الحكومة ترحب ببيان الخارجية السعودية وتؤكد أن استقرار حضرموت والمهرة أولوية وطنية قصوى    استثمار سعودي - أوروبي لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة    ميسي يتربّع على قمة رياضيي القرن ال21    باكستان تبرم صفقة أسلحة ب 4.6 مليار دولار مع قوات حفتر في ليبيا    ويتكوف يكشف موعد بدء المرحلة الثانية وحماس تحذر من خروقات إسرائيل    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    أرسنال يهزم كريستال بالاس بعد 16 ركلة ترجيح ويتأهل إلى نصف نهائي كأس الرابطة    قتلى وجرحى باشتباكات بين فصائل المرتزقة بحضرموت    شرعية "الروم سيرفس": بيع الوطن بنظام التعهيد    تركيا تدق ناقوس الخطر.. 15 مليون مدمن    بيان بن دغر وأحزابه يلوّح بالتصعيد ضد الجنوب ويستحضر تاريخ السحل والقتل    ذا كريدل": اليمن ساحة "حرب باردة" بين الرياض وأبو ظبي    الجنوب العربي: دولة تتشكل من رحم الواقع    حضرموت.. قتلى وجرحى جراء اشتباكات بين قوات عسكرية ومسلحين    نيجيريا.. قتلى وجرحى بانفجار "عبوة ناسفة" استهدفت جامع    سلامة قلبك يا حاشد    سلامة قلبك يا حاشد    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    الأحزاب والمكوّنات السياسية تدعو المجلس الرئاسي إلى حماية مؤسسات الدولة وتحمل مسؤولياته الوطنية    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    ذمار.. مقتل مواطن برصاص راجع إثر اشتباك عائلي مع نجله    الجزائر تفتتح مشوارها بأمم إفريقيا بفوز ساحق على السودان"    النائب العام يأمر بالتحقيق في اكتشاف محطات تكرير مخالفة بالخشعة    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    مؤسسة الاتصالات تكرم أصحاب قصص النجاح من المعاقين ذوي الهمم    ضبط محطات غير قانونية لتكرير المشتقات النفطية في الخشعة بحضرموت    شباب عبس يتجاوز حسيني لحج في تجمع الحديدة وشباب البيضاء يتجاوز وحدة حضرموت في تجمع لودر    سوريا.. قوة إسرائيلية تتوغل بريف درعا وتعتقل شابين    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    لملس يتفقد سير أعمال تأهيل مكتب التعليم الفني بالعاصمة عدن    أبناء العمري وأسرة شهيد الواجب عبدالحكيم فاضل أحمد فريد العمري يشكرون رئيس انتقالي لحج على مواساته    الدولار يتجه نحو أسوأ أداء سنوي له منذ أكثر من 20 عاما    الرئيس الزُبيدي: نثمن دور الإمارات التنموي والإنساني    مصلحة الجمارك تؤيد خطوات الرئيس الزُبيدي لإعلان دولة الجنوب    الحديدة تدشن فعاليات جمعة رجب بلقاء موسع يجمع العلماء والقيادات    هيئة الزكاة تدشن برامج صحية واجتماعية جديدة في صعدة    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    رئيس مجلس الشورى يعزي في وفاة الدكتور "بامشموس"    هدوء في البورصات الأوروبية بمناسبة العطلات بعد سلسلة مستويات قياسية    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    اختتام دورة تدريبية لفرسان التنمية في مديريتي الملاجم وردمان في محافظة البيضاء    تونس تضرب أوغندا بثلاثية    وفاة رئيس الأركان الليبي ومرافقيه في تحطم طائرة في أنقرة    قراءة أدبية وسياسية لنص "الحب الخائب يكتب للريح" ل"أحمد سيف حاشد"    إغلاق مطار سقطرى وإلغاء رحلة قادمة من أبوظبي    البنك المركزي يوقف تراخيص فروع شركات صرافة بعدن ومأرب    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    هيئة الآثار: نقوش سبأ القديمة تتعرض للاقتلاع والتهريب    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نغم يمني ضائع على ضفاف النيل
نشر في المشهد اليمني يوم 21 - 03 - 2022

حضرت الموسيقى اليمنية، في العاشر من الشهر الجاري، على مسرح "دار الأوبرا المصرية" في القاهرة. مشهد طغت عليه الاحتفائية، على حساب حضور الموسيقى. لا يمنع ذلك وجود جانب إيجابي، تمثله محاولة موسيقية يمنية لاختراق حاجز الأوركسترا العالمية. نتساءل: هل أوفى العرض بتعهداته الموسيقية، في جعل اللحن اليمني قابلاً للتغريد في سلالم أوركسترالية حديثة؟
لا يمكن الإجابة عن ذلك بشكل قطعي. وبصرف النظر عن تعدد أوجه القصور، فالمحاولة بحد ذاتها تُعد مفتاحاً للطريق. لكن، أيضاً، صدق النوايا ليس كافياً للذهاب بعيداً في ذلك. وما لم تكن هناك مُخططات بعيدة المدى، فإن الأمر لن يتجاوز أن يكون قفزة في الهواء.
انتظر الجمهور اليمني عرض "نغم يمني على ضفاف النيل"، لمتابعة لوحة أوركسترالية مُستلهمة من تراثهم. وجاءت ردود فعلهم متباينة، وإن سبق صوت المديح العذل. يتبنى العرض هدفاً رئيسياً، فحواه دمج ألوان التراث اليمني في الموسيقى العالمية. ذلك ما يؤكده الفنان اليمني محمد القحوم، مؤسس مشروع "السيمفونية التراثية"، التي من خلالها يُقدم مؤلفات موسيقية مُستلهمة من التراث اليمني بقالب أوركسترالي.
تُعد القاهرة المحطة الثانية لهذا المشروع الموسيقي. وفيها قدم القحوم ثماني مقطوعات موسيقية، تناولت ألواناً مختلفة من التراث اليمني. فيما اقتصرت العروض الأولى على اللون الحضرمي، والتي عُرضت في أوبرا العاصمة الماليزية كوالالمبور، في عام 2019.
اقرأ أيضاً
* "أبو ظبي" تستثمر ملياري دولار في "مصر"
* انهيار كبير في الجنية المصري بشكل مفاجئ
* زوجة تقدم دعوى طلاق ضد زوجها بعد خروجه من المنزل وعدم الرد على اتصالاتها
* خسارة فادحة.. الإعلان عن مصرع رئيس عمليات اللواء 27 ميكا في حرض (الاسم +الصورة)
* مصر لأول مرة تصدر بيانًا لاذعًا ضد الحوثيين وتصف ممارساتهم ب"الخسيسة والدنيئة"
* تمور "بوتين" و"بايدن" و"الناتو" و"السيسي" تكتسح الأسواق في مصر قبيل رمضان المبارك
* مطرب مصري يصطحب صديقته أثناء العمرة وينصب نفسه ''محرم'' لها
* يجهله الكثيرون.. الكشف عن الاسم الحقيقي للمشهورة السعودية ''ساز القحطاني'' بعد مصرعها في الحادث المروع
* إبادة 300 فدان "أفيون وبانغو" وضبط مخدرات قيمتها نصف مليار جنيه مصري
* ضربة جديدة وموجعة للحوثيين في حجة.. ومصرع قائد معسكر عقب ارتكابه ''السرقة''
* تحطم طائرة أمريكية ومصرع عدد من الضباط
* ضرب فنان مصري شهير في اليمن بعد تجسيده شخصية ''الإمام أحمد'' .. ظنوا أن الإمام عاد للحكم ولم يمت!!
عدا ذلك، لا يوجد أي جديد يُذكر على الصعيد الموسيقي، من دون إغفال استثناءات شكلية. وبعيداً عن ظهور آلات شعبية يمنية ومصرية جديدة، كان البارز ظهور القحوم قائداً للأوركسترا في القاهرة، فيما اقتصر دوره في كوالالمبور على كونه عازف بيانو كهربائي.
اللافت هو ذلك القدر من الاستسهال في القيام بدور مايسترو، من دون وجود أدنى المؤهلات الاحترافية أو حتى المعرفية. هذا بخلاف الابتسامة غير المنقطعة والحركة الطفيفة للرأس والجسد المُعبرة عن الدندنة، التي لا يمكن حشرها في قاعة أوبرا تلتزم بالتقاليد.
هل كان ذلك وراء الظهور المُتدني لأداء أوركسترا القاهرة، مُقارنة بمثيلتها الماليزية، أو أنه على صلة بجودة العازفين؟ يمكن ملاحظة ذلك بوضوح ضمن ثلاث مقطوعات سبق للقحوم تقديمها في ماليزيا ضمن فعالية "الأوركسترا الحضرمية".
وإضافة إلى بروز مسحة شرقية في بعض الألحان، جرت تعديلات على مقطوعة "الحرب والسلام"، كما حصل، مثلاً، في تقاسيم العود الشرقية التي استهلت المقطوعة. أيضاً، ظهرت الجملة اللحنية الختامية للمقطوعة بتلوينات هارمونية، بدلاً من اعتمادها في أول عرض على مُصاحبة باص مُتصل، أضفى عليها تعبيراً أكثر صفاء. في الحالتين، برز صوت إيقاع العُدة الحضرمي.
استناداً إلى العرضين الأوركستراليين، يبدو أن النهج المُتبع في دمج عناصر التراث بالموسيقى العالمية يعتمد على تمييز العناصر بوضوح، فتأتي العناصر اللحنية اليمنية في أداء صوتي لموال شعبي، أو صولو على آلة شرقية أو شعبية، بينما تندمج العناصر في الأشكال الأدائية، وبعض التدعيمات الهارمونية، بشكل كُلي أو جزئي.
وهذا نمط أسلوبي مُتبع ضمن توجهات الموسيقى الحديثة المُعرّفة إثنياً. وما هو من الموروث اليمني يتم تعريفه بوضوح، من غناء ولحن مروراً بالملابس إلى الآلات. فظهور الآلات الشعبية أخذ طابعاً استعراضياً في القاهرة، وأحياناً مُلفقاً، مثل مشاركة القنبوس بمحدودية مساحته. أيضاً، المزمار في كلا العرضين ليس الآلة المُناسبة لمُصاحبة أوركسترا، نظراً إلى طبيعة صوتها.
يمتاز القحوم كفنان بإصراره على تحقيق معادلة موسيقية يمنية جريئة، وغير مسبوقة في كونها مشروعاً مُستمراً. ولا يُمكن التقليل من تجربة ما زالت في بدايتها. غير أن ما جاء في القاهرة يُثير بعض التساؤلات.
لا يمكن مُطالبة القحوم باعتماد مفاهيم دمج أكثر تطوراً وتعقيداً؛ أي وفق بناء ثيمي للعناصر التراثية، بإخضاعها لمعالجة موسيقية واسعة، بحيث تصبح جزءاً عضوياً في العمل الموسيقي، لا يمكن فصلها من دون أن تختل منظومة اللحن.
مثل ذلك يأتي لاحقاً، عبر تراكم ورؤية تتساوى الإرادات فيها مع الأهداف. وهنا سنشير إلى استخفاف آخر، أي تسطيح المُعالجة الموسيقية، لأنها مسألة مُختلفة تماماً عن المُعالجة اللحنية البسيطة، التي يمكن من خلالها توطين لحن أجنبي في سياق محلي، مع تغييرات أسلوبية.
لكن بعض الفقرات المُستندة إلى ألحان من التراث اليمني، ظهرت بالغة التشوه في القاهرة. وذلك ينم عن افتقار واضح لأدوات المُعالجة الموسيقية، وحتى اللحنية. وبعيداً عن التوظيف الأوركسترالي، لم يبدُ مفهوماً التوظيف الكورالي بتلك الصورة الباهتة. هذا ما بدا واضحاً في ترديده لحن "خطر غصن القنا"، وهو لحن تراثي من المناطق الوسطى، انتقل إلى الغناء الصنعاني، وكذلك لحن "على مسيري"، الذي ينتمي للون بدوي من جنوب اليمن.
بالتأكيد، لن يكون بإمكان الكورال المصري أداء النسيج اللحني اليمني. فقد تعرضت الأجزاء القصيرة التي رددها الكورال لأسوأ عملية تشويه، وكانت خاوية ومُجردة من الحُليات، وكذلك من دون معالجة كورالية. كان يمكن لفريق يمني غير مُحترف أداؤها بشكل أفضل، بدلاً من ظهورها كأنها نمط من الترتيل المدرسي. السؤال: ما دواعي إقحام فرقة كورالية بتلك الطريقة الباهتة؟
ولعل هذا الجزء الذي أثار ملاحظة كثيرين، أي ظهور ألحان يمنية، بما فيها النشيد الوطني، مفتقرة لطابعها الأصلي. وذلك مجرد جانب، يمكن الإضافة له، بأن الألحان لم تحتوِ على أي فكرة تطوير موسيقي، بصرف النظر عن إعجاب الجمهور بها، من عدمه.
أما بروتوكولياً، وعدا عن تقديم مطول مُستهلك بعبارات طنانة، كان اللافت تطفل وزير الإعلام اليمني بخطاب وكأنه في محفل مناسباتي وطني. كان الحدث في هذا الجانب كما لو أنه مُجتزأ من فعالية سياسية رسمية. وبهدف تأكيد الحالة الوطنية المُلفقة، و"عمق" العلاقات اليمنية المصرية، بدأ العرض بعزف النشيدين الوطنيين لكل من اليمن ومصر.
هذا الرداء الوطني، شغل حيزاً من العرض الموسيقي، وتحديداً في فقرة "يا ليل يا دان"، وهما دلالتان لاستعمالات شائعة في الغناء المصري واليمني. كما منحت الفقرة حيزاً لعروض فولكلورية من البلدين، وآلاتها الشعبية وكذلك أزيائها. وتحاورت مواويل مصرية ومقتطفات صنعانية وحضرمية. وتم تلفيق هذا كله بجسور تميز النسيج المقامي اليمني للبيات عن نسيجه المصري.
كان العرض عبارة عن تشويش كامل الأركان، يمكن استيعابه في مهرجان شعبي، وليس في قاعة أوبرا؛ إذ تخللت الحفل ارتجالات فولكلورية غير مُتسقة، وكذلك حوارات إيقاعية بلغة سطحية ومشوشة. مثلاً، نستمع إلى إيقاع البرع الصنعاني الذي يُصاحب رقص أفراد القبيلة، ليعقبه إيقاع بلدي مُزركش على الطبلة، يمكن له أن يُصاحب رقصاً شرقيأً.
بدت بعض الأشياء مُقحمة أكثر من كونها إضافة موسيقية، سواء لعرض الموروث اليمني، أو لجهة استعمالها ضمن فكرة دمج مدروسة. مثلاً، ظهور الأهزوجة بطابعها في عُرس شعبي، كفقرة مقتصرة على مصاحبة إيقاعية على صحن معدني.
وظهرت بعض العيوب الصوتية، نتيجة بقاء بعض الميكرفونات غير مُشغلة أثناء الأداء. لكن الأسوأ هو الخلل الصوتي الفاضح خلال النقل التلفزيوني؛ فبشكل مفاجئ ينخفض الصوت، وكذلك يصاحب التسجيل تشويش مستمر.
صاحبت الحدث حملة إعلامية كبيرة، مع ذلك كانت من المرات النادرة التي لم تكن هناك شبابيك خاصة ببيع تذاكر العرض. واقتصر الحضور على دعوات وزعتها السفارة اليمنية. وهناك شكاوى تقول إن كثيراً من تلك الدعوات ذهبت لحلقة ضيقة من الأصدقاء والمُقربين.
أُقيم العرض برعاية كاملة من رجل الأعمال السعودي من أصل يمني - حضرمي أحمد سعيد بُقشان. كثير من الأموال أُنفقت على عرض ضاع فيه النغم اليمني على ضفاف النيل.
(العربي الجديد)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.