ما الذي كان يفعله "عبدالمجيد الزنداني" في آخر أيّامه    رفض قاطع لقرارات حيدان بإعادة الصراع إلى شبوة    قذارة الميراث الذي خلفه الزنداني هي هذه التعليقات التكفيرية (توثيق)    قوات دفاع شبوة تحبط عملية تهريب كمية من الاسلحة    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    قيادي إصلاحي يترحم على "علي عبدالله صالح" ويذكر موقف بينه و عبدالمجيد الزنداني وقصة المزحة التي أضحكت الجميع    عاجل: الحوثيون يعلنون قصف سفينة نفط بريطانية في البحر الأحمر وإسقاط طائرة أمريكية    دوري ابطال افريقيا: الاهلي المصري يجدد الفوز على مازيمبي ويتاهل للنهائي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    لا يجوز الذهاب إلى الحج في هذه الحالة.. بيان لهيئة كبار العلماء بالسعودية    عمره 111.. اكبر رجل في العالم على قيد الحياة "أنه مجرد حظ "..    آسيا تجدد الثقة بالبدر رئيساً للاتحاد الآسيوي للألعاب المائية    رصاص المليشيا يغتال فرحة أسرة في إب    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    سلام الغرفة يتغلب على التعاون بالعقاد في كاس حضرموت الثامنة    حسن الخاتمة.. وفاة شاب يمني بملابس الإحرام إثر حادث مروري في طريق مكة المكرمة (صور)    ميليشيا الحوثي الإرهابية تستهدف مواقع الجيش الوطني شرق مدينة تعز    فيضانات مفاجئة الأيام المقبلة في عدة محافظات يمنية.. تحذير من الأمم المتحدة    أول ظهور للبرلماني ''أحمد سيف حاشد'' عقب نجاته من جلطة قاتلة    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    مغالطات غريبة في تصريحات اللواء الركن فرج البحسني بشأن تحرير ساحل حضرموت! (شاهد المفاجأة)    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة داخل عقل ترامب
نشر في المشهد اليمني يوم 10 - 10 - 2020

يعد كتاب "الغضب"، الصادر منتصف الشهر الماضي (سبتمبر/ أيلول) للصحافي المخضرم، بوب ودورد، بمثابة مراجعة نهائية لولاية الرئيس الأميركي، ترامب، الأولى يقوم بها أحد أشهر الصحافيين الأميركيين، الذين التقوا ولخصوا تجارب غالبية الرؤساء الأميركيين خلال العقود الخمسة الأخيرة. لذا ينقسم الكتاب (400 صفحة) إلى نصفين متساويين تقريبا، يتناول أولهما تعامل ترامب مع السياسة الخارجية وقضايا الأمن القومي، وفي مقدمها العلاقة مع كوريا الشمالية. ويتناول ثانيهما تعامل ترامب مع قضية داخلية، وهي أزمة كورونا. وهدف ودورد الأساسي ليس رصد السياسات نفسها، وكيف صيغت وتطورت، وإنما فهم عقلية ترامب نفسها، وكيف يفكر في دوره ومسؤولياته رئيسا، ويطور سياساته ويتعامل مع أقرب مستشاريه. هدف ودورد الأساسي فهم عقلية ترامب رئيسا للولايات المتحدة، وكيف يفكّر.
أما أداته الأساسية فهي مقابلات كثيرة مهمة أجراها مع ترامب نفسه وكبار مستشاريه، فقد أجرى ودورد 17 مقابلة مع ترامب من ديسمبر/ كانون الأول 2019 وحتى يوليو/ تموز 2020، هذا بالإضافة إلى مقابلات أجراها مع مساعدين له كثيرين، حاليين وسابقين. وخلال الكتاب، لا يتوقف ودورد عن مقارنة تلك المقابلات مع الحقائق التي كشفت عنها الوثائق والتقارير الإعلامية المختلفة.
وينتهي الكتاب بحكم رئيسي على ترامب وولايته الأولى، أنه لا يصلح أن يكون رئيسيا للولايات المتحدة لأسباب مختلفة، في مقدمتها شخصيته وعقليته وطريقة إدارته البلاد. يصوّر الكتاب ترامب شخصا فارغا لا يتبنى فكرا أو استراتيجية بعينها، مشغولا دوما بفرص إعادة انتخابه، ويعيش في حالة (أو حملة) حشد انتخابية، تركّز على الدعاية لنفسه. ترامب، وفقا للكتاب، يشعر بدرجاتٍ عاليةٍ من العظمة والغرور، وإنْ كان لا يتوقف عن محاولة إثبات قدراته للجميع، حتى إنه تحدث مع ودورد أكثر من مرة عن عمّه أستاذ الفيزياء في جامعة أميركية كبيرة دليلا على ذكائه وذكاء عائلته.
خلال مقابلاته مع ودورد، يركّز ترامب دائما على نفسه، ولا يعطي لأيٍّ من مساعديه قيمةً أو إسهاما في قراراته. يصوّر نفسه دائما عبقريا يعمل بمفرده من دون مساعدة أحد، ويتخذ القرارات الصعبة من دون مشورة أحد، وضد النصائح الخاطئة التي يدلي بها الجميع. ترامب لا ينسب أي إنجاز أو قرار إلا لنفسه، ويرى قراراته دائما صائبة، ويرى نفسه دائما كضحية حرب يشنها الجميع، في مقدمتهم الديمقراطيون والإعلام ومستشاروه السابقون الذين استقالوا أو تمت إقالتهم من إدارته، مثل الوزيرين السابقين، للدفاع جيمس ماتيس، وللخارجية ريكس تيلرسون.
في كل مقابلة أجراها ترامب مع ودورد، يبدأ وينتهي بالحديث عن إنجازاته التي فاقت أي رئيس أميركي سابق، وفي مقدمتها وضع الإقتصاد الأميركي فيما قبل كورونا، مؤكّدا أن لا أحد يرى إنجازاته أو يعترف بها. خلال المقابلات، لا يستمع ترامب بدقّة لأسئلة ودورد، أو يدقق فيها بقدر ما يكرّر على مسامعه دائما أنه الرئيس الأفضل، وأن ودورد لا يرى أو لا يريد أن يرى إنجازاته، وأن ترامب سوف يستمر في الإنجاز، على الرغم من عدم تقدير الجميع له، وأن استراتيجية الوحيدة هي الإستمرار في تحقيق الإنجازات والنجاحات.
استقال عدد من أهم مساعدي ترامب السابقين، كماتيس وروبرتسون، فلم يستطعوا فهم أسلوب عمله، ولا المطلوب منهم
يقول ودورد إن ترامب يتعمّد الكذب أو الحديث عن أشياء غير حقيقية، مثل مؤامراتٍ تشن عليه أو أفعال مشينة يقوم بها خصومه أو إنجازات غير مسبوقة يقوم بها. يتعمّد الكذب ولا يبالي بالحقيقة، فهدفه الأساسي هو الفوز على خصومه والانتصار عليهم، بغض النظر عن الأسلوب. لذا يعتمد استراتيجية إعلامية تقوم على استفزاز ومفاجأة وصدمة الإعلام دائما بكل ما هو غير متوقع. ترامب يبحث دائما على الخطوط الحمراء، لكي يتخطاها، أملا في الحصول على مزيد من التغطية الإعلامية، فاستراتيجيته الإعلامية تقوم بالأساس على الإثارة والجدل، فكلما ارتفعا زادت المعرفة به، وتحدّث الإعلام عنه أكثر، وحصل على تغطية أكبر من منافسيه. لذا لا يتوقف ترامب عن استخدام "تويتر" من دون تنسيق مع أحد في إدارته، أو عن الحديث في أهم القضايا بشكل مفاجئ وصادم، بل يصدم الجميع بتصرّفات غير منطقية، وبلا عائد سياسي واضح، مثل لقاءاته المتكرّرة مع زعيم كوريا الشمالية، ودخوله أراضي كوريا الشمالية نفسها. ويقول ودورد إن ترامب، في الحالتين، لم يمتلك استراتيجية واضحة، وإنه انشغل بالأساس بنفسه، وكيف أنه قادر على إقناع زعيم كوريا الشمالية بالتنازل عن ترسانة بلاده النووية، كما استطاع في السابق إقناع أخرين بببيع منازلهم خلال عمله في مجال العقارات. كما انشغل ترامب أكثر بالتغطية الإعلامية الهائلة التي حصل عليها بسبب تلك اللقاءات، والتي رأى فيها ترامب دعاية مجانية، يحصل عليها من دون دفع سنت واحد، كما ذكر لودورد خلال إحدى المقابلات المسجلة.
ولهذا السبب، استقال عدد من أهم مساعدي ترامب السابقين، كماتيس وروبرتسون، فلم يستطعوا فهم أسلوب عمله، ولا المطلوب منهم، وعجزوا دائما عن تطوير استراتيجية واضحة لإدارته وسياساته، ورفضوا أسلوب إدارته الفوضوية للبلاد، ولذلك تصادموا معه واستقالوا أو تمت أقالتهم. أما أقرب مساعدي ترامب فهو صهره جاريد كوشنر. ويرى ودورد أن الأخير هو بمثابة كبير موظفي البيت الأبيض، وهو الشخص الأقرب للرئيس، لذا يسعد بعض كبار المسؤولين الحاليين باهتمام كوشنر بتوصياتهم، لشعورهم بأنها الطريقة المثلى للوصول إلى ترامب. ويرى كوشنر دائما ترامب عبقريا، ويرى في أسلوبه الفوضوي نوعا من العبقرية والحدس لا يخطئان.
يقول ودورد إن ترامب يبحث دائما عن حربٍ يفوز بها من دون أن يخوضها، فهو لا يتحمّل الإستراتيجيات ولا الصراعات الصعبة والمعقدة، هو يريد أن يحقق أكبر الانتصارات دائما بأقل التكاليف. لذا مثلت أزمة كورونا أكبر تحدّياته. فهي أزمة داخلية تتعلق بأسلوب إدارته البلاد، وإن حاول دوما إلقاء اللوم فيها على الصين باعتبارها مصدرا للفيروس. كما أنها أزمة صحية يصعب لومها على الديمقراطيين وسلفه أوباما، وإن حاول ترامب ذلك دوما. وقد كشفت الأزمة افتقار ترامب للإستراتيجية، وعجزه عن القيادة، وتهرّبه من المسؤولية وفشله في مصارحة الأميركيين.
يعتقد ودورد أن الرؤساء الأميركيين الذين واجهوا حروبا وتحدّيات ضخمة صارحوا الأميركيين بالحقيقة، وحذّروهم من أيام صعبة مقبلة، وطلبوا منهم التضحية ومواجهة التحدّي كما حدث خلال الحرب العالمية الثانية. أما ترامب فانشغل بالدعاية السياسية لنفسه، والتهرّب من المسؤولية، وإعطاء أمال زائفة للأميركيين، فتارة يتحدّث لهم عن ضعف الفيروس وموته بحلول الربيع والأجواء الدافئة، وتارة يحدّثهم عن سرعة اكتشاف دواء أو لقاح للفيروس. وفي معظم الأحيان، يحمّل الأخطاء لمستشاريه العلميين وحكام الولايات والصين، وأي طرف آخر، إلا نفسه، وينسب كل نجاح لنفسه فقط كما حدث في سرعة إعلان أميركا وقف الطيران القادم من الصين للحد من انتشار الفيروس. وهو قرارٌ أجمع عليه مختلف مستشاري ترامب الذي اتخذ القرار بناء على نصائحهم كما رصد الكتاب، ولكن ترامب أصرّ، خلال مقابلاته مع ودورد، على أنه اتخذ القرار بمفرده، وعلى الرغم من معارضة جميع مستشاريه له.
يقول ودورد إن ترامب تحدث معه، وطالبه أكثر من مرّة بأن يكون عادلا، وأن يركّز على إنجازاته في الكتاب، وإنه حاول دائما أن يتهرّب من الأسئلة، وأن يكرّر الحديث عن نجاحاته غير المسبوقة. ولكن ودورد كان يحاول دائما فهم الإستراتيجية التي يتبعها ترامب بلا جدوى، وفهم كيف يفكر في صناعة القرار ومسؤوليته رئيسا للولايات المتحدة مؤكّدا، في نهاية الكتاب، أن "ترامب هو الشخص الخاطئ للوظيفة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.