قراءة تحليلية لنص "حرمان وشدّة..!" ل"أحمد سيف حاشد"    حكم باعدام سفاح الفليحي    الفيفا يكشف عن "سلسلة 2026" الموحدة بين الرجال والنساء    العراق أمام تحديات مالية بسبب الاعتماد على النفط    لملس يبحث في فرنسا تعزيز الشراكات الاقتصادية واللوجستية بين عدن والمدن الأوروبية    أجواء فنزويلا خالية من حركة الطيران وسط مخاوف من التصعيد العسكري    القوات الجنوبية تحبط هجومًا إرهابيًا في شبوة    بن شملان: حضارم يقومون بتهريب المخدرات ولهذا تتم محاربة قوات النخبة    توترات حادة ... استقدام قوات جديدة يضع سقطرى على حافة الهاوية    ميدل ايست آي: أمريكا تستخدم القواعد الاماراتية لعملياتها الرمادية    الحوثي :السعودية لا تستطيع تحريك السلاح الأمريكي    اليماني يكشف توجه هادي لاستقلال الجنوب وضغوط أحزاب يمنية أفشلته    المرتزقة يسلمون حقول النفط لأمريكا    ضبط المتهم بقتل حارس ملعب الكبسي في اب    قبائل الوازعية تجبر عناصر "طارق عفاش" على الانسحاب بقوة السلاح    انطلاق بطولة الطائرة للمؤسسات على كأس شهداء حكومة التغيير والبناء    عين الوطن الساهرة (5)    اليمن بين الانقسام والبحث عن طريق النجاة    بريطانيا واليونان تتفقان على تعزيز الأمن البحري قرب السواحل اليمنية    الأمم المتحدة تحث مجموعة العشرين على استخدام نفوذها لإنهاء النزاعات في اليمن    الصحفي والمناضل الوطني الراحل الدكتور عبدالعزيز السقّاف    برنامج الأغذية يقلّص مستفيدي المساعدات الانسانية في مناطق الحكومة    مليشيا الحوثي تغلق مركزاً لتحفيظ القرآن وتحوله إلى سكن لأحد قياداتها    الدوري الالماني: اينتراخت يقلب تأخره الى فوز على كولن    الاطلاع على أعمال ترميم وصيانة جامع معاذ بن جبل التاريخي في تعز    برشلونة يحتفل بالعودة إلى "كامب نو" بفوز عريض على بلباو    شرطة السير بعدن تدشّن التشغيل التجريبي للإشارات الضوئية في جولة القاهرة    راتب المعلم... جريمة وطنية تهدّد المستقبل    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 69,733 شهيدا و 170,863 مصابا    تدّشين أنشطة الدورة الثانية لجائزة جامعة صعدة للإبداع والبحث العلمي    هيئة أسر الشهداء تُنفذ مشاريع تمكين اقتصادي بنصف مليار ريال    الكثيري يبحث مع وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية صالح محمود سُبل تعزيز التنسيق وتطوير الأداء بحضرموت    ظهور "غير اخلاقي" بقناة للمرتزق طارق عفاش يثير عاصفة جدل    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع شبكة تحويلات مالية    جرحى تعز يواصلون احتجاجاتهم للمطالبة بالعلاج وصرف مستحقاتهم المتأخرة    المنتخب الوطني للناشئين يفوز على قيرغيزستان بهدفين في تصفيات كأس اسيا    قراءة تحليلية لنص "فرار وقت صلاة المغرب" ل"أحمد سيف حاشد"    الدوحة تفتتح مهرجانها السينمائي بفيلم فلسطيني مؤثر    الكاتب والمثقف والصحفي القدير الأستاذ أحمد عبدالرحمن    متوسط أسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 22 نوفمبر/تشرين ثاني 2025    العليمي يلتهم أهم وأكبر قطاعات نفط شبوة وحضرموت (وثائق)    صهيونيّ يتحدّى الجولاني: احتفال واحد لفلسطين يكفي لفضحكم    وزير الصحة يوجه برفع مستوى التأهب الوطني لمواجهة فيروس "ماربورغ"    سيدات الجيش المغربي يتوجن بلقب دوري الأبطال    بالقاتل.. البرازيل تعصف بأحلام المغرب    حديقة عدن مول تتحول إلى مساحة وعي... فعالية توعوية لكسر الصمت حول مرض الصرع    طائرة شباب القطن تحلق فوق سيئون وتتأهل إلى نهائي البطولة التنشيطية الثانية لأندية حضرموت الوادي والصحراء    وزارة النفط: مرحلة سوداء صنعت الانهيار في الجنوب (وثيقة)    طنين الأذن واضطرابات النوم.. حلقة مفرغة يكشفها العلم    انهيار داخلي يقترب.. تحقيقات ووثائق غربية تتوقع زوال إسرائيل خلال عقود    «ليالي الفنون الخالدة» تعيد الغناء بالفصحى    الأوقاف والخطوط اليمنية توقعان اتفاقية لنقل أكثر من 6 آلاف حاج    ميزان الخصومة    أهم مفاتيح السعادة    ثورة في علاج السكري: توصيل الأنسولين عبر الجلد دون حقن    أيهما أفضل: العمرة أم الصدقة؟    دراسة: سيجارتان يوميًا تضاعفان خطر فشل القلب والوفاة المبكرة    يا حكومة الفنادق: إما اضبطوا الأسعار أو أعيدوا الصرف إلى 750    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مأرب.. فهرس الحضارات وجلال التبابعة

في مأرب يتبدى لك التأريخ ويبزغ من ركام القرون الكثيرة كطمأنينة تلم قلبك ونسمة تلف حواسك وشعور جميل يوحي لك أنك في رحم بيتك الأولى، لكأنها قابِلتُك، أو والدتك.
تشعر بالغربة في كل مكان، أما في مأرب فتشعر بالوطن، تقترب منك الأماكن البعيدة وتنام وأنت تعتقد أنك على فراش طفولتك ومهما طالت المسافات، ففي مأرب تختصر المسافات، تظن أنك أقرب من الذين بكيت عليهم سنوات التشرد رغم أنك بعدت كثيراً.
ترى جدودك هنا، أمهاتك المائة، رفاقك وأصدقاء السفر الحضاري الطويل وتختال بخطاك وأنت تفكر أن تحت قدميك أقدام الملوك، المكارب، التبابعة، وتشمخ راجلاً وتلبس تيجان الأباة الذين هزموا الطبيعة وصنعوا من الرمال مدناً وسكنوا القصور والعالم بعد يتفاخر بمنازل الطين والقش.
شجرة ما في مأرب، تراها، وتتذكر الهدهد.. على هذه الشجرة حط رسول السماء، شجرة خلدتها الكتب المنزلة، وهنا في هذا الفناء القديم وقف جدنا الأول قائلاً لأقيال البلاد: على مثل تلك الجبال نبقى.. ويشير الى البلَق.
تتلفت في مأرب، لعلك ترى بلقيس تمر وحواليها أولو البأس يوتدون عرق المدينة وترى وجهاً في أزقة الدهر المتصل وتخاله جدك السبئي عاد ليدوزن حركات التأريخ.
حيث مررت وقف تاجر صيني يقود البعير الحامل على ظهره رائحة البخور وطِيباً من فراديس الهند، وقف يتأمل جلال المدينة الخالدة، في منتصف الشروق والغروب تستيقظ مأرب كشعاع الصباحات لتضيء للعوالم الطريق الى بابل، وطيبة، وأثينا.
حيث وقفت التقى أقيال الممالك والميلاد الذي ندونه لم يكن بخلد العالم، هنا في القرن السبئي يناقشون كيفية المرور على أحصنة الدهر الماجد الى حيث تشرق الشمس، ودليلهم ضوء القمر المتوفر في "ألمقه"، يدلُّهم وخلفه جحافل من الجبال الى بلدان الحر والبرد، على أظهر الصافنات، يقفزون البحار.
على ذلك الجبل، قبالة وجهك، وقف الوعل اليماني يجلب ببركته السحب والخير، يرتب شريعة الماء ويوزع بفطنته مقادير الحياة.
حيث تأكل بمطعم شعبي حطت قوافل اللبان، للأرض لُزوجة النفط القديم، والسوق الذي تراه من كل ناحية تزينت منه أميرات الجهات، قطائف الزهو، وتأنتكت اسبرطة بمهارة المأربي في تجسيد الأشياء، وقالت عشتار: أريد خبرة سبأ في تسلق السماء وتفطنت للمعلقات في تأريخ بابل والعراق.
هنا صاح الشعب تهليلاً بالعودة المظفرة وهنالك كانت تنتظر وفود الممالك البعيدة الإذن للسجود أمام الأعمدة الشامخة. في المقتبل خطت سيرة الجدود الذين توزعوا وتقاسموا العالم، وعلى تلك الصخرة نام المكربي الصغير ينتظر البراق الذي يحمله بسرعة الى مطلع النهار، ليهدي العالم قدرته.
هنا الفهرس الحضاري للعالم، بإمكانك أن تطوف حوله بعام كامل واذا أردت فلتزر مأرب حيث النواة الأولى لسمرقند وبابل وقرطاجنة وللسد الحاجز بين الخير والشر وللّكنات الممتدة من لسان أسود الى لسان أبيض الى لسان أصفر، وتنام المدن مكومة في رحم الأرض، ولا حاجة لك لأن تزور تكيات التأريخ وهل إلا مأرب تختصر الزمن والمكان، فقط.
للبنادق هنا جلال التبابعة، رصاصة تُسقط عشرة، صيحة تهزم جحفلا كاملا، وتفر من حوالي مأرب طوابير البغاة، فرت روما من حواليها وتفر فارس، ولا يبقى إلا وجهك يا مأرب، تباركتِ يا ذات العز والجلال العظيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.