رئيس إيران: لا نسعى للتسلط وإسرائيل تسعى لضرب المسلمين واحدا تلو الآخر    أرقام صادمة لحمى الضنك في الجنوب    للكبار فقط...    الانتقالي ومعايير السيطرة في الجنوب    يران وإسرائيل تصعّدان 100 صاروخ تضرب حيفا وتل أبيب وتُخلّف أضرارًا واسعة    مستشار بوتين.. انفجار النهاية: إسرائيل تهدد بتفجير نووي شامل    التوقعات المصيرية للجنوب في ظل الحرب الإسرائيلية الإيرانية    اغلاق السفارة الامريكية في اسرائيل وهجوم جديد على طهران وترامب يؤمل على التوصل لاتفاق مع إيران    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي    القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «الأخيرة»    خلال تفقده الانضباط الوظيفي في وزارتي النقل والأشغال العامة والنفط والمعادن    الأمم المتحدة.. الحاضر الغائب!!    صحيفة امريكية تنشر تفاصيل عن عملية الموساد في إيران    أكد تأييد اليمن للرد الإيراني على العدوان الصهيوني .. قائد الثورة : الأمة بحاجة لاستعادة معادلة الردع في مواجهة العدو الإسرائيلي    مجلس الشيوخ الباكستاني يوافق بالإجماع على دعم إيران في مواجهة العدوان الصهيوني    ثابتون وجاهزون لخيارات المواجهة    عراقجي: امريكا واوربا تشجع عدوان اسرائيل والدبلوماسية لن تعود إلا بوقف العدوان    الفريق السامعي: الوطنية الحقة تظهر وقت الشدة    الصحة العالمية: ارتفاع حالات الوفاة والإصابة بحمى الضنك في محافظتين يمنيتين    العقيد العزب : صرف إكرامية عيد الأضحى ل400 أسرة شهيد ومفقود    حصاد الولاء    مناسبة الولاية .. رسالة إيمانية واستراتيجية في مواجهة التحديات    إب.. إصابات وأضرار في إحدى المنازل جراء انفجار أسطوانة للغاز    مرض الفشل الكلوي (8)    تعيين غاتوزو مدرباً للمنتخب الإيطالي    من يومياتي في أمريكا .. صديقي الحرازي    الاطلاع على سير العمل في الوحدات التنفيذية التابعة لمصلحة الضرائب    شعب حضرموت يفسخ عقد الزريقي    الحلف والسلطة يخنقون الحضارم بقطع الكهرباء    بدء حملة كلورة للمياه في ذمار    هيئة الآثار :التمثالين البرونزيين باقيان في المتحف الوطني    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي    البكري يرأس اجتماعًا لوكلاء القطاعات العامة ويناقش إعداد خطة ال (100) يوم    نائب وزير الخدمة المدنية ومحافظ الضالع يتفقدان مستوى الانضباط الوظيفي في الضالع    رئيس الوزراء يوجه بسرعة إطلاق العلاوات للجامعات والتربية والتعليم والصحة    يوفنتوس يجهز عرضًا ضخمًا لجيوكيرس    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 15 يونيو/حزيران 2025    قوات الجيش تعلن إفشال محاولة تسلل شمال الجوف وتكبّد المليشيا خسائر كبيرة    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    انهيار جزئي في منظومة كهرباء حضرموت ساحلا ووادي    الضالع.. رجل يفجّر قنبلة داخل منزله ويصيب نفسه وثلاثاً من أسرته    أهدر جزائية.. الأهلي يكتفي بنقطة ميامي    كسر وجراحة.. إمام عاشور خارج المونديال    اليغري كان ينتظر اتصال من انتر قبل التوقيع مع ميلان    اسبانيا تخطف فوزاً من رومانيا في يورو تحت 21 عاماً    بعد أيام من حادثة مماثلة.. وفاة 4 أشخاص إثر سقوطهم داخل بئر في إب    صنعاء.. التربية والتعليم تحدد موعد العام الدراسي الجديد    حضرموت.. خفر السواحل ينقذ 7 أشخاص من الغرق ويواصل البحث عن شاب مفقود    صنعاء تحيي يوم الولاية بمسيرات كبرى    - عضو مجلس الشورى جحاف يشكو من مناداته بالزبادي بدلا عن اسمه في قاعة الاعراس بصنعاء    سرقة مرحاض الحمام المصنوع من الذهب كلفته 6ملايين دولار    اغتيال الشخصية!    الأستاذ جسار مكاوي المحامي ينظم إلى مركز تراث عدن    قهوة نواة التمر.. فوائد طبية وغذائية غير محدودة    حينما تتثاءب الجغرافيا .. وتضحك القنابل بصوت منخفض!    الترجمة في زمن العولمة: جسر بين الثقافات أم أداة للهيمنة اللغوية؟    اليابان.. اكتشاف أحفورة بتيروصور عملاق يقدر عمرها ب90 مليون عام    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آية السيف
تأملات قرآنية
نشر في الجمهورية يوم 21 - 02 - 2014


«2»
: يقول تعالى {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }التوبة5. من المقصود ب “ المشركين “ في الآية : الإشكال الوارد في فهم هذه الآية هو توسيع لفظ المشركين ليشمل كل مشرك في كل زمان ومكان فهل لفظ المشركون عام لكل مشرك في كل مكان وفي كل زمان ؟ أم هو لفظ عام أريد به الخصوص ؟ فيكون التعريف للعهد ويكون المقصود به هم المشركون في زمن معين وفي مكان معين ,ومن هولاء المخصوصين هل هم مشركو مكة فقط أم مشركو العرب أي من هم في جزيرة العرب ؟ وهذا التخصيص ذكره بعض المفسرين -كالجصاص ورشيد رضا. أقول هذه الآية خاصة بالذين نقضوا العهد من مشركي مكة في ذلك العهد فقط كما تدل على ذلك القرائن التالية : القرينة الأولى : أنهم كانوا هم المقصودين في سياق الخطاب فهم من أبرم العهد مع النبي وهم الذين نقضوه. جاء في تفسير مقاتل “(فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) يعنى هؤلاء الذين لا عهد لهم إلا خمسين يوماً” , لأنه يرى أن الأربعة الأشهر هي الحرم ولذا تبقى عنده خمسين يوما لهم فقط وهذا رأي مرجوح والراجح أنها تبدأ من يوم إعلان البراءة. وقال الزمخشري “ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ يعني الذين نقضوكم وظاهروا عليكم” وقال النسفي “فاقتلوا المشركين الذين نقضوكم وظاهروا عليكم” وقال أبوالسعود “المراد بالمشركين في قوله تعالى (فاقتلوا المشركين) الناكثين خاصة.
وقال البيضاوي : فاقتلوا المشركين أي الناكثين” . وقال ابن العربي: أن المراد بالآية اقتلوا المشركين الذين يحاربونكم” .وقال الجصاص “قوله تعالى فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم خاصا في مشركي العرب دون غيرهم” . القرينة الثانية : أن الله تعالى ذكر في الآيات التي تليها أن هؤلاء المشركين ليسوا مؤهلين لعمارة المسجد الحرام ما داموا على الشرك , ولم يكن يقوم على عمارة المسجد الحرام غير مشركي قريش . يقول تعالى في الآيات التي تلي آية السيف “مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ{17} إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ{18}. القرينة الثالثة: أن الله تعالى حرم على المشركين القرب من المسجد الحرام فتكون مكة خالصة لله خالية من الشرك والمشركين, وهذا يعني أن المقصود بالمشركين هنا هم مشركي مكة ,يقول تعالى في ختام الآيات التي تتحدث عن قتال المشركين “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{28}. القرينة الرابعة : أن الله ذكر في نفس الآيات مبررات هذا القتال وهي ثلاثة ولا تنطبق إلا على كفار قريش خاصة فقال تعالى : {أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ }التوبة13.يقول ابن كثير “ ألا تقاتلون قوما ...وهذا أيضا تهييج وتحضيض وإغراء على قتال المشركين الناكثين بأيمانهم الذين هموا بإخراج الرسول من مكة.
القرينة الخامسة : أن من جاء الأمر بقتالهم وصفهم الله بصفات هي السبب في تخصيصهم بهذا الحكم فكان الجزاء من جنس العمل فهم قاتلوا المسلمين عشرين عاما وآذوهم وأخذوا أموالهم وأخرجوهم من ديارهم , فأصبحوا لا يؤمن منهم ويمكن أن نسميهم بمصطلحات عصرنا “ مجرمي حرب” وهذه الصفات التي جاءت في الآية لا تقع إلا على مشركي قريش:{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ }البقرة191.يقول الجصاص “قوله عز وجل “ واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم “ وذلك صفة مشركي أهل مكة الذين أخرجوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فلم يدخل أهل الكتاب في هذا الحكم وهذا يدل على أن مشركي العرب لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف لقوله “ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة” . ويقول رشيد رضا :” والمراد أنه لا يمكن أن يعيش المسلمون معهم بحكم المعاهدات المرعية فيأمن كل منهم شر الآخر وعداوته , مع بقائهم على شركهم الذي ليس له شرع يدان به , فيجب الوفاء بالعهد بإيجابه , كيف وقد سبقهم إلى الغدر ونقض الميثاق , من كانوا أجدر بالوفاء وهم أهل الكتاب ! . هذا هو الأصل الشرعي الذي بني عليه ما جاءت به هذه السورة من نبذ عهودهم المطلقة , وإتمام مدة عهدهم المؤقتة لمن استقام منهم عليها” . القرينة السادسة : أن هذه الآية تفهم في سياق الشرط وهي تشبه قوله تعالى “فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض” فهل يفهم من هذه الآية أنه بعد انقضاء صلاة الجمعة يكون الانتشار إلى ما لا نهاية؟ هذا لا يصح ولا يقول به أحد, وإنما الانتشار بعد الصلاة مرتبطا بزمان , فالأمر المرتبط بشرط يفهم في سياق الشرط. فالذي يفهم من الآية أنه خطاب للمسلمين في ذلك الزمان الذي عاهدوا المشركين فيه فنقضوا عهدهم , فأمهلهم الله أربعة أشهر بعدها يجوز قتالهم فهو أمر وقتي مقيد بزمانه ورجاله .
والقائلون بتعميم الآية سيقعون في عدة تناقضات : منها أنه لو كان الكفر أو الشرك هو علة القتل لما جاز أن يرد المشرك إلى مأمنه -كما جاء في آية تأمين المستجير التي تلي آية السيف- ولجاءت الآيات بقتله مباشرة حتى وإن استجار. وكذلك لو كان الشرك هو علة القتل للزم من كل مسلم اليوم أن يتوشح سيفه ليقاتل العالم ولأصبح كل المسلمون اليوم مذنبين لأنهم لا يقاتلون الشرك في كل مكان. ثم إن قوله تعالى “ {إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ }التوبة4 , يؤكد أن العلة ليست الشرك بحد ذاته , ولذلك استثنى الله المشركين الذين لم ينقضوا العهد الذي أبرموه عند المسجد الحرام. وهؤلاء سيكون مصيرهم بعد انتهاء عهدهم أن لا يقاتلوا ولكنهم سيمنعون من دخول المسجد الحرام بعد هذا العام عملا بالآية الأخرى , وهي إشارة إلى أن مدة عهدهم ستنتهي في أقل من عام لأن العام القادم سيمنعون من دخول المسجد الحرام فيبقى خالصا للمؤمنين. فالآية قسمت مشركي مكة الناقضين للعهد بعد انتهاء الهدنة إلى ثلاثة أقسام : مصر على نقض العهد وتائب دخل الإسلام ومستجير دخل في إجارة المسلمين.
والأول يقتل والثاني يدخل مع المؤمنين والثالث يجيرونه حتى يسمع كلام الله ثم يؤمنوه . لماذا التخصيص لمشركي مكة فقط: لأن أهل مكة قد ساموا المؤمنين سوء العذاب ، وصادروا حريتهم الدينية ،واضطهدوهم في عقيدتهم التي اطمأنوا إليها وفتنوهم في أموالهم وأنفسهم ، وأخرجوا من ديارهم وأوطانهم , وحاربوهم طوال عشرين عاما فكان الجزاء من جنس العمل , وهكذا اقتضت حكمة الله تعالى تطهير المسجد الحرام فلا يبقى فيه إلا مؤمن وسيكون مصير من انتهت مدة عهده وهي ستنتهي قبل عام -كما أشرت من قبل- هو الإيمان أو البقاء على شركه مع منعه من دخول المسجد الحرام .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.