إصابة قيادي حوثي جراء اعتداء من قبل عناصر تابعة لقيادي آخر في إب    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    رئيس الاتحادين اليمني والعربي للألعاب المائية يحضر بطولة كأس مصر للسباحة في الإسكندرية    تحالف حقوقي يوثق 127 انتهاكاً جسيماً بحق الأطفال خلال 21 شهرا والمليشيات تتصدر القائمة    توجيهات بالاستعداد القتالي في حضرموت وتحركات لعضو مجلس القيادة الرئاسي    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    المهرة يواصل مشاركته الناجحة في بطولة المدن الآسيوية للشطرنج بروسيا    الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط    خبير أرصاد يحذر: منخفض الهدير في اليمن ليس الأول ولن يكون الأخير (فيديو)    تحذير حوثي للأطباء من تسريب أي معلومات عن حالات مرض السرطان في صنعاء    إصابة ثلاثة أطفال جراء انفجار مقذوف من مخلفات المليشيات بالضالع    ضبط 54 متهمًا في قضايا جرائم جنائية    ترتيبات سعودية عمانية جديدة بشأن اليمن.. وجولة مفاوضات مرتقبة بين السعودية والحوثيين    تغير جديد في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    أول قيادي مؤتمري موالي للحوثيين بصنعاء يعزي عائلة الشيخ "الزنداني" في وفاته    بشرى سارة للمرضى اليمنيين الراغبين في العلاج في الهند.. فتح قسم قنصلي لإنهاء معاناتهم!!    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    شعب الجنوب أستوعب صدمة الاحتلال اليمني وأستبقى جذوة الرفض    فلنذكر محاسن "حسين بدرالدين الحوثي" كذكرنا لمحاسن الزنداني    رشاد العليمي حاقد و"كذّاب" تفوّق على من سبقه ومن سيلحقه    شيخ بارز في قبضة الأمن بعد صراعات الأراضي في عدن!    الحوثيون يراهنون على الزمن: هل ينجحون في فرض حلولهم على اليمن؟ كاتب صحفي يجيب    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    دوري ابطال آسيا: العين الاماراتي الى نهائي البطولة    كلية القيادة والأركان بالعاصمة عدن تمنح العقيد أديب العلوي درجة الماجستير في العلوم العسكرية    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    بن دغر يوجه رسالة لقادة حزب الإصلاح بعد وفاة الشيخ عبدالمجيد الزنداني    إعلان موعد نهائي كأس إنجلترا بين مانشستر يونايتد وسيتي    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    "ريال مدريد سرق الفوز من برشلونة".. بيكيه يهاجم حكام الكلاسيكو    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مكان وموعد تشييع جثمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني    التضامن يقترب من حسم بطاقة الصعود الثانية بفوز كبير على سمعون    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    ديزل النجاة يُعيد عدن إلى الحياة    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    ارتفاع الوفيات الناجمة عن السيول في حضرموت والمهرة    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية سعودية لبناء قطب إقليمي
نشر في المشهد اليمني يوم 23 - 04 - 2022

تناولت في مقال الأسبوع الماضي، النقاشات الجارية حول تشكل نظام عالمي جديد يقوم على أقطاب عدة، ذات أبعاد إقليمية، وتتشاطر قواسم الجغرافيا والإرث الثقافي والحضاري المشترك. وتناولتُ توفر عناصر بروز قطب دولي على مستوى منطقتنا، بجغرافيا متشابكة تنتشر ما بين شرق المتوسط ومنطقة الجزيرة العربية ودول الضفة الأفريقية المقابلة للبحر الأحمر، وخلصتُ إلى ربط الفكرة برؤية السعودية 2030.
وفي الواقع إن مثل هذه الدراسات الاستشرافية يتم تناولها في دوريات البحث العلمي في الغرب، ونفتقد نحن في منطقتنا لمثل هذا الثراء البحثي الذي يلتقط الأفكار ويعمل على تحويلها إلى مشاريع وبرامج تنفيذية، على الرغم من أن العقد الأخير شهد منتديات ومؤتمرات استراتيجية، تتم عادةً بشراكة مع بيوتات البحث العلمي والخبرة في الغرب.
ومن خلال تتبع ما يُنشر عن الرؤية السعودية، وحوارات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، صاحب الرؤية، والقوة المحركة التي تقف خلف الإنجازات التي تحققت في السعودية خلال السنوات القليلة الماضية، الذي تجشم عناء إزاحة ركام هائل من التحديات، يلاحَظ أن الرؤية ليست محض سعودية، بل إنها رؤية لمنطقة جغرافية أوسع، وبُنيت على أساس رؤى أخرى قدمتها دول المنطقة، وأخذت بجوانب الإيجاب فيها، كما أنها رؤية تتطور باطراد، إذ أعلن ولي العهد السعودي عن التوجه لإعلان الرؤية التكميلية 2040.
وفي مجلس التعاون الخليجي تنتشر رؤى استراتيجية عدة، فلدى البحرين وقطر، رؤية وطنية 2030، ولدى الكويت رؤية 2035، وعمان رؤية 2040، وتجمع الرؤية السعودية حسب تقدير فريدريك شنايدر، كبير الباحثين في جامعة كامبريدج البريطانية، سمات كافة الرؤى الأخرى، مستوعبةً لتحدياتها، وتركز على التخطيط الاقتصادي، والسياسة الصناعية، وسياسة العمل، والإصلاح المؤسسي.
وتتمثل أهداف الرؤية السعودية بتنويع الاقتصاد مع التركيز على التجارة، وتوفير الرعاية الصحية بمعايير دولية رفيعة، وضمان بنية مؤاتية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، والتنوع من خلال تطوير السياحة وقطاع الترفيه، وتطوير الطاقة الخضراء والحفاظ على الاستدامة البيئية، وتطوير الصناعات عالية التقنية، مثل استخدامات الذكاء الاصطناعي.
ويرى عديد من الباحثين أن الرؤية السعودية تتشارك مع بقية الرؤى في الأهداف الطموحة، وتواجه أيضاً ذات المشكلات نظراً لتشابه ظروف الدول والمجتمعات المستهدَفة، لكن التحديات أمام الرؤية السعودية أكبر وأشمل نظراً لحجم الاقتصاد السعودي ومكانته الإقليمية والعالمية.
رؤية سعودية إقليمية... لماذا؟
عندما يتحدث الأمير محمد بن سلمان حول مرتكزات الرؤية السعودية المتمثلة بالعمق العربي والإسلامي، والموقع الاستراتيجي كحاكم ربط بين ثلاث قارات، وأكثر الممرات المائية حيويةً بالنسبة إلى التجارة الدولية، إضافة إلى توفر القدرات الاستثمارية، فإنه حتماً لا يتحدث عن السعودية فحسب، بل إن حواراته خلال السنوات الخمس الماضية وتعاطيه بشغف مع التطورات الجارية في الإمارات والكويت والبحرين وعمان وقطر ومصر والأردن تؤكد وجود منظور إقليمي في رؤيته.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، يمثل مشروع "نيوم" العملاق بين السعودية والأردن ومصر، ربطاً يتجاوز السياحة، على الرغم من أهميتها الاستراتيجية، ويختصر فكرة تلاقي القارات. ومن هنا فإن فكرة سعي الشرق الأوسط ليكون "أوروبا الجديدة"، التي طرحها ولي العهد السعودي، مبنية على البعد الإقليمي لتشكل قطب في النظام العالمي الجديد.
ولا تختلف هذه الرؤية، مع النقاشات الجارية في الغرب وفي أميركا نفسها التي تدعو إلى ترك الولايات المتحدة للعب دورها القديم كشرطي للعالم، وتطوير آليات أنجع لحماية مصالحها العالمية عبر الشراكات الإقليمية المتعددة وضمن التكتلات الإقليمية. ومن هنا يكثر الحديث في أوروبا عن الحاجة إلى إنشاء منظومة أمنية تحمي المصالح الاستراتيجية الحيوية للاتحاد الأوروبي، بما لا يتناقض مع العلاقات التقليدية مع أميركا، وهذا يدفع باتجاه إفساح المجال واسعاً لشراكات أمنية متعددة في منطقتنا باتجاه تشكل القطب الإقليمي المقبل.
الرؤية... كائن حي
إن المتتبع للأفكار التي يطلقها الأمير محمد بن سلمان، يتحقق من ديناميكيتها وقدرتها على تفريخ كم هائل من الأفكار والرؤى التكميلية، ما يؤكد حيوية رؤية السعودية 2030، الأمر الذي يستدعي من المراكز البحثية في منطقتنا القيام بدراسات استشرافية للرؤية في أبعادها الداخلية والإقليمية، والبحث في مكامن القوة والضعف لفكرة القطبية الإقليمية المقبلة.
وهناك حاجة للتشبيك بين الرؤى الحالية لمختلف الدول، وعدم النظر إليها كجزر مشتتة، ربما من خلال عقد سلسلة مؤتمرات إقليمية لبحث القواسم المشتركة بين الرؤى في دول مجلس التعاون، والرؤى في دول المنطقة المستهدَفة مثل مصر والأردن وجيبوتي، وهي دول تشهد استقراراً نسبياً ولديها رؤاها الاستراتيجية، إضافة إلى تقييم وضع الدول الأخرى في المنطقة، بما في ذلك اليمن الذي يمر اليوم بوضع عصيب، ولكنه سرعان ما سيخرج منه بعد انضمامه إلى قطار السلام وإلى الركب الإقليمي ويشكل رافداً بشرياً وعمقاً استراتيجياً له.
ويتوجب على مراكز البحث العلمي إجراء دراسات معمقة للرؤية السعودية والأفكار التي أطلقها ولي العهد، في ما يتصل بانتقال المنطقة من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة، ما سيتطلب من دول المنطقة أن تقف في وجه المنافسة العالمية، واستخدام عناصر قوتها البشرية والبيئية والجغرافية.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، يُفترض بدول المنطقة وهي تتجه لتشكل القوة الإقليمية الصاعدة، أن تمحص مشاريع القوى الأخرى، وتضعها في ميزان مصالحها الاستراتيجية الحيوية، واستفادة دول المنطقة التكاملية منها، مثل مبادرة "الطريق والحزام" التي تطرحها الصين، وغيرها من الأفكار التي قد تأتي من الشرق أو من الغرب، فلطالما عُرفت منطقتنا ببراعتها في التجارة التي حملت قيمنا إلى العالمية.
ومثلما كانت بغداد والقاهرة ودمشق حواضر للنشاط التجاري خلال القرون الوسطى، يتم فيها تبادل أشكال التجارة والمنافع مع الشرق والغرب، يمكننا إعادة إنتاج تلك الشخصية التي سحرت العالم. ويمكننا اليوم تحقيق ذلك من خلال التركيز على مكامن قوتنا، مثل تطوير السياحة الطبيعية والثقافية والبيئية في عمان والسعودية واليمن، أو تطوير المنتجات المالية المتخصصة على غرار الصيرفة الإسلامية والتكافل في البحرين، أو تطوير أرقى الجامعات العالمية في السعودية على غرار جامعة الملك عبد العزيز في جدة، وجامعة الملك فهد في الظهران، وتطوير الاقتصاد المعرفي والبحث العلمي، وتعميق الحرية الأكاديمية.
استنهاض مكامن القوة
في أبريل (نيسان) 2019 كنت ضيفاً على المعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية الكويتية، حيث كان لي شرف الحديث مع مدير المعهد، وهو شخصية دبلوماسية وأكاديمية عاصرت جزءاً مهماً من تاريخ الكويت الحديث. وخلال حديثنا قدم لي شرحاً عن رؤية آل الصباح للكويت، وهي رؤية تقوم على أساس التجارة والانفتاح على الآخر لتسهيل تلك التجارة والاستفادة المتبادلة من منافعها وأرباحها، ووجدتُ أنها هي ذاتها الرؤية اليمانية الحضرمية للتجارة التي انتشرت عميقاً في شرق آسيا وأفريقيا، وهي ذات الرؤية التي حافظت على الكويت على الرغم من صنوف الدهر.
ومن أجل استنهاض مكامن القوة في رؤية السعودية 2030 وأبعادها الإقليمية، ينبغي الإمساك بمقومات الازدهار، وهي تتركز في تقوية الأسس القانونية والتشريعية للحكم الرشيد، وهذه زاوية أخرى من الأفكار التي أطلقها ولي العهد السعودي لمكافحة الفساد، وزيادة الشفافية، والمساءلة، والإصلاح المؤسسي، وهي ثوابت مهمة في الرؤية السعودية ينبغي تعميقها على مستوى دول الإقليم مجتمعةً.
ومع تنفيذ الإصلاحات سيتدفق الاستثمار الخارجي المباشر ليرفد القدرة الاستثمارية الكامنة في المنطقة، وسيتسابق الجميع للاستثمار في منطقة واعدة، تتوفر على كل مكامن القوة والنجاح للتحول إلى أوروبا الجديدة. إن رؤية السعودية 2030 اليوم هي رؤية سعودية، ولكنها تنظر إلى أفق أوسع تقود من خلالها المملكة مجمل دول الإقليم نحو قطبية جديدة في نظام عالمي يتشكل الآن. فلنسع جاهدين وراء حلم يستنهض طاقاتنا وينطلق بنا إلى فضاءات من الابداع والازدهار وتحقيق الأمن والاستقرار لشعوبنا، ويحول طاقاتنا المهدورة اليوم إلى قوة دافعة للإسهام في رخاء البشرية.
نقلًا عن "إندبند نت"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.