الشيخ عبد الخالق السامعي: العالِم الخفي التقي النقي الذي يذكر بسلمان وأبي الدرداء ومعاذ بن جبل.. كان نورًا للدنيا.. في المرحلة الثانوية كنت أدرس في القسم الداخلي لدار القرآن المباركة، فجاء الشيخ عبد الخالق... جاء وهو العالم الأصولي الفقيه النحوي الأديب.. يملأ العلم ثوبيه، فأبى إلا أن يكسر نفسه ليجلس بجوار شباب صغار يقرأ معهم دروس القراءات القرآنية، فلا تسل عن العلم المتدفق، والبحر المغرق.. ها هو يرحل بهدوء تصحبه ابتسامة كأنما هي ورقة مصحف، أو السماء الصافية بهاء ونورًا. فضيلة الشيخ العالم المخبت المنيب عبد الخالق كان زميلي في دار القرآن عندما كنت في الثانوية، كان أكبر مني سنًا وكان عالما كبيرا لكنه أبى إلا التواضع والرجوع على هيئة الطلاب والمجيء لدراسة القراءات. كان زاهدا عابدا لا يلتفت إلى شيء من الدنيا التي نحن فيها. فاللهم ارحمه رحمة الأبرار وارفع مكانه مع المصطفين الأخيار . وكنا نرجيه لكشف عَماية بأمثاله أمثالها تتبلَّجُ لمن تَستجِدُّ الأرضُ بعدك زينة فتصبح في أثوابها تتبرَّجُ سلامٌ وريحانٌ ورَوحٌ ورحمةٌ عليك وممدودٌ من الظلِّ سَجْسَجُ ولا برح القاعُ الذي أنت جارُهُ يَرِفُّ عليه الأقحوان المُفلَّجُ ويا أسفي ألّا تَرُدَّ تحيةً سوى أَرَجٍ من طيب رَمْسك يَأرجُ وليس البكا أن تسفح العينُ إنما أحرُّ البكاءينِ البكاءُ الموَلَّجُ فإني إلى أن يدفن القلبُ داءه لِيَقْتُلَنِي الداءُ الدفين لأَحوجُ عفاءٌ على دارٍ ظعنتَ لغيرها فليس بها للصالحين مُعَرَّجُ. قال تلميذه الشيخ سمير العبيدي الحميري: عزائي الوحيد أن جسدي مس جسده وضممته إلى صدري وأنا أغسله (2) الأقمار تحجب ضوءها إلا من المدلجين والشمس لا ترى لذي رمد فلله ما تخفي الحياة وما تبدي عاش زاهدا إلا من ربه ومات وما الحياة إلا قبل وجه في تراجمه نور وفي حياته شهد صابر في طلب العلم مصابرة السابقين فلا فقره صده ولا احتياجه أضعفه مضى في قلبه حب وفي عقله فكر كم جاع في طلب العلم وكابد وكم تحمل وجاهد ⬅️ وبعد أن صار عالما أوقف نفسه للطالبين، وحبَّسها إلا على المتعلمين، ينثر درر الألفاظ وهو خاوي الوفاض بادي الإنفاض، ولكنه يجد في الجوع لذته، وفي السهر راحته، وفي شظف العيش رقة قلبه. فترك الدنيا مطلقا، ولأبنائها مفارقا، فصار من هنا يتحسس آخرته ليرى منزلته. طروب لذكر الله يشدو كتابه فيقرئه سَبْعا ومثنى ومفردا وفي الفقه منهاج وفي الأصول مُقَعِدا وفي النحو يبعد منه مُعَقّدا ويقرب الأقصى ويدني مُبَعّدَا اللهم ارفع درجته في عليين، واجعله في الرفيق الأعلى الأسعد في الصديقين.