مفتي الديار يندد باستهداف الصحفيين ويؤكد على استمرارية صوت الحقيقة    العميد الوالي يلتقي ضباط الحزام الأمني خريجي كلية زايد من الدفعة الثالثة    حماية سيادة الجنوب.. خط أحمر يرسمه المجلس الانتقالي    لملس يدعو الصين لإعداد خارطة طريق للتعاون الاقتصادي    لملس يدعو الصين لإعداد خارطة طريق للتعاون الاقتصادي    جولات قادمة من الحرب .. إسرائيل تعلن تشكيل مجلس تسليح خاص لمواجهة إيران واليمن    "إخوان الإرهاب" وإسرائيل: خبراء يكشفون تحالف الظل لتقسيم الأمة العربية    35 عامًا من العطاء.. إصلاح المهرة يواصل نضاله الوطني والدفاع عن الثوابت    يوفنتوس ودورتموند.. مواجهة بنكهة التسعينيات    سيدات العلا يتوجن بلقب كأس فاطمة بنت مبارك    ليس مثل أوراوا والعين.. الأهلي يحبط مفاجأة ناساف برباعية    "أمامها مهلة قصيرة جدا".. روبيو يهدد حماس ويطالبها بتسليم السلاح    تقرير خاص: العليمي فشل في اقناع قمة الدوحة بإصدار بيان يؤيد وحدة اليمن    اتحاد الشعب العربي والخليجي يدين العدوان الامريكي على صنعاء    الكيان يرد على قمة الدوحة بهجوم عنيف على غزة    ترك المدرسة ووصم ب'الفاشل'.. ليصبح بعد ذلك شاعرا وأديبا معروفا.. عبدالغني المخلافي يحكي قصته    ترك المدرسة ووصم ب'الفاشل'.. ليصبح بعد ذلك شاعرا وأديبا معروفا.. عبدالغني المخلافي يحكي قصته    ترك المدرسة ووصم ب'الفاشل'.. ليصبح بعد ذلك شاعرا وأديبا معروفا.. عبدالغني المخلافي يحكي قصته    تحالف ديني مذهبي يمني يستهدف الجنوب    رئيس الوزراء "معين بن بريك" يغادر إلى الرياضك "نموذج ساقط للإعلام المعادي"    المعلا: مديرية بلا مأمور أم مأمور بلا مديرية؟    مكاسب كيان الاحتلال من القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة    محمد وزهير الزعكري .. شهيدان اقتفيا أثر والدهما    قمة الدوحة تدعو إلى مراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل    بايرن ميونيخ يخسر جهود غيريرو قبل مواجهة تشيلسي وهوفنهايم    الاهلي السعودي يتخطى ناساف الاوزبكي في دوري ابطال اسيا    الحالمي يؤكد : تفاعلنا مع بطولة بيسان تقديرًا للحروي وحرصًا على إنجاح البطولة    الذهب يسجل أعلى مستوى تاريخي جديد    بيان إدانة    التضخم في السعودية يسجل أعلى وتيرة ارتفاع منذ أكثر من عامين    ضبط كمية من الذرة المجروشة غير الصالحة للاستخدام في تعز    تدشين العمل بشق قناة تصريف مياه الأمطار في بني الحارث بمبادرة مجتمعية    شرطة العاصمة عدن تستعيد مسروقات ثمينة من فندق في خور مكسر وتطيح بالمتهم.    حالتها مستقرة.. جلطة ثانية تصيب حياة الفهد    ديسمبر.. «شمس الزناتي 2» في دور العرض    افتتاح مدرسة الطارفة في أبين بعد توسعتها بتمويل إماراتي    محافظ شبوة يستقبل فريق مبادرة دليل شبوة الطبي الإلكتروني    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة عبدالله يحيى الآنسي    رئيس هيئة المدن التاريخية يطلع على الأضرار في المتحف الوطني    محور تعز يدشن احتفالات الثورة اليمنية بصباحية شعرية    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    برشلونة يدهس فالنسيا بسداسية مذلة    الدكتور عبدالله العليمي يؤكد دعم مجلس القيادة الرئاسي للبنك المركزي اليمني    منظمة صحفيات بلاقيود : مجزرة إسرائيل بحق الصحفيين جريمة حرب    العصفور .. أنموذج الإخلاص يرتقي شهيدا    سريع يعلن عن استهداف مطار وهدف عسكري في فلسطين المحتلة    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    محافظ حضرموت يرعى توقيع عقود مشاريع تحسين لشوارع مدينة المكلا    توقف تطبيق إلكتروني لبنك تجاري واسع الانتشار يثير الجدل على منصات التواصل الاجتماعي    في محراب النفس المترعة..    تعز.. مقتل مواطن إثر خلاف تطوّر من عراك أطفال إلى جريمة قتل    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    اليمن كل اليمن    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    رابطة علماء اليمن تدعو للصلاة بنية الفرج والنصر لأهل غزة    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    الصحة تغلق 4 صيدليات وتضبط 14 أخرى في عدن    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سقوط الطائف
نشر في المشهد اليمني يوم 10 - 07 - 2022


مقالات
محمد الصناعي
إن فكّرت أن تطوف على الخصال المعيبة وتجمعها في كتاب، فسمّه (الطائف)
بأعلى سقف للأمل، دخل الطّائف ليخرجها إلى فتح مكّة، فأخرجت إليه ثقيفًا، في كلّ ثقفي اثنين من قريش، طغيان أبي جهل، وسفاهة أبي لهب.
إذن لم تعد الطائف معسكرًا للفتح، كان أملًا، فخاب، فتدنّى سقف المطلب. صار يرجوها دارًا للهجرة!
وما ضرّها أن تكون حبشة أخرى في أرض العرب، ما يمنعها أن تأوي مستجيرًا وتمنعه الأذى؟
لا ضير، هذا طلب لا يُرد في أسلاف العرب أبدًا، إن الإيواء أقل ما يقدم للمستنصر تعويضًا عن النصرة، يُعرض ومعه حياء التخاذل عن نصرته واعتذار ملحّ..
أن يُقال له: لا طاقة لنا للخروج لنصرتك، ولكن لك أن تبقى في جوارنا، فنمنع عنك ما نمنع عن أنفسنا..
لكنّها الطائف!
أجمعت أمرها على أن يُردّ المستجير إلى حيث أتى وعلى الفور!
إن كانت قريش هي الرمضاء، فالطائف هي النار، فيا وحشة المستجير ويا لغربته وحرقته واحتراقه!
سقط أمل الفتح، وبعده هار رجاء الهجرة، يا لسقوط يردّ المستنصر المظلوم إلى ظالمه خائبًا لا فاتحًا، مظلومًا لا منتصرا!
إلى أين يعود؟
لقد ترك قريشًا على خلاف من أمره، بعضها يقول اقتلوه، وبعضها يقول دعوه وشأنه!
أمّا أن علمت قريش أنه استنصر عليها أعدائها، فستجمع أمرها على قتله، فكان بصيص أمله المتبقي ألا تعلم، فطلب من الطائف التي أبت نصرته وأيوائه أن تكتم خبر مجيئه، ليتسنى له العودة إلى وضعه الذي كان فيه قبل استجارته!
ما أقسى أن تنحاز إلى فئة تطلب نصرتها على الظالمين، فتدفعك إلى وضع ترجو كتمانها أمر المجيء، كيلا يشتد ظلم الظالمين إن علموا بالأمر!
هذا مطلب كان ينبغي أن تطلبه الطائف ولا يُطلب منها، لأنه مجاب دون سؤال ما دام في القوم باقية من أخلاق. فإن كان تخاذلها عن نصرة مظلوم يبرره كراهة الحرب، وكان اعتذارها عن إيواء مستجير يبرره خوار الذود والمنعة، فما يبرر وشايتها عن المظلوم والمستجير بعد أن خذلته وطردته؟
لا شيء يبرر إلا كتمانها، أن تكتم أمره كوصمة عار إن تفشت لحقت بها سُبة الأبد..
لكنّها الطائف!
لا أدري من أي تربة خلقت!
يقول لها بعد أن بدت سوءتها: اجعلي هذا الأمر سرًا، فجعلته في جريدة الحوادث تطوف أحياء العرب حتى تناهت إلى قريش وصارت قريش تترصده في الطرقات!
عن خيبة الأسفار، يقول امرؤ القيس:
(ولقد طوفت في الآفاق حتّى... رضيت من الغنيمة بالإيابِ)
الله الله!
علّقت سابقًا على قصة يوسف تعليقًا نتج عن تخيلي للموقف وشعوري به:
في غيابة الجُب طفلٌ بريء خرج مع إخوته يرتع ويلعب! هذه أقسى الخيبات!
والآن أعلّق من تخيلي للموقف وإحساسي به:
في الطائف مستنصرٌ يفاوض أهلها على الخروج الآمن!
هذه أقسى الخيبات وأشدها مرارة!
فلا والله، ما كانت غيابة الجُب على يوسف أوحش من الطّائف على نبينا!
استنصرها، فخيّبته، استجارها، فخذلته، استأمنها، فخانته!
خيبة وخذلان وخيانة.. هذه عقوبة لا يستحقّها ظالم جاء بجيشه غازيًا، فما بال مظلوم جاء وحيدًا مستنصرا؟!
أهناك قعرٌ للسّاقطين أعمق من هذا؟!
لابد أن في القوم من يقول: كفوا عنه الأذى، يكفيه ما فرّ منه، وما لاقاه منا، وما سيلقاه حين عودته إلى قريش، دعوه يخرج آمنا..
لكنّها الطائف!
لا رجل رشيد فيها، كلّ رجالها أبي لهب، وكلّ نساؤها أم جميل!
أرسلت قبله الوشاة، وبعثت خلفه السّفهاء يهيلون عليه الحصى والحجارة!
تخيل واستشعر معي:
أن تُدمى قدماك فرارًا من مكان فررت إليه!
ثمّ قل لي، أهناك خيبة أقسى من هذه!؟
في الحقيقة هي ليست خيبة، بل هي.. لا أدري!
خذ قلمًا واكتب كلّ ما تحفظ من الانحطاط الأخلاقي، ثمّ ارسم نقطًا بعد آخر ما تكتب، فأنت لم تنتهِ. هناك انحطاطات لا تحفظ اسمها، وأخرى لم تسمَ، وإن شئت أن تختزل عالم الانحطاط في كلمة واحدة، فاكتب (الطّائف)!
حبيبي يا رسول الله! إنها الطائف!
طائف الأمس هي طائف اليوم!
الطائف التي استنصرتها على حرب ظالميك، فاراقت دموعك ودمك خذلانًا وقهرًا وأذى، هي الطائف التي استنصرناها على حرب ظالمينا، فسقتنا من ذات الكأس، كأس الخيبة، والخذلان، والخيانة والغدر!
لو كان الكفر دافعهم للذي صنعوا بك قبل إسلامهم، لكان إسلامهم مانعهم اليوم..
ولكنّه المعدن الرخيص والأخلاق الهابطة..
في البستان، قلبٌ ينزف!
نبينا المظلوم، خرج من مكّة يدعو، وخرج من الطائف يشكو..
يدعو المظلوم في كلّ وقت، ولكنّه يشكو حين يتجاوز الظلم مداه، ويبلغ القهر منتهاه!
وإن ظروف الشكوى أحلك من ظروف الدعاء، ولهجة الشّاكي ألح من لهجة الدّاعي وأعظم انكسارًا وتذللا!
«اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني، أم إلى قريب ملّكته أمري. إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي، ولكن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا و الآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل عليّ سخطك. لك الحمد حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلى بك»
شكوى بعمق الظلم والقهر والانكسار، إنّها استغاثة عاجلة انزلت جبريل من فورها يستأذن المظلوم أن يطبق على الظالمين الأخشبين!
ورغم الجراحات الطرية، ورغم الدماء التي ما زالت تنزف، لم يأذن له!
سار بقدميه الداميتين مظلومًا في حذرٍ وتخفّي يحمل الجراح وقرًا، حتى بلغ غار حِراء خائفًا وهو الذي بإمكانه أن يدخلها منتقمًا شر انتقام..
يتوارى في الغار، فليس بمقدوره أن يدخل مكّة وهي سيف ينتظره بفارغ الصبر!
ولكن قريش ليست الطائف..
بعث النبي مبعوثه سرًا إلى مطعم بن عدي يستجيره!
مطعم أحد رؤوس الأعداء الذي ينتظرونه، أتراه يجيره؟!
حين وصل مبعوث رسول الله إلى مطعم بن عدي وأبلغه الخبر، لم يرد عليه بشق حرف، هب واقفًا ينادي بسيفه ودرعه، وجمع أولاده وقلّدهم السيوف والدروع، وقال لهم (لا يمس محمد بأذى ونحن أحياء) وما أصبحت مكّة إلا والنبي يدخلها وحوله مطعم بن عدي وأبنائه شاهري سيوفهم، في أتم الاستعداد للقتال والموت!
عندما رأى أبو جهل مطعم وأبنائه على تلك الهيئة التي لا تقبل التفاوض إلا بالضرب والطعن، كان أول من صرخ (نجير من أجار مطعم بن عدي)!
هناك قبورٌ لا يجوّز لك الدين أن تقرأ الفاتحة حين تمرّ بأحدها، ولكنّك ستفعل كلّ ما هو مباح وممكن، كأن ترفع القبعة وتضعها على القبر تقديرًا واحترامًا لساكنه..
من هذه القبور، قبر مطعم بن عدي!
* الطائف
1. 2. 3. 4. 5.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.