قتلى وجرحى باشتباكات بين فصائل المرتزقة بحضرموت    أرسنال يهزم كريستال بالاس بعد 16 ركلة ترجيح ويتأهل إلى نصف نهائي كأس الرابطة    توثيق 900 خرق إسرائيلي في غزة منذ بدء الهدنة    قتلى بانفجار في مسجد شمال شرقي نيجيريا    شرعية "الروم سيرفس": بيع الوطن بنظام التعهيد    تركيا تدق ناقوس الخطر.. 15 مليون مدمن    بيان بن دغر وأحزابه يلوّح بالتصعيد ضد الجنوب ويستحضر تاريخ السحل والقتل    ذا كريدل": اليمن ساحة "حرب باردة" بين الرياض وأبو ظبي    الجنوب العربي: دولة تتشكل من رحم الواقع    فصائل الانتقالي تطوق قاعدة عسكرية سعودية في سقطرى    حضرموت.. قتلى وجرحى جراء اشتباكات بين قوات عسكرية ومسلحين    نيجيريا.. قتلى وجرحى بانفجار "عبوة ناسفة" استهدفت جامع    سلامة قلبك يا حاشد    سلامة قلبك يا حاشد    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    الأحزاب والمكوّنات السياسية تدعو المجلس الرئاسي إلى حماية مؤسسات الدولة وتحمل مسؤولياته الوطنية    ذمار.. مقتل مواطن برصاص راجع إثر اشتباك عائلي مع نجله    النائب العام يأمر بالتحقيق في اكتشاف محطات تكرير مخالفة بالخشعة    الجزائر تفتتح مشوارها بأمم إفريقيا بفوز ساحق على السودان"    فتح ذمار يفوز على فريق 22 مايو واتحاد حضرموت يعتلي صدارة المجموعة الثالثة في دوري الدرجة الثانية    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    شباب عبس يتجاوز حسيني لحج في تجمع الحديدة وشباب البيضاء يتجاوز وحدة حضرموت في تجمع لودر    ضبط محطات غير قانونية لتكرير المشتقات النفطية في الخشعة بحضرموت    مؤسسة الاتصالات تكرم أصحاب قصص النجاح من المعاقين ذوي الهمم    الرئيس الزُبيدي: نثمن دور الإمارات التنموي والإنساني    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    لملس يتفقد سير أعمال تأهيل مكتب التعليم الفني بالعاصمة عدن    أبناء العمري وأسرة شهيد الواجب عبدالحكيم فاضل أحمد فريد العمري يشكرون رئيس انتقالي لحج على مواساته    سوريا.. قوة إسرائيلية تتوغل بريف درعا وتعتقل شابين    مصلحة الجمارك تؤيد خطوات الرئيس الزُبيدي لإعلان دولة الجنوب    الدولار يتجه نحو أسوأ أداء سنوي له منذ أكثر من 20 عاما    الحديدة تدشن فعاليات جمعة رجب بلقاء موسع يجمع العلماء والقيادات    هيئة الزكاة تدشن برامج صحية واجتماعية جديدة في صعدة    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    رئيس مجلس الشورى يعزي في وفاة الدكتور "بامشموس"    هدوء في البورصات الأوروبية بمناسبة العطلات بعد سلسلة مستويات قياسية    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    تونس تضرب أوغندا بثلاثية    اختتام دورة تدريبية لفرسان التنمية في مديريتي الملاجم وردمان في محافظة البيضاء    إغلاق مطار سقطرى وإلغاء رحلة قادمة من أبوظبي    قراءة أدبية وسياسية لنص "الحب الخائب يكتب للريح" ل"أحمد سيف حاشد"    وفاة رئيس الأركان الليبي ومرافقيه في تحطم طائرة في أنقرة    البنك المركزي يوقف تراخيص فروع شركات صرافة بعدن ومأرب    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    هيئة الآثار: نقوش سبأ القديمة تتعرض للاقتلاع والتهريب    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    مستشار الرئيس الاماراتي : حق تقرير المصير في الجنوب إرادة أهله وليس الإمارات    الذهب يسجل مستوى قياسيا ويقترب من حاجز 4,500 دولار للأونصة    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قوانين النظر والبحث المعرفي المجلس الأول
نشر في المشهد اليمني يوم 17 - 05 - 2022

حينما يستدلُّ الناظر على مسائل الشرع أو الطب أو الهندسة أو الفيزياء يجب عليه أن يتبع قوانين النظر والاستدلال وأنْ يكون أهلا لذلك مختصا فيه ليقول ما يراه من النتائج المبنية على المقدمات الاستدلالية الصحيحة بغيرِ هذا سيخرج العلم عن كونه علما إلى جروب مجموعي لمتفرّقات فكاهية أو جهالات تسهم في تضليل الفكر أو إضاعة وقت القارئ.
وفي النظر في فقه الكتاب والسنة يجب على الناظر أن يتبع قوانين النص القرآني وعاداته ومحكماته ومتشابهه ودلالاته اللغوية، وحينما ينظر الناظر إلى النص الشرعي فعليه عدة أمور:
1_ عليه أن لا يستدل في علم من العلوم الإنسانية وفي أي حقل من حقول المعرفة بالمحتمل المتساوي الذي لا يدل على ما يراد دلالة ظاهرة أو نصية فإنّ من أهمِّ قوانين الاستدلال إرجاع المحتمل إلى النص لأن المُحتمل لا يستدلّ به في مواطن النزاع وهذه قاعدة فكرية وفقهية وقانونية بل يستعملها سائر الكتاب في كل فنون المعرفة إلا باب الشعوذة والروايات فإنها لا تقوم على ذلك الأساس لأن مقصودها الغموض والإثارة والتضليل والحفاظ على التضليل والإثارة، لذلك لا يمكن لماهر في الشعوذة أن يكتب بحثا علميا من خلالها ولا لروائي أن يكتب بحثا علميا بقوانين الرواية القائمة على الإغراب والحبكة والإثارة..
هذه مسلّمات بحثية لا بد منها،فالبحث العلمي من صمد له التزم قوانينه، ومن أهمها طرح المحتمل والقضاء بالظاهر والنص عليه ولا يخالف ذلك باحث يريد العلم والنتائج الصحيحة، وهذا القانون منصوص عليه في القرآن حيث قال تعالى: «هُوَ الَّذِي أَنزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ ‌مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الألْبَابِ} [سورة آل عمران: 7]»
فانظر كيف قسّم ربنا كلامه إلى قسمين إلى محكم هن أم الكتاب وقانونه الذي يستدل به في الأحكام، وأخر متشابهات، والتعبير ب" أُخَر" دليل على البعضية والقلة لأنها مقابلة الأم الذي يدل على الأصل الذي يُلاذ إليه ..
ثم بيّن ماذا على النّاظر، أما النّاظر الباحث عن الحق فيلوذ إلى الأمهات المحكمات أم الكتاب وعليها أصول الاستدلال، أما من في قلبه زيغ وهوى ومزاج فيذهب إلى المحتمل المتشابه، ثم بين دوافعه وهي الفتنة والتحريف، فعلى الناظر أن يهرع إلى أم الكتاب لا إلى متشابهه فلا حجة في متشابه، بل جعله الله فتنة وابتلاء للناس، وانظر على سبيل المثال إلى قوله تعالى: (إن آمنوا والذين هادوا ...) الآية ، فهذا النص لا يوازي في الصراحة والقوة آيتين في القرآن الأولى : (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين).
والثانية: تنص على تكفيرٍ صريح لمن آمن ببعض وكفر ببعض بل جعلهم (الكافرون حقا)
{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ ‌نُؤْمِنُ ‌بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ‌‌(150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) }
وعلى هذا حمل العلماء الآية على سياقها، وسياقها في المائدة وفي البقرة في ذكر الأمم الماضية قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام .
فإن احتمل أنها على وجهها كانت تناقض تلك الصرائح فتقدم الصرائح عليها لأن مقام الاستدلال إن عارضه ما هو أقوى منه وأصرح بطل به الاستدلال فيُحمل على غيره، ثم انظر إلى الشرط في الآية حيث شرط على اليهود وغيرهم من آمن بالله واليوم الآخر فهو شرط وهو دليل على أنهم لو فعلوه، ومعنى الإيمان بالله توحيده وحده فخرج كل مثّلث أو مشرك لأنه يستحيل أن يأمر الله بالإيمان به والترخيص أن يقال ثالث ثلاثة.
2_ من أهم القوانين النظر إلى مادة اللفظة ومحلها من السياق لتحديد معناها إن كانت من المشترك ثم عليه أن ينظر في قوّتها من حيث الوضوح هل هي في درجة النص أو الظاهر،
ثم عليه أن ينظر في قوتها من حيث التكليف هل هي أمر أو نهي، ثم ينظر في قوتها من حيث العموم والخصوص، ومثال ذلك : قوله تعالى : (لَقَدْ ‌كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) ( لَقَدْ ‌كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [المائدة: 73]
فهو أصرح ما يكون في تكفير من قال ذلك فهو دليل على أن الكفر يكون بالقول ولا علاقة له بالعدوان على الغير فمن زعم أنه يشرط ذلك فقد كذب بهذه الآية الصريحة.
ومثله قوله تعالى : (قل أبالله وآياته ورسله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) فهذا نصٌّ على كفر من استهزأ بالله وكتابه ورسله ولو كان على سبيل المزاح فهذا صريح من حيث الدلالة والوضوح وعام من حيث العموم ومثله قوله تعالى: {‌لقد ‌كفر الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فقيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}
فكفَّرهم لقولهم ذلك عن الله .. لا لكونهم مستبدين أوغيره أو قهروا غيرهم ... الخ
3_ وجميع ما تقدم دلالات لغوية وأصولية مصدرها اللغة ولهذا عليه أن ينظر في أرباب اللغة من الصحابة وأهل اللغة الذي أودعوها دواينهم التي ملأت البسيطة والرجوع إليهم في هذا البند رجوعا معرفيا لفظيا دلاليا محضا.
4_ فإن تبين له صوابية هذه المعاني عليه أن يجمع كل ما تعلق بالمسألة من النصوص فإن القرآن كله من أوله إلى آخرة كالسورة الواحدة يخصص بعضها بعضها ويبين بعضها بعضا وهذا يعرف بكتلة الموازنات بين النصوص ويعرف كذلك بباب التعارض والترجيح وترتيب النظر والأدلة والمثال على ذلك كثير فمفردة الكفر مثلا تقدم أن القرآن صرح بأنها تطلق على الأقوال (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ) فمن زعم أنها غير ذلك فهو منكر للصريح فلا كلام معه وكذلك الكفر ثنائية تقابل الإيمان القلبي في الخطاب القرآني وهو كثير لا يكاد يحصى صراحة وسياقا فمن ذلك قوله تعالى: (ومن يكفر بالإيمان فقط حبط عمله) فتبيّن أن من كفر بالإيمان فهو كافر محض ولا علاقة له بغير ذلك، ولمزيد بيان للقاعدة هو : أن نزعم أن الكفر لا يكون إلا بالظلم وأن الظلم هو مجاوزة الحد في ظلم الناس وإذلالهم وقهرهم مع أن المعنى في اللغة للظلم ليس كذلك فقط بل أصله وضع الشيء في غير موضعه جاء في «جمهرة اللغة» (2/ 934): بن دريد الأزدي (ت 321ه) «‌الظَّلْم: مصدر ظلمتُه أظلِمه ظَلْماً، والظُّلْم، بِالضَّمِّ الِاسْم. وأصل ‌الظُّلْم وضعُك الشيءَ فِي غير مَوْضِعه» ، ومع ذلك نقول هذا معنى لغوي صحيح لكن من حيث التنزيل والحصر خطأ لأنه تخصيص لمعنى الظلم لغة على نوع منه وتخصيص للاصطلاح القرآني بدون أي دليل سوى التحكم والهوى والمزاج وهذا يبطل النظر ويضر به فالظلم يكون مع الكفر ويكون بدون الكفر وهذا من الضرورة العقلية والدلالية والقرآنية أما العقلية فعقلا وعادة هناك ظالم غير كافر كمن ظلم نفسه أو جاره وهناك ظالم كافر ..
ولذلك جاء الظلم في القرآن في وصف لا علاقة له بالكفر ، فمن ضارّ امرأته فهو ظالم لذلك جعله الله متعديا حدوده ظالما لنفسه ، ومن أكل مال اليتيم فهو ظالم في البيان القرآن (إن الذي يأكلون أموال اليتامى ظلما) ولاعلاقة له بالكفر ، وهكذا بين الله أن السارق عليه أن يتوب من ظلمه فسماه ظالما مع أنه ليس بكافر بل الذي يقتل بعضهم بعضها في حرب أهلية سماهم الله إخوة مؤمنين ودعاهم إلى المصالحة مع كون جهة منهم لا تخلوا من الظلم فتحصل من هذا أن الظلم لا علاقة له بالكفر من هذه الجهة لان الظلم اعم والكفر أخص وقد يجتمعان وقد يفترقان وأن قوله تعالى : (والكافرون هم الظالمون) أي هم على أقبح الظلم والدليل عليه قوله تعالى (إن الشرك لظلم عظيم ) لا أنه لا كفر إلا إن ظلم الغير وهذا لا دلالة عليه لا من سياق ولا نص ولا مفهوم ولا عادة قرآنية ولا لغة، ومعلوم أن الحصر في الخبر مع ضمير الفصل لا يلزم منه في قانون الخطاب القرآني الحصر والقصر المطلق بل مطلق الحصر والقصر لبيان الاستحقاق بهذا الوصف فقد قال سبحانه عن المتنابزين بالألقاب ﴿وَلَا تَنَابَزُوا۟ بِ0لۡأَلۡقَٰبِۖ بِئۡسَ 0لِ0سۡمُ 0لۡفُسُوقُ بَعۡدَ 0لۡإِيمَٰنِۚ وَمَن لَّمۡ يَتُبۡ فَأُو۟لَٰۤئِكَ هُمُ ‌0لظَّٰلِمُونَ﴾ [الحجرات: 11] وهذا الظلم ليس كفرا وليس حصرا فلا تلازم في الخطاب القرآني ولا العقلي ولا العادي كما أن الحصر في الخبر معناه المستحقون هذا الوصف أو من المستحقين ومثله قال في المسلم يتولى الكفار ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَأُو۟لَٰۤئِكَ هُمُ ‌0لظَّٰلِمُونَ﴾ [التوبة: 23]
لذلك قال تعالى عن اليهود (ألا إنهم هم السفهاء ) مع وجود سفهاء غيرهم وقال عن قوم شعيب (الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين ) ولا يقول عاقل ولا ناظر أنه حصر فتبيّن خطأ حمل الظلم على الكفر في مادة اللغة وقانون القرآن وهذا ناتج عن عدم القيام بقوانين النظر التي تعتبر ألف باء البحث ولهذا الخطأ الفادح في المقدمات نتجت نتائج فادحة لأنه يلزم من هذا تكفير كل الظالمين وهذا ما وقع فيه بعضهم الكتاب سامحهم الله وهداهم سواء السبيل حيث كفر بالجملة دولا وأفرادا _ صنعاء والقاهرة والخليج والباكستان_ وكل مسلم ظالم ففاق هذا التكفير داعش وتجاوزهم.
وإنما إخطأت الخوارج وداعش في الخطأ في قانون الاستدلال فداعش المعاصرة هذه فكرتها وأصل استدلالها.
5_ ثم إن صنع ذلك جاء ما يسمى فقه التنزيل وهو التنزيل على الحادثة المعينة بمحددات مضبوطة تنظر إلى الواقع وظرف المكلف وزمانه ومآلاته وغير ذلك فحين أفتي لشخص يريد القرض الربوي في أوروبا حيث لا سبيل لغيره ، لا يمكن أن أفتي لمثله في بلاد المسلمين لأنّ الضرورة تقدر بقدرها.
6_ النظر في أدلة الناظرين من أهل الاجتهاد والنظر لمعرفة لماذا قالوا بذلك وتحليله والجواب عن كل معارض.
7_ أن يكون متجردا منصفا قاصدا للحق لا مجرد الهوى والتشغيب وإبراز الذات والتعالي على العلماء ورصف الكلمات وحبك الألفاظ للفتِ النظر دون مسكة من عقل أو أثارة من علم.
هذه هي قوانين النظر المقررة في البحث ومناهجه فإن وصل إلى نتيجة بعد ذلك فإن غلب على ظنه صوابية رأي قاله وبيّن أسسه ووضح منهجه في الوصول إلى نتيجته.
8_ المقدمات الخاطئة تنتج نتائج خاطئة وقد تكون كارثية مثل نتيجة كفر العرب والمسلمين وإيمان ألمانيا وأوروبا وهذا مذهب الخوارج وداعش كما تقدم.
9_ ومن القضايا الكارثية التي سببها الخبط وعدم التريث في مقدمات النظر ما وصل إليه بعضهم أن مسألة الإيمان بالله ثانوية فدخل عليه الخلل إما من الهوى أو من القصور في الاطلاع أو من عدم إعمال مقدمات النظر الصحيحة وهنا يجب علينا الرجوع إلى صرائح القرآن كقوله تعالى : (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) بل ما بعث الرسل إلا بتوحيد الله
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ )
وقوله تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)
( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ) وفي منظومةالحقوق يقول تعالى بادئا بحقه ..
(واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا).
10 _ من القضيا المنهجية في البحث العلمي معرفة صحة المستند وصحة النقل وهو أحد الأسئلة الخمسة لإحداث بنائية تصورية لأي مسألة بحثية وهي سؤال التصور والماهية سؤال الدليل والدلالة سؤال الثبوت سؤال الموازنة والمعارضة سؤال الحكم والنتيجة وهذه الأسئلة الخمسة استقرائية وهي مستعملة في سائر البحوث المعرفية وأضرب هنا مثلا أبيّنُ فيه الخلل المنهجي عند تجاوز أحد هذه الأسئلة:
أحد الكتاب أورد عن مالك بن أنس أنه قال" دار الكفر هي الدار التي يخشى فيها المرء على نفسه ودينه وماله" ولم ينُسب إلى مالك هذا القول ولكن الذي أثار قضية الدار هو الفقه الحنفي جاء عن أبي حنيفة وليس فيه هذا الخطأ الفادح.. الذي بنى عليه نتيجة كارثية وهي تكفير أهل الإسلام ودولهم على طريقة داعش، قالَ أَبُو حَنِيفَةَ : إنَّهَا لا تَصِيرُ دَارَ الْكُفْرِ إلا بِثَلاثِ شَرَائِطَ , أَحَدُهَا : ظُهُورُ أَحْكَامِ الْكُفْرِ فِيهَا، وَالثَّانِي : أَنْ تَكُونَ مُتَاخِمَةً لِدَارِ الْكُفْرِ، وَالثَّالِثُ : أَنْ لا يَبْقَى فِيهَا مُسْلِمٌ وَلا ذِمِّيٌّ آمِنًا بِالأَمَانِ الأَوَّلِ , وَهُوَ أَمَانُ الْمُسْلِمِينَ . وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رحمهما الله : إنَّهَا تَصِيرُ دَارَ الْكُفْرِ بِظُهُورِ أَحْكَامِ الْكُفْرِ فِيهَا
بدائع الصنائع 7 / 130 131
وإنما جاء في المدونة للمالكية أن مكة لما كانت جار جاهلية قبل الفتح فهي دار حرب لأن أحكام الجاهلية فيها المدونة 2 / 22 .
ولم ينصوا على ما سبق ..
تبين من هذا أن من قوانين الاستدلال إثبات ثبوت النقل والخطوة التالية هي : هل هذا المنقول عنه يعتبر كلامه حجة أم لا ؟
هنا تساؤل يطرحه أي باحث يريد الحق لأن اللغة مثلا إن نقلتها عن سيبويه أو عن ابن عباس أو الصحابة فهذا حجة لأنها لفظية أما لو نقلت عنه مسألة خالفه فيها غيره لو صحت لما كانت حجة لأن الحجة لا تكون إلا في ظاهر ونصوص الكتاب والسنة وما رجع إليهما من التعليل المنصوص أو الأولوي أو مقاصد أو قواعد الشريعة...
11_ أخيرا من قوانين النظر المعرفي :
أن يكون قد خبر هذا الباب وأتقنه وصار عنده كالحرفة الصناعية التي يعرف مداخلها ومخارجها وليس مجرد هاو على قارعة الطريق المعرفي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.