البحسني يشهد عرضًا عسكريًا بمناسبة الذكرى الثامنة لتحرير ساحل حضرموت    يجب طردهم من ألمانيا إلى بلدانهم الإسلامية لإقامة دولة خلافتهم    ماذا لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل؟    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    شاهد ما الذي خرج من عمق الأرض في الحرم المدني عقب هطول الأمطار الغزيرة (فيديو)    إعلان حوثي بشأن تفويج الحجاج عبر مطار صنعاء    بينها الكريمي.. بنوك رئيسية ترفض نقل مقراتها من صنعاء إلى عدن وتوجه ردًا حاسمًا للبنك المركزي (الأسماء)    استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بمجازر جديدة للاحتلال وسط غزة    قيادي حوثي يذبح زوجته بعد رفضها السماح لأطفاله بالذهاب للمراكز الصيفية في الجوف    انهيار كارثي للريال اليمني.. والعملات الأجنبية تكسر كل الحواجز وتصل إلى مستوى قياسي    ماذا يجري في الجامعات الأمريكية؟    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    البخيتي يتبرّع بعشرة ألف دولار لسداد أموال المساهمين في شركة الزناني (توثيق)    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    فشل العليمي في الجنوب يجعل ذهابه إلى مأرب الأنسب لتواجده    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    لأول مرة.. مصر تتخذ قرارا غير مسبوق اقتصاديا    رسالة سعودية قوية للحوثيين ومليشيات إيران في المنطقة    ليفاندوفسكي يقود برشلونة للفوز برباعية امام فالنسيا    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    طفلة تزهق روحها بوحشية الحوثي: الموت على بوابة النجاة!    الكشف عن الفئة الأكثر سخطًا وغضبًا وشوقًا للخروج على جماعة الحوثي    ثلاثة صواريخ هاجمتها.. الكشف عن تفاصيل هجوم حوثي على سفينة كانت في طريقها إلى السعودية    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    رئيس مجلس القيادة: مأرب صمام أمان الجمهورية وبوابة النصر    الجرادي: التكتل الوطني الواسع سيعمل على مساندة الحكومة لاستعادة مؤسسات الدولة    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    رئيس كاك بنك يشارك في اجتماعات الحكومة والبنك المركزي والبنوك اليمنية بصندوق النقد والبنك الدوليين    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    فيتنام تدخل قائمة اكبر ثلاثة مصدرين للبن في العالم    عاجل محامون القاضية سوسن الحوثي اشجع قاضي    ليفربول يوقع عقود مدربه الجديد    رباعي بايرن ميونخ جاهز لمواجهة ريال مدريد    قائمة برشلونة لمواجهة فالنسيا    المواصفات والمقاييس ترفض مستلزمات ووسائل تعليمية مخصصة للاطفال تروج للمثلية ومنتجات والعاب آخرى    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    وفاة امرأة وإنقاذ أخرى بعد أن جرفتهن سيول الأمطار في إب    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    كانوا في طريقهم إلى عدن.. وفاة وإصابة ثلاثة مواطنين إثر انقلاب ''باص'' من منحدر بمحافظة لحج (الأسماء والصور)    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    ريمة سَّكاب اليمن !    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القتال في القرآن .. سيف بلا دماء..!
نشر في الجمهورية يوم 11 - 10 - 2013

ليس رقصاً على الأشلاء المتناثرة والجثث المحزونة،وليس ولوغاً في مستنقعات الدماء، والركض وراء الموت والدموع.. ولم يكن يوماًليحوّل الفئة المؤمنة إلى مجاميع مسلحة ،تقطع الطريق وتخيف السبيل وتقتل على الهوية.. ولم يكن القتال في القرآن.. لإكراه الناس على تغيير معتقداتهم ،أوتبديل قناعاتهم الدينية..
فغاية القتال حماية الإنسان وكرامته من الظلم والعدوان (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ..) والظلم والقتل وإخراج الإنسان من وطنه وأهله ليس لشيء إلا لقولهربنا الله..وإن لم يكن هذا استنكار لمن يقتل الناس لأجل معتقداتهم فماذا قد نسميه !! وبمعنى آخر ، إن هؤلاء القوم لم يقتلوا أو يعتدوا على أحدٍ حتى يقتلوا ويهجروا من أوطانهم. فالاعتناق وحده ليس مبررا لقتل الناس والاعتداء عليهم، وهذا ما صرح به القرآن الكريم (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ..) وقوله تعالى(وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (190) وقوله تعالى (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7) لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
بل القرآن الكريم يمنّ على المسلمين بتجنيبهم القتال.. كون القتال أمراً غير محبب للنفوس (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا).
كذلك كان القتال أمراً مكروهاً لصحابة النبي الكريم، وليس كما يروج اليوم بين هواة القتل الديني ،ومتعطشي سفك الدماء (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).
فالقتال وإن كان مكروهاً فهو حياة في مواجهة آلة الموت والإكراه والظلم، فكرامة الإنسان وحريته تحتم على الإنسان تصدره بقوة لوقف ما يمارس من استعباد وعدوان على الإنسان، حتى لا يطرد من أرضه، ويفتن في دينه، وتصادر حريته وإنسانيته.
وتكمن خيرية القتال في منع القتال بردع المعتدي وقص سيفه ورقبته إن لزم الأمر.(وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) حتى لا يفتن الناس لتغيير معتقداتهم تحت حد السيف، ويكون الدين لله فلا يكره أحد على الدخول فيه, كما ذكرنا ذلك في قوله تعالى (لا إكراه في الدين) وهذا هو دينه الذي لا يُكره أحد عليه ..والقيام بما يتوفر من وسائل الإعداد في مجال القوة لإرهاب المعتدي ومنعه من غرس أنياب الموت في جسد الحياة (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) ).
قتل المؤمن والمسالم :
وماينبغي لمؤمن - حسب المنظور القرآني أن يقتل مؤمناً إلا خطئاً.. لأن قتل النفس الواحدة كقتل الناس جميعاً وأنى بعد ذلك أن تنال القاتل رحمة الله!!, بعد أن سلب حياة الناس وعاث فيها فساداً..وسيقول قائل : وما حكم المسالم من غير المؤمنين؟نقول: حكم المسالم كحكم المؤمن وما ينال قاتل المؤمن يناله، وفي هذه الآيات حقيقة ما نقول: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92) وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا).
فبعد أن بين أحكام قتل الخطأ في صورها الثلاث التالية:
قتل المؤمن بين مجتمعه، وقتل المؤمن في قوم العدو، وقتل غير المؤمن في قوم بين الجميع ميثاق.. ذكر بعد ذلك القتل العمد وجزاءه وحكم قتل المسالم الذي هو كحكم قتل المؤمن (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا).
فهو وإن لم يكن مؤمناً إلا أن حكمه كحكم المؤمن.. فدمه حرام لمسالمته وعدم اعتدائه على الغير، فنهانا الله عن قتله وعدم تبرير ذلك بعدم إيمانه، فيفهم من هذا النهي أن حكمه كحكم المؤمن ولا فرق لأن النفس عند الله واحدة.. ما كانت مسالمة للبشربغض النظر عن نوع معتقداتها. وليس الأمر كما يصوره هواة المشي في الظلام, والنوم على شوكة الحرب.. إن السلام هنا: بمعنى التحية كعلامة على الإسلام لتبرر قتل المسالم المخالف.. فالتحية تلقى على الإنسان , وليس إليه وما يلقى إلينا هو السلام الذي هو نقيض الحرب والقتال وخاصة والسياق هو في القتال ونعجب من بعض المفسرين كيف تناولوا السلام بمعنى التحية ! والفرق بين إلى، وعلى واضح.. كون التغيير في المبنى تغيير في المعنى..!!
آية السيف وتحقيق مدلولها:
وبعد هذه الصورة الجلية لآيات القرآن، ونورها المتفجر سلاماً وأمناً تغتسل البشرية بضوئه كل صباح في حب ووئام إلا أن هناك من الآيات التي قد يفهم منها غير ما ذكرنا,ولكن من نظر إليها في ضوء ما ذكرنا لن يجد عسراً في فهمها أو مشكلة فالجمع بينها وبين الآيات سابقة الذكر..وهي ما يطلق عليها بآيات السيف في سورة “براءة”.
تتحدث هذه الآيات الكريمة عن ثلاث فئات من المشركين:
الفئة الأولى: فئة نكثت العهد ولا يمكن أن يكون لها عهد .. كونهم قتلة لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة , وليس أمامهم إلا خيارات محددة للبقاء ، وهي:
الخيار الأول: الخروج من مكة وعدم قرب المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإلا تم قتلهم وأخذهم وحصرهم بعد انتهاء المهلة المقررة إن أصروا على البقاء.
الخيار الثاني: التوبة، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة والدخول في السلم الاجتماعي بشروطه المذكورة.. التي بالطبع لن يلتزم بها من يحمل هذا الكم من الحقد على المسلمين ومحاولة استئصالهم من الخارطة الدينية (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).. والبعض يفهم الأمر بالصلاة بمعنى الصلات الاجتماعية المبنية على السلام وتطهير النفس وتزكيتها.
الفئة الثانية: فئة بقيت على العهد وهؤلاء يستقام لهم ما استقاموا على العهد (إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ).
الفئة الثالثة : فئة ليست من أصحاب العهود وتريد أن تعرف حقيقة الحكم على المشركين بعد نهاية المهلة, لكي تحدد موقفها (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ ) وبعد سماعه كلام الله في المشركين يتم إبلاغه المكان الذي يأمن فيه أو يبلغه الأمان حتى يتم له الإيمان أو البقاء على ما هو عليه خارج السلطة المكانية للمسلمين.
وإذا فهم هذا.. ننتقل إلى حكم الله في أهل الكتاب والجزية.
أهل الكتاب والجزية :
وقبل الكلام حول هذا الموضوع لا بد من تحديد فارق المعنى بين اقتلوا، وقاتلوا, فاقتلوا تفيد فعل القتل ،ولو من طرف واحد ، وقاتلوا تفيد التفاعل والمشاركة في القتل بين طرفين وعلى هذا نفهم حكم الله في المشركين الناكثين بقوله (اقتلوا) حتى ولوا أنهم لم يقابلوا ذلك بقتال..كحكم على أعمالهم السابقة التي ترتب عليها حرمانهم من البقاء في مكة لنكثهم العهود والتربص بالمؤمنين..بينما أهل الكتاب كان قتالاً رداً على قتال بين جبهتين ، ولذلك كان التعبير القرآني “قاتلوا”(قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ).
وإعطاء الجزية هي نهاية لوقف القتال الذي ابتدأه الآخر.. كعقوبة على عدوانهم وليست سبباً لوقوع القتال، كما تصوره بعض روايات الأحاد التي أغفلت قوله تعالى (حتى يعطوا الجزية..) فالتقاتل سبب للجزية وليس منع الجزية سبباً للقتال ، ويمكن أن تنسحب عقوبة الجزية على كل من يبدأ القتال حتى لو كان المعتدي من المسلمين, كونها عقوبة تأديبية تأخذ مرة واحدة لفض القتال في حال قوة المنتصر وصغر المهزوم، وماصاحب الآية من أوصاف كعدم إيمانهم وتحريمهم لما حرم الله.. فهي ليست سبباً في القتال، وإنما هي أوصاف طردية للذي يقاتلنا وتحفزنا لقتالهم لا أكثر، وإن كان القتال لكل من يعتقد ذلك فكيف يبيح الله لنا الزوج من نسائهم!! إلا إذا كان المقصود ما ذكرنا (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ..).
ويتقرر من كل ما ذكرنا حول الآيات الكريمة..الأمور التالية:
أولاً: القتال في الإسلام مبرره القتال والعدوان لأن الله لا يحب الاعتداء.
ثانياً: القتال أمر مكروه للنفس وهو ضرورة وخير في رد العدوان والدفاع عن النفس.
ثالثاً: حكم قتل المسالم كحكم قتل المؤمن (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِناً).
رابعاً: المشركون ليسوا لوناً واحداً ومن أمر الله بقتلهم في آية السيف هم من نكثوا العهود.
خامساً: قتال أهل الكتاب جاء في إطار فعل المشاركة (قاتلوا) الذي يدل على رد عدوان ومقاتلته.
سادساً: الجزية نهاية لوقف القتال كعقوبة على عدوان المعتدي وليست سبباً لوقوع القتال ولكن للاستمرار فيه نكاية بالمعتدي.. وليس كما تصوره بعض روايات الآحاد التي أغفلت قوله تعالى (حتى يعطوا الجزية..) فالتقاتل سبب للجزية, وليس منع الجزية سبباً للقتال وإنما لمواصلته والاستمرار كرد على المعتدي.. بحيث لا تفهم هذه الآية أن الله يحب الاعتداء على الناس وأخذ أموالهم وهو القائل (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ).
في الختام :
سيف القتال في القرآن.. سيف مسالم لم يلطخ بالدماء البريئة يوماً، ولم يشهر على المخالف لقهره وتبديل معتقده، وهو حرب على المعتدي المتنصل، فنحن نتحدث عن دين السلام، فتحيته سلام، وسبله سلام، وجنته سلام ومنزله سلام، ولو كره أصحاب المذاهب الحمراء والتدين الشارد عن الإسلام.. ولا ينتهي في السلام والحب كلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.