراءة في كتاب دليل السراة في الفن والأدب اليمني لمصطفى راجح    حل الدولتين.. دولة فلسطينية بلا شعب!    المنحة السعودية المزمع وصولها في مهب افلام المعبقي    صنعاء.. اعتقال قطران ونجله بعد اقتحام منزلهما في همدان    الأمم المتحدة:الوضع الإنساني المتدهور في اليمن ينذر بكارثة إنسانية    الوفد الحكومي برئاسة لملس يختتم زيارته إلى مدينة شنغهاي بالصين    الأرصاد يخفض التحذير إلى تنبيه ويتوقع هطولاً مطرياً على أجزاء من المرتفعات والسواحل    الإصلاح ينعى الشيخ عبد الملك الحدابي ويشيد بسيرته وعطائه    فخ المنحة السعودية:    المركز الأمريكي لمكافحة الإرهاب يحذر من تنامي خطر "القاعدة" في اليمن    المونديال المصغر.. سيدات البرازيل يتخطين مصر وتعادل بين لبنان وكردستان العراق    التعايش الإنساني.. خيار البقاء    عبد الملك في رحاب الملك    جراح السيلاوي يؤكد جاهزيته لمواجهة قوية في بطولة "الطريق إلى دبي"    ينطلق من إيطاليا.. أسطول بحري جديد لكسر حصار غزة    مانشستر يونايتد يتنفس الصعداء بانتصار شاق على تشيلسي    بطولة إسبانيا: ريال مدريد يواصل صدارته بانتصار على إسبانيول    مدرب الاتحاد يفكر بالوحدة وليس النصر    إصلاح حضرموت ينظم مهرجاناً خطابياً وفنياً حاشداً بذكرى التأسيس وأعياد الثورة    السعودية تعلن تقديم دعم مالي للحكومة اليمنية ب مليار و380 مليون ريال سعودي    شباب المعافر يُسقط اتحاد إب ويبلغ نهائي بطولة بيسان    لقاء أمريكي قطري وسط أنباء عن مقترح أميركي حول غزة    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شبكة تحويل أموال وكيانين مصرفيين    مستشفى الثورة في الحديدة يدشن مخيماً طبياً مجانياً للأطفال    تعز بين الدم والقمامة.. غضب شعبي يتصاعد ضد "العليمي"    انتقالي العاصمة عدن ينظم ورشة عمل عن مهارات الخدمة الاجتماعية والصحية بالمدارس    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    الشيخ عبدالملك داوود.. سيرة حب ومسيرة عطاء    بمشاركة 46 دار للنشر ومكتبة.. انطلاق فعاليات معرض شبوة للكتاب 2025    وفاة 4 من أسرة واحدة في حادث مروع بالجوف    إب.. وفاة طفلين وإصابة 8 آخرين اختناقا جراء استنشاقهم أول أكسيد الكربون    المركز الثقافي بالقاهرة يشهد توقيع التعايش الإنساني ..الواقع والمأمون    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    الصمت شراكة في إثم الدم    موت يا حمار    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسد باق... ولكن ماذا عن سوريا؟
نشر في المشهد اليمني يوم 08 - 06 - 2018

لم يعد بقاء الرئيس بشار الأسد حاكماً لسوريا ضرباً من الخيال. تصريحات قادة دوليين كثيرين، مثل باراك أوباما وفرنسوا هولاند وسواهما، التي حددت مهلاً لسقوط رأس النظام السوري ذهبت هباء. عوامل وأسباب كثيرة ساهمت في الوصول إلى هذه النتيجة الحزينة لسوريا ولكل المدافعين عن انتصار العدل على الظلم. وعلى مدى السنوات السبع الماضية كانت هذه الأسباب تتراكم؛ من إمعان النظام في قتل شعبه وتدمير مدنه، رداً على انطلاق الثورة، وذلك تحت شعار «أحكمكم أو أقتلكم»، إلى تفكك المعارضة وتشرذم قواتها، إضافة إلى انحياز بعضها إلى صفوف التنظيمات الإرهابية، مما سمح لورقة «مكافحة الإرهاب» التي استخدمها النظام للدفاع عن ممارساته بأن تكسب صدقية أكبر بين مناصريه وبعض خصومه على السواء.
غير أن النظام السوري لم يكن وحيداً في المعركة التي انتهت بإنقاذ رأسه. والواقع يفرض القول إنه لو بقيت قواته وحيدة في مواجهة فصائل المعارضة لما كانت النتيجة هي ما نراه اليوم. ومن دعموا بقاء النظام السوري، من روس وإيرانيين، لم يترددوا في إعلان أن قواتهم هي التي سمحت بتغيير قواعد اللعبة في سوريا، وجعلت ما كان مستحيلاً توقعه في السنوات الأولى لبدايات الثورة، أمراً شبه محسوم اليوم. وفي تصريحات رأس النظام الإيراني علي خامنئي أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ما يؤكد أن تدخل الجانبين هو الذي سهل لبشار الأسد البقاء في «قصر المهاجرين».
هذا ما أوصلنا إلى ما نحن عليه الآن. سوريا تتفكك ونظامها «يقوى». بلد خسر خلال 7 سنوات نصف مليون من مواطنيه. كما تم تهجير أكثر من نصف سكانه (نحو 12 مليوناً) سواء في الداخل أو في بلدان اللجوء، ما عدّته المنظمات الدولية أكبر أزمة لجوء منذ الحرب العالمية الثانية. كما خسر الاقتصاد السوري نحو 250 مليار دولار من الناتج القومي بين عامي 2011 و2016، حسب إحصاءات البنك الدولي. وقفزت البطالة بين الشباب إلى 78 في المائة. أما تقديرات خسائر الحرب، كما أعلن بشار الأسد نفسه، فتصل إلى 200 مليار دولار. ومع ذلك لا يرى الرئيس السوري أي حرج في إعلان «الانتصار» والاستعداد للبقاء حاكماً لبلد ممزق، ولشعب نصفه موزع بين القبور وأماكن اللجوء.
وإذ «ينتصر» رئيس النظام السوري على شعبه، تجلس القوى الإقليمية والدولية حول طاولات المفاوضات، في غياب أي مسؤول سوري، لترسم خرائط النفوذ الجديدة، وتحسم مناطق وجود القوى المتصارعة على الأرض السورية، في مشهد يثير الأسى، إذا بقي لهذه الكلمة من أثر، لما وصل إليه الوضع السوري.
مناطق الحدود السورية، شمالاً وجنوباً، في عهدة القوى النافذة التي تتفاوض على مصيرها، وعلى هويات من سيسيطرون عليها. ومع أن الشعور العام، لدى الروس والأميركيين، كما لدى معظم القوى الإقليمية، أن خيار بقاء الأسد أصبح خارج النقاش، فلا أحد من هذه القوى يكلف نفسه عناء إشراك النظام السوري في بحث مستقبل علاقات سوريا مع جيرانها. أما النظام فلا يرى مشكلة في ذلك، طالما أن القوى التي تشارك في المفاوضات لا تطرح بديلاً له، وتقر بأن بقاءه يضمن مصالحها. وسواء تعلق الأمر بالمفاوضات التركية – الأميركية حول وضع منبج والمناطق الواقعة شرق الفرات، أو بالمفاوضات الروسية – الإسرائيلية المتعلقة بدرعا والمناطق الحدودية مع إسرائيل، فإن النظام السوري يبلَّغ تفاصيل الترتيبات الأمنية المقبلة في هذه المناطق، والمتعلقة بمستقبل الوجود الكردي في الشمال، أو بمصير القوات الإيرانية و«حزب الله» في المناطق المحاذية للجولان، من دون أن تكون له كلمة بشأن ما يتم الاتفاق عليه من ترتيبات.
ومن منبج وريف حلب شمالاً، إلى درعا والحدود الجنوبية، يسعى مختلف الأطراف إلى السيطرة على ما يستطيعون من أراض وتأمين أكبر قدر من المصالح. تركيا تعد أن مشكلتها الكبرى في سوريا هي النفوذ الكردي الذي تعمل على لجمه على حدودها من خلال تفاهمها الأخير مع الإدارة الأميركية. أما إسرائيل فتعدّ أن مشكلتها الكبرى في سوريا تتمثل في نفوذ إيران. وفي الحالتين، لا ترى إسرائيل أو تركيا أن لديهما مشكلة في بقاء بشار الأسد في السلطة إذا تم ضمان مصالحهما المباشرة، وهو ما يستسلم له النظام من خلال موافقته الضمنية على خريطة الطريق في منبج والترتيبات الأمنية التي يبحثها الإسرائيليون والروس عند الحدود الجنوبية، وما يحكى عن إمكان تولي الشرطة العسكرية الروسية زمام الأمن في المنطقة الحدودية مع الأردن وإسرائيل.
في المقابل، تلجأ تركيا إلى الأميركيين بوصفهم الأقدر على ضمان الجانب الكردي، الذي تنظر إليه أنقرة على أنه أكبر خطر يهددها، انطلاقاً من اتهامها «قوات سوريا الديمقراطية» بأنها فرع من «حزب العمال الكردستاني» الذي تناصبه تركيا العداء. من هنا كانت المفاوضات بين الأميركيين والأتراك على شمال سوريا، وعلى مستقبل مدينة منبج. وسبق أن تفاهمت واشنطن وأنقرة على انسحاب قوات النظام السوري من تل رفعت في ريف حلب الشمالي، كما على مستقبل «قوات سوريا الديمقراطية»، التي تسيطر على مناطق شرق الفرات، وبالأخص على بلدات منبج ودير الزور والرقة... وذلك على الرغم من أن «قسد» هي التي حررت الرقة من تنظيم «داعش» في العام الماضي، بعدما عدّها التنظيم الإرهابي «عاصمته» الثانية إلى جانب الموصل العراقية.
الالتقاء المفاجئ في المصالح الأميركية والتركية يهدد إذن بالتضحية ب«وحدات حماية الشعب» ذات الأكثرية الكردية كما بمشروع الحكم الذاتي الكردي في الشمال السوري. وكانت هذه الوحدات اعتقدت أنها تستطيع ضمان الحماية من خلال موالاة النظام السوري، الذي سبق أن سحب قواته من المناطق الكردية، في عز المعارك التي كان يخوضها في حلب وحمص، فإذا بالأكراد الآن ضحية التقاء المصالح بين واشنطن وأنقرة رغم خلافاتهما السابقة، مما دفع بوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال لقائه الأخير مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى الإشادة بالعلاقة الاستراتيجية بين البلدين، وضرورة معالجة كل القضايا ذات الاهتمام المشترك «بروح الشراكة بين الحلفاء». فيما كان وزير الخارجية السوري وليد المعلم يعلن من دمشق أن ساعة الحسم مع «قوات سوريا الديمقراطية» قد حلت، وعليها «التفاوض أو اللجوء إلى العمل العسكري». ثم تذكر المعلم أن الرقة مدينة سورية، فأضاف: «الرقة ما زالت في قلوبنا ويجب إعادة إعمارها وتحريرها من أي وجود غريب عن سكانها». ولم يشرح الوزير السوري هوية هؤلاء «الغرباء»، خصوصاً أنه قال إنه يعد أبناء الرقة «مواطنين سوريين يحرصون على بلدهم كما نحرص».
في المحصلة، يمكن أن يساعد التقاء المصالح الخارجية على توفير غطاء يضمن بقاء بشار الأسد في الحكم. ولا شك في أن الأسد يبقى موضع ترحيب في موسكو من قبل فلاديمير بوتين، أو في بيونغ يانغ التي دعا نفسه لزيارتها ولقاء كيم يونغ أون، فيما بدا كأنه سباق مع دونالد ترمب. غير أن كل ذلك لا يلغي حقيقة أن الأسد سيبقى رئيساً فوق أنقاض بلد كان تدميره هو التكلفة الغالية لبلوغ هذه الخاتمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.