مسير مسلح لقوات التعبئة بمديرية الصافية في أمانة العاصمة    البحرية البريطانية تحذر الاقتراب من موانئ اليمن    اختتام فعاليات أسبوع المرور العربي في المحافظات المحررة    ملخص مباراة برشلونة ضد ريال مدريد بالدوري الاسباني    الكابتن عبدالله مكيش في ذمة الله ..    عندما يصبح النور مطلباً للنضال    البرنامج الوطني لمكافحة التدخين يدشن حملة توعوية في عدن تحت شعار "فضح زيف المغريات"    هدية بمليارات $.. قطر ستهدي ترامب طائرة رئاسية فاخرة    وزير الخارجية الإيراني يشيد بنتائج الجولة الرابعة من المفاوضات مع واشنطن    اعلام صهيوني :الوضع في المطارات يزداد تعقيدًا بسبب الحصار اليمني    القنصلية اليمنية تصدر تعليمات هامة للطلاب والمسافرين الى الهند    وزير الشباب يلتقي إدارة نادي شباب الأحمدي الرياضي برداع    اجتماع برئاسة وزير الثقافة يناقش عمل لجنة الرقابة على المنشآت السياحية    وزير النقل: الصعوبات والمعوقات التي يواجهها ميناء الحديدة سيتم تجاوزها    بسبب استمرار الحرب على غزة .. القاهرة ترفض تعيين سفير إسرائيلي جديد    جدلا واسعا ومطالبات بتحرك دبلوماسي عقب اعتقال فتاتين يمنيتين في القاهرة    شركات أمنية رافقت نساء المنظمات والشرعية يوم أمس    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 11 مايو/آيار 2025    عن خروج حرائر النساء للشارع.    زيارة ترامب للمنطقة ومحطتها الاولى الرياض والملفات الشائكة    توقف مفاوضات النصر السعودي مع كريستيانو رونالدو    الريال السعودي في الجنوب عمالة وفي اليمن وطنية    وفاة شخص وإصابة آخر إثر انقلاب مركبة وسقوطها في عرض البحر بمدينة المكلا    انتشار فيديوهات مفبركة بالذكاء الاصطناعي ل"كوكب الشرق"    دراسة: المصريون القدماء استخدموا "تقنية بركانية" وآلات قديمة عالية التقنية لبناء الأهرامات    نقابة الصحفيين تعلن رفضها محاكمة المليشيا للزميل المياحي وتطالب بإطلاق سراحه    نجل الخائن العليمي يحصل على القطاع اس -5 بشبوة    رسالة مفتوحة إلى وزير الخارجية    تسجيل 17,823 إصابة بالملاريا والأمراض الفيروسية في الحديدة منذ بداية 2025    ثورة النسوان.. تظاهرة لم تشهدها عدن منذ رحيل بريطانيا    بايرن ميونخ يتوج بطلاً للدوري الألماني اثر تغلبه على بوروسيا مونشنجلادباخ    بايرن ميونيخ يحتفل بلقب الدوري للمرة ال 34 ويودع نجمه المخضرم توماس مولر    الموسم المقبل.. 6 أندية إنجليزية في دوري الأبطال    الملك سلمان يرعى نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين    رسالة الحرائر إلى رأس الافعى الذي منع توريد وقود الكهرباء    "صوت النساء يعلو".. احتجاج نسوي واسع يطالب بإنهاء التدهور الخدمي والمعيشي في عدن    مايهزك نبيح ياعدن    مرحلة عصيبة ومعقدة تمر بها عدن    وثيقة عقوبات قبلية تثير استياء واسع في اوساط المثقفين اليمنيين    الفن بين المرآة والسيف: خطر مشهد السحل في الدراما "طريق إجباري" نموذجًا    المقالح يبدي خشيته من استغلال اتفاق مسقط لتعزيز الكيان الانفصالي    العدالة للداخل قبل الخارج..!    - كيف ينظر وزير الشباب والرياضة في صنعاء لمن يعامل الاخرين بسمعه اهله الغير سوية    يعاقبون لأنهم لم يطابقوا القالب    أميركا والصين تختتمان جولة أولى من المحادثات في جنيف    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ ناجي أحمد سنان        إصلاح ريمة ينعى الفقيد الوليدي ويثمن أدواره في نشر القيم الدينية والوطنية    تأمين السكن يهدد ربع مليون نازح بمأرب    الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر المنتخب الوطني الداخلي في المكلا    كفى عبثا كفى إذلالا.. أهذه شراكة أم استعمارٌ مقنّع؟    دراسة : عدد ساعات النوم الصحية يختلف باختلاف البلد والثقافة    وزير الأوقاف: تفويج حجاج اليمن سيبدأ الثلاثاء القادم    الأسباب الرئيسية لتكون حصى المرارة    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    أول النصر صرخة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"المعيقلي" يتحدث عن أبرز ثلاثة أعمال دنيوية تثقل موازين العباد في الآخرة
نشر في المشهد اليمني يوم 05 - 02 - 2021

تحدث إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي، عن أبرز ثلاثة أعمال دنيوية تثقل موازين العباد في الآخرة، بعد أن أوصى المسلمين بتقوى الله عز وجل؛ وفقا ل"واس".
وقال في خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام: من أشد المواقف على العباد، يوم القيامة، بأهوالها المفزعة، وأحوالها المخيفة (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ)، فيحشر الناس حفاة عراة غرلا، مع كل نفس سائق يسوقها، وشهيد يشهد عليها، والناس بين ضاحك مسرور، وباك مثبور، وآخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله من وراء ظهره، فيحشر المتقون إلى الرحمن وفدا، ويساق المجرمون إلى جهنم وردا، (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا)، ويقول فرحًا مسرورًا (هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ)، ( َأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا) ، ويقول نادما حسيرًا (يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ)، و في ذلك اليوم المشهود، يوضع الميزان، وهو ميزان حقيقي، له كفتان، يميل بالحسنات والسيئات، لا تكيفه العقول، ولا تتصوره الأذهان، يزن كل صغيرة وكبيرة، قالَ الإمامُ أحمد: "والميزانُ حقٌّ، تُوزنُ به الحسناتُ والسيئاتُ، كما يَشَاءُ الله أنْ تُوزن"، (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِين).
وأضاف: لقد دلَّت نصوص الكتاب والسُّنة، على أنَّ العبد وعمله، وصحيفة أعماله، كل ذلك يوضع في الميزان يوم القيامة، ففي مسند الإمام أحمد: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تُوضَعُ الْمَوَازِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُؤْتَى بِالرَّجُلِ، فَيُوضَعُ فِي كِفَّةٍ، فَيُوضَعُ مَا أُحْصِيَ عَلَيْهِ، فَتَمَايَلَ بِهِ الْمِيزَانُ، قَالَ: فَيُبْعَثُ بِهِ إِلَى النَّارِ، فَإِذَا أُدْبِرَ، بِهِ إِذَا صَائِحٌ يَصِيحُ مِنْ عِنْدِ الرَّحْمَنِ، يَقُولُ: لَا تَعْجَلُوا، لَا تَعْجَلُوا، فَإِنَّهُ قَدْ بَقِيَ لَهُ، فَيُؤْتَى بِبِطَاقَةٍ فِيهَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَتُوضَعُ مَعَ الرَّجُلِ فِي كِفَّةٍ، حَتَّى يَمِيلَ بِهِ الْمِيزَانُ. في هذا الميزان، يخف وزن العبد أو يثقل، بحسب إيمانه وأعماله، لا بضخامة جسده، ففي الصحيحين: أن رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ - يعني وهو من أهل النار- لَا يَزِنُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، اقْرَءُوا،(فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا)، وهذا ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، كَانَ يَجْتَنِي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سِوَاكًا مِنَ الْأَرَاكِ، وَكَانَ دَقِيقَ السَّاقَيْنِ، فَجَعَلَتِ الرِّيحُ تَكْفَؤُهُ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِمَّ تَضْحَكُونَ؟ قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ. رواه الإمام أحمد.
وأوضح "المعيقلي" أن من أهوال يوم القيامة، موقف توفية الموازين، حتى إن العبد لينخلع فؤاده، وتعظم كروبه، ناسيًا أهلَهُ وأحبابه، مشغولًا بما يراه أمامه، وهو ينتظر حصيلة عمله، فلا يهدأ روعه، حتى يرى أيخف ميزانه أم يثقل؟، فمن ثقل ميزانه، نودي في مجمع فيه الأولون والآخرون: ألا إن فلان ابن فلان، قد سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدًا، وإذا خف ميزانه، نودي على رؤوس الخلائق: ألا إن فلان ابن فلان، قد شقي شقاوة لا يسعد بعدها أبدًا، وفي سنن أبي داود، أن عَائِشَةَ - رضي الله عنها -، ذَكَرَتِ النَّارَ فَبَكَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا يُبْكِيكِ، قَالَتْ: ذَكَرْتُ النَّارَ فَبَكَيْتُ، فَهَلْ تَذْكُرُونَ أَهْلِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَة؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَمَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ، فَلَا يَذْكُرُ أَحَدٌ أَحَدًا: عِنْدَ الْمِيزَانِ، حَتَّى يَعْلَمَ أَيَخِفُّ مِيزَانُهُ أَوْ يَثْقُلُ، وَعِنْدَ الْكِتَابِ، حِينَ يُقَالُ (هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَه)، حَتَّى يَعْلَمَ أَيْنَ يَقَعُ كِتَابُهُ، أَفِي يَمِينِهِ أَمْ فِي شِمَالِهِ، أَمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، وَعِنْدَ الصِّرَاطِ، إِذَا وُضِعَ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ ، (فَإذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ * فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ).
وأكد أن من عظيم رحمة الله تعالى بهذه الأمة، أن جعل رسولها - صلى الله عليه وسلم - يحضر موطن شدة الميزان وهوله، ليكون شفيعاً لأمته؛ ففي سنن الترمذي، سأل أنسُ بن مالك - رضي الله عنه - رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يَشْفَعَ لَه يَوْمَ القِيَامَةِ، فَقَالَ: أَنَا فَاعِلٌ ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيْنَ أَطْلُبُكَ؟ - أي: أين أجدك -، وفي أي عرصات القيامة أبحث عنك، قَالَ: اطْلُبْنِي أَوَّلَ مَا تَطْلُبُنِي عَلَى الصِّرَاطِ. قَالَ: قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عَلَى الصِّرَاطِ ؟ قَالَ: فَاطْلُبْنِي عِنْدَ المِيزَانِ. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عِنْدَ المِيزَانِ؟ قَالَ: فَاطْلُبْنِي عِنْدَ الحَوْضِ؛ فَإِنِّي لَا أُخْطِئُ هَذِهِ الثَّلَاثَ المَوَاطِنَ - يعني: لا بد أن تلقاني في واحدة من هذه المواطن - وأسعد الناس بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في تلك العرصات، هم أهل التوحيد والإخلاص.
وبيّن "المعيقلي" أن من فضل الله تعالى على عباده، أن جعل الأعمال التي يَثْقُلُ بها الميزان كثيرة، فمن أعظمها بعد التوحيد، الْجُود بِالْخُلُقِ الحسن، وهو شيء هين؛ وجه طليق ولسان لين، ويدخل فيه، استقامة في دين، وبشاشة في لين، وتفريج كربة، وكلمة طيّبة، وعفو وإحسان، وبر بوالدين،
وقال: حسن الخلق، أكثر ما يدخل الناس الجنة، وبه يدرك صاحبه درجة الصائم القائم، بل صاحبه أحب الناسِ للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وأقربهم منه مجلساً يوم القيامة، ولقد كان - عليه أفضل الصلاة والتسليم - أكمل الناس أَخلاقاً، وأكرمهم نفساً، وأطلقهم وجهاً، وأرحمهم قلباً، وألينهم طبعاً، وأوسعهم عفواً، وفي سنن الترمذي، قال النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ، مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ.
وذكر أن مما يثقل الميزان يوم القيامة، شهود الجنائزِ والصلاة عليها، وتشييعها حتى دفنها؛ ففي الصحيحين، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ، قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ.
وأفاد "المعيقلي" أن من أراد أن تثقل موازينه، فليكثر من حمد الله وتسبيحه، ففي صحيح مسلم، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وكَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ، وعن جُوَيْرِيَةَ - رضي الله عنها -، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهِيَ جَالِسَةٌ، فَقَالَ: مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ، رواه مسلم.
وأشار خطيب المسجد الحرام إلى أن الإيمان بالميزان يوم القيامة، له آثارٌ عظيمة، من العلم واليقين، بعدل رب العالمين، قال الإمام ابن أبي العز رحمه الله: ولو لم يكن من الحكمة في وزن الأعمال إلا ظهور عدله سبحانه لجميع عباده، فإنه لا أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين، فكيف ووراء ذلك من الحكم، ما لا اطلاع لنا عليه"، (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
وركّز على أن الإيمان بالميزان، سبب للحرص على الأعمال التي تثقله، فلا يزهد المرء في قليل من الخير أن يأتيه، فحسنة واحدة، تثقل الميزان، وتدخل العبد الجنة، ففي عرصات يوم القيامة، يقف أقوام على برزخ مرتفع بين الجنة والنار، وهم من تساوت حسناتهم وسيئاتهم، فينظرون إلى أهل الجنة، ويتمنون حسنة واحدة، ليكونوا معهم، فيحبسون على الأعراف، ما شاء الله أن يحبسوا، ثم يدخلهم الله تعالى برحمته الجنة، (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ * وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)، وفي صحيح مسلم، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ ، قال تعالى (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ * فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ * وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ * نارٌ حامِيَةٌ).
وقال "المعيقلي": إن الإيمان بالميزان، سبب للبعد عن السيئات، التي تذهب الحسنات، من سوء الأخلاق، وانتهاك حُرُمات الخلق، فالحذر الحذر من الشر كله، قليله وكثيره، ففي سنن الترمذي، قال رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: المُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: المُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَزَكَاتِهِ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا فَيَقْعُدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْتَصّ مَا عَلَيْهِ مِنَ الخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّار).
وتابع: إذا كان الوزن يوم القيامة بالحسنات والسيئات، فالكيّس الفطن، هو الذي يأتي يوم القيامة، وقد استكثر من الحسنات، وأثقل موازينه بالباقيات الصالحات، فإذا أُخِذَ من حسناته، بقيت له حسنات، تدخله الجنة، وفي مصنف ابن أبي شيبة، قال عمر - رضي الله عنه -: حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ، يَوْمَ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ.
وأوصى إمام وخطيب الحرم المكي في نهاية خطبته قائلاً: إخوة الإيمان .. في ظل استمرار هذه الجائحة، فإنه يجب علينا، العمل بتوصيات وزارة الصحة، وذلك من طاعة ولي الأمر، لمنع انتشار العدوى، وهذا واجب شرعي، للمحافظة على الأنفس، فكم من متهاون بالتعليمات، عرَّض حياته وحياة غيره، إلى ما لا تُحمد عقباه، سائلاً الله - جل جلاله - بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، أن يكشف عنا هذا الوباء، برحمته وفضله، وجوده وكرمه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.