أقف دائماً أمام قصيدة الشاعر الكبير عبدالله عبدالوهاب نعمان والتي أصبح جزء منها نشيداً للجمهورية، متأملاً عظمة الكلمات فيها، والمعاني، وخاصة حين أقرأ الأبيات التالية: كم شهيدٍ من ثرى قبر يُطلُّ ليرى ما قد سقى بالدم غرسهْ ويرى جيلاً رشيداً لا يضلُّ للفداء الضخم قد هيّأ نفسهْ ويرى الهاماتِ منّا كيف تعلو في ضحى اليوم الذي أطلع شمسهْ يا بلادي.. يا بلادي.. يا بلادي هذه الأبيات وهي تحكي قصة بطولة كاملة، تفتح لنا باباً مهماً للتساؤل الفعلي حول المكاسب التي ضحى الثوار والأبطال بحياتهم من أجلها، وقدموا أغلى التضحيات وأرفعها على الإطلاق. كم شهيد ضحى بحياته من أجل محاربة الاستعمار والاحتلال لبلادنا، وكم شهيد سقط في سبيل إنهاء الحكم الإمامي السلالي البائد، وماذا يقع على عاتقنا كجيل جديد إزاء هذه التضحيات، هل كنا فعلا الجيل الذي جهز نفسه وتهيأ وفهم لماذا ضحّى الآباء، وهل مضينا على ذات السبيل أم أننا فرطنا بقصد أو بدون قصد، وعدنا إلى نقطة الصفر؟ كيف استقبلنا نصح الثائر والأديب الكبير مطهر الإرياني وهو يقول "يا قافلة عاد المراحل طوال، وعاد وجه الليل عابس"؟ الحقيقة أن مجرد قراءة هذه الأبيات أحياناً تقودني إلى البكاء في خضم الشتات الذي نعيشه.